الرئيسيةتنمويرأي وتحليل

الجمال التنموي!!! – مازن بلال

الانتماء هو عقيدة جمالية قبل أن تكتسب أي مظهر فكري

سناك سوري -مازن بلال

شرط التنمية “الجمال”.. أن يقتنع من يريد المباشرة بأي عمل بأهمية المحفز الجمالي لخلق إرادة محلية مشتركة، فلا تنمية مع تشوه بصري أو مع مكان يستفز العقل بتشوه بصري ويحرض الذاكرة لصور الإرهاق التي يسببها جغرافية المجتمعات المحلية.
عمليا فإن التنمية المستدامة يمكن بناؤها بعامل مادي فقط، وبخلق سلسلة إنتاج ترفع المستوى المعيشي، ولكنها في نفس الوقت تشكل انتقال في ثقافة الحياة وفي تصور المكان اللائق لمعيشة البشر، فالتنمية التي تقوم على خلق تلوث جديد ستقضي في النهاية على أي سلسلة إنتاج، وستقضي على “الانتماء” للمكان الذي يشكل أساس أي إنتاج مستدام على المستويين المحلي والعام، فالانتماء هو عقيدة جمالية قبل أن تكتسب أي مظهر فكري، وهي أيضا القدرة على بناء محيط يخلق قناعة بضرورة البقاء والعمل لتحقيق التنمية بدلا من الهجرة.
في صور مجتمعاتنا المحلية رغبة في الانعتاق من التصنيف الاجتماعي بين الريف والمدينة، وهو ما جعل القرى أشباه مدن بمساحات من الاسمنت التي أغلق كل الخصوصيات للريف، ونقل الاستثمار الريفي إلى الشكل العقاري الذي يبحث عن مخططات تنظيمية جديدة؛ تُكسر ممكنات الإنتاج وتجعل الأرياف محيطا بلا هوية، فيتكرس من جديد التصنيف ما بين الريف والمدينة وتصبح أي إدارات محلية عاجزة عن تلبية احتياجات مناطق متضخمة “اسمنتيا”، وفي نفس الوقت لا تملك أي إنتاج حقيقي سوى اعتمادها على الدعم الحكومي المباشر.
المشكلة الأساسية التي تواجهها التنمية داخل المجتمعات المحلية، سواء داخل المدن الكبرى أو في الأرياف، أن الجغرافية التي تضم هذه المجتمعات أصبحت مرهقة بكل المقاييس، فهي تشوهت حتى أصبحت غير منتجة، وشكلت فوقها مجموعات بشرية فاقدة لأي محفز يمكن أن يدفعها للانخراط بعمليات تنموية حقيقية، واسترجاع الجمال هنا أصبح أساسيا لمنح المساحة المكانية التي تخص المجتمعات المحلية بعدا جديدا كليا.
الجمال في التنمية ليست لوحات يمكن أن تزين الشوارع والطرقات فقط، بل التخفيف من العبء الثقيل على هذه الجغرافية عبر خلق مصالح جديدة يمكن أن تعيد مساحة الجمال الخاصة، فلا فائدة من تحويل دمشق القديمة كمثال إلى مساحة للفنادق والمطاعم، فالجمال الخاص لهذا المكان في كونه مكانا مختلطا يتيح التنقل في مساحته، فأزقته يٌفترض أن تكون “بشرية” بعكس المدينة الحديثة التي تستهلكها السيارات والمصالح المعقدة.
ما ينطبق على دمشق يمكن سحبه كحالة جمالية على كامل الوطن، فالجمال في التنمية هو تصحيح للعلاقة مع الجغرافية وليس استنفازها بوهم إعادة الإعمار على طريقة الشركات العقارية.

اقرأ أيضاً اللاجئون كشرط تنموي – مازن بلال

فريق مساحات يحسن الواقع البصري والخدمي في المزة 86

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى