أخر الأخبارتقارير

أصحاب المصالح الخاصة أوقفوا مشـروع تطوير صادرات الحمضيات

تاجر ليبي يكشف خفايا أزمة الحمضيات في الساحل السوري ويتحدث عن تهديدات تلقاها

سناك سوري-متابعات

خبير ليبي: تلقيــت تهـــديـداً أجبـــرني عــــــلى الانسحـــــاب!
80 % من حمضيات سورية غير قابلة للتصدير

حذرتهم من التصدير لغير العراق..لكنهم فعلوا وكانت النتيجة إعدام مئات آلاف الدولارات!

محمود زابطية.. تاجر ليبي يعمل في تصدير واستيراد الفواكه من أشهر الأسواق العالمية وإليها منذ ما يقرب من 36 عاماً.

التفاصيل:

ترك ليبيا لخلاف عائلته مع العقيد القذافي، فعاش ما يقرب من 28 عاماً في بريطانيا، ومنذ ما يقرب من 17 عاماً وحتى اليوم يعيش ويعمل في جنوب إفريقيا.
ومع أن أولى زياراته لسورية جاءت في العام 1974 وآخرها كانت في العام 2009، إلّا أن ما تمرُّ به سورية من أحداث مؤلمة دفعته في العام 2013 ليقرر السفر إليها، وعرض خبرته في مجال تصدير الفواكه على الحكومة السورية للاستفادة منها بشكل مجاني، لكن عائلته رفضت الأمر تحت ضغط الأنباء الواردة من سورية عن المعارك الطاحنة الدائرة في مناطق عدة.

مع تحسن الوضع الأمني في العام 2015، ودخول السفير السوري في جنوب إفريقيا على الخط، غيرت العائلة رأيها، وتمكن محمود من السفر إلى دمشق تسبقه في ذلك رسالة موجهة من السفير السوري إلى وزير الزراعة، تتضمن شرحاً لأهداف الزيارة وغايتها.

منذ ذلك الوقت، تكررت زيارات أبي نادر إلى سورية، يلاحق خلالها مشروعه الحلم المتمثل في تهيئة منتجات سورية من الفواكه لتدخل السوق العالمية، وذلك خلال مدة لا تتجاوز 5 سنوات، و”البداية كانت من الحمضيات باعتبارها أكبر إنتاج زراعي بعد القمح والقطن قبل الأزمة”.

ومع أن أبا نادر نصح وزير الزراعة بداية لقاءاته معه بعدم تصدير الحمضيات لأي جهة باستثناء العراق، بالنظر إلى أن الإنتاج الحالي غير قابل للتصدير ولايملك أدنى مواصفات التصدير المعمول بها عالمياً، إلّا أن الظروف فرضت نفسها فجرى تصدير بعض الكميات إلى روسيا، وكانت النتائج غير حميدة، حيث تم إعدام كميات تصل قيمتها لنحو مئات آلاف الدولارات، وذلك نهاية موسم 2016 – 2017.

من الألف إلى الياء
قام الخبير الليبي بزيارات ميدانية إلى مناطق عديدة، تعرف خلالها على واقع العملية الإنتاجية بالكامل، بدءاً من المزرعة والحقل مروراً بالقطاف وتعبئة المنتج وتوضيبه وصولاً إلى الشحن والنقل، كما أجرى لقاءات موسعة مع مختلف القطاعات التي لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بمراحل العملية الإنتاجية، ليخرج من كل ذلك بسجل كبير من الملاحظات والأفكار المتعلقة بمشكلات الفلاحين وأساليب الزراعة ومواصفات المشاغل ومساوئ طرق التوضيب الحالية وغيرها، وتالياً ما هو مطلوب لجعل الحمضيات على قائمة الصادرات السورية إلى العالم، مستعيناً بعدد من الخبراء الأجانب، الذين زاروا سورية ووضعوا ملاحظاتهم وقدموا اقتراحاتهم بناء على دعوة أبي نادر، الذي تحمّل مادياً تكلفة كل شيء.

يروي التاجر الليبي جانباً مما عمل عليه خلال وجوده في سورية، فيشير في حديثه لـ”الأيام” إلى أنه استطاع وبعد سنة من الرحلات المكوكية، وبمساعدة ودعم من وزير الزراعة ومحافظة اللاذقية ومدير المصرف الزراعي ومدير زرعة اللاذقية، من حل بعض مشكلات الفلاحين المالية وذلك عبر إدخال القرض الإنتاجي ليشمل الفواكه بعد أن كان محصوراً بالخضار، وتأمين المحصول لحماية الفلاح عند حدوث موجات صقيع بمساعدة الشركة الوطنية للتأمين.

وعلى صعيد توفير العمالة الزراعية، ولاسيما بعد هجرة الكثير من الشباب والتحاق آخرين بالخدمة العسكرية، كان الخيار الاستفادة من طلاب الجامعات، ولاسيما طلاب كلية الزراعة، فهذا يعطي الطلاب خبرة عملية من جانب، ويخفض تكلفة العمالة على الفلاحين بنحو 50 % من جانب آخر، لأن الأجر اليومي للعامل الزراعي آنذاك كانت بحدود ألفي ليرة، والاقتراح كان إعطاء الطالب ألف ليرة، ولهذا جرى اجتماع مع رئيس جامعة تشرين وعميد كلية الزراعة فيها.

أما فيما بتعلق بعملية التعبئة، فقد تم الاتفاق مع مصنع ورق محلي لتوريد الورق المناسب لصناعة الكرتون المطابق لمواصفات التصدير، وتم الحصول على شهادة مطابقة من أكبر معامل التحليل بجنوب إفريقيا.

اقرأ أيضاً:طرطوس قد تخسر 83 مليون ليرة سورية إذا لم يصدر هذا القرار

وفي هذا السياق أيضاً تم إحضار المواصفات العالمية المطلوب لتصدير الحمضيات والمعتمدة من الدول المصدرة والمستوردة، ورغم المعاناة ومحاولات إفشال ترجمة هذه المواصفات بشكل معترف به، بالنظر إلى أن هذه المواصفات لا تقبل التحريف أو التفسير الخاطئ، إلّا أن المشكلة كانت في إقرارها واعتمادها، إذ كما يروي أبو نادر فقد احتاج الأمر لنحو 8 أشهر، ولتدخل السفير في جنوب إفريقيا ووزير الزراعة، الذي قام باعتمادها رغم أن ذلك خارج اختصاصه.

كذلك الأمر بالنسبة لمواصفات “مشاغل” التعبئة والتوضيب التي لم يتجاوز حجمها صفحة ونصف الصفحة، ومع ذلك بقيت مهملة في وزارة الاقتصاد حتى جاء الدكتور أديب ميالة فوقع على جزء وأهمل الجزء الآخر.

بعد عدة أشهر من العمل على مختلف الملفات ومعالجة المشكلات والصعوبات، يقول زابطية: نستطيع القول إننا وصلنا إلى مراحل إيجابية من الإنجاز المحرر رسمياً، ووضعنا القواعد الأساسية بأوراق رسمية قابلة للتنفيذ على أبواب الموسم الزراعي 2016 – 2017، لكن ماذا حدث في الرحلة الأخيرة؟.

تهديد واضح
كما هو معتاد، أبلغ محمود زابطية أمينة سر مكتبه “المفرزة من مديرية زراعة اللاذقية لمساعدته في الأمور الإدارية” عن موعد حضوره لدمشق، وذلك قبل أسبوعين، مع لائحة بأسماء الجهات والأشخاص المراد مقابلتهم وجمعيهم معنيون بالتصدير، من اجتماع مع المشاغل لتوضيح ما هو جديد وكيف سيبدأ الموسم، إلى اجتماع مع المصدرين، فشركات الملاحة، إلى مديري المديريات المعنية بالتصدير بغية اختصار المراسلات الورقية، وحصر الإجراءات داخل الميناء والتباحث معهم لوضع آلية للتخلص من الرشوة والفساد داخل الميناء.

اقرأ أيضاً:لجان الشراء المباشر واستنزاف المال العام

وعندما جاء زابطية إلى اللاذقية، وبعد أن علم الجميع بقدومه، وجد أن “الضمانين” والمصدرين قد قاموا بحملة قوية لشراء محصول المزارعين ممن عمل معهم، والذين يعتقد أن محصولهم قابل للتصدير، لا بل إنه وجد مشهداً لم يعتد عليه سابقاً من المعاملة الباردة، والتي جعلت منه شخصاً غير مرغوب به كما قرأ الرسالة، إذ لم يتم عقد أي من الاجتماعات المقررة سابقاً، والهدف الأساسي برأيه هو “الالتفاف على تطبيق المواصفات”.

وليس هذا فحسب، فبناء على موعد مقرر له مع مدير زراعة طرطوس، وكان قد حدده له مدير زراعة اللاذقية، ذهب الرجل إلى الموعد في التوقيت المعطى له، فلم يجد مدير الزراعة في مكتبه، وحتى مدير المكتب لا علم له بهذا الموعد ولا بحضوره، وهو أمر اعتبره زابطية مهيناً بحقه وبحق الدولة السورية التي يعمل معها.
عاد الرجل إلى الفندق ليتلقى هناك الضربة القاضية، حيث زاره أحد المصدرين وأبلغه بوضوح، ونيابة عن المصدرين، أنهم تعاقدوا مع جميع المزارعين ممن لديهم إنتاج جيد وقابل للتصدير، وبالتالي ليس أمامه من خيار سوى العمل من خلالهم، وأعطاه بإشارة من إصبعه يومين للرد.

يقول زابطية: رغم الأسلوب غير الأخلاقي، تمالكت أعصابي، وعرضت عليه عوضاً عن ذلك مساعدة المصدرين لتصدير بعض الكميات من الحمضيات إلى إيران، وذلك عبر الاستعانة بخبراء يستقدمهم هو من الخارج وعلى حسابه الشخصي، ولاسيما أن إيران تشترط أن تكون جميع الصادرات إليها من الحمضيات خاضعة لعملية تعقيم.. لكن الإنذار كان واضحاً.

ومع ذلك تابع زابطية ما كان مقرراً سابقاً، خاصة ما يتعلق بطلبه من وزارة الزراعة تأمين مشغل له يستأجره لتوضيب وتعبئة محصول بعض الفلاحين بالتعاون مع بعض الفنيين الأجانب تمهيداً لتصديره إلى أسواق جديدة، لتأكيد فرضيته من أن هناك فرصة أمام الفلاحين والدولة السورية لتطوير إنتاجها وتصديره.

وبالفعل أعلمه مندوب الوزارة أن المشغل بات جاهزاً ويمكنه استلامه فوراً، إنما وقبل أن تغرب شمس ذلك اليوم جاءته مكالمة أخرى تعلمه وبلهجة غير معتادة أن مجلس الوزراء أصدر أمراً بتخصيص المشغل المذكور، والعائدة ملكيته لجهة عامة، لتوضيب مادة التفاح، وعندما حاول في اليوم الثاني الاتصال بوزير الزراعة للاستفسار عما حدث، تم إخباره أن الوزير في اجتماع، ومع أن الوزير اعتاد خلال الأشهر الماضية معاودة الاتصال به عندما يكون مشغولاً، إلّا أن ذلك لم يحدث إلى اليوم، وهو دفع محمود زابطية للانسحاب من المشروع “الحلم” وبطلب خطي قدمه لوزير الزراعة.

اقرأ ايضاً:المخيمات: زيادة في عدد النازحين وتراجع في مستوى الخدمات بعد اتفاقية خفض التوتر

يختم زابطية قصته بالإشارة إلى نقطتين، الأولى أن جميع ما حدث معه في اللاذقية من اجتماعات وزيارات وإجراءات موثقة بمحاضر رسمية موجودة لدى وزارة الزراعة، كما أن مدير المصرف الزراعي كان حاضراً في جميع الاجتماعات كي لا يتم تحريف أي شيء، متهماً أصحاب المصالح الخاصة في وقف المشروع وعرقلته.
والنقطة الثانية أنه تابع بعد انسحابه من المشروع رسمياً أخبار ملف تصدير الحمضيات، واستوقفه خبر منح اتحاد المصدرين مبلغ 250 مليون ليرة لتصدير الحمضيات، ووجهة نظره تقول إن هذا الاتحاد غير مؤهل للقيام بهذا العمل، وهو فعلاً لم يقم بأي خطوة إيجابية قبل القرار أو بعده، كما أن الحديث عن تصدير الحمضيات إلى روسيا وإيران وبعض دول المنطقة بقي حبراً على ورق، كذلك الأمر بالنسبة لقرارات وإجراءات لم تثمر عن نتائج إيجابية في ملف تصريف الحمضيات.

من أهداف المشروع
استقدام خبراء من جنوب إفريقيا بعقود تمتد لأربع سنوات بغية تدريب الكوادر السورية.
المشروع كان يهدف إلى توفير 3 – 5 آلاف فرصة عمل لذوي الإعاقة، وضمان دخل شهري لكل معوق ما بين 15 – 20 ألف ليرة.
ضمان تصريف ما لا يقل عن 200 – 300 ألف طن إلى المستهلك مباشرة وبأسعار أرخص من أسعار سوق الهال.
إعادة تنظيم سوق الهال على المدى المتوسط وتأهيله كما هو الحال في الدول الأوروبية.
استبدال الأشجار القديمة والأنواع غير الصالحة للتصدير من دون المساس بإجمالي إنتاج البلاد على أن ترتفع كمية الإنتاج بعد السنوات الخمس، وهي مدة المشروع، ما بين 40 – 60 %.

زياد غصن – جريدة الآيام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى