من المنصات إلى شادي قاسو .. تهمة الإساءة لأخلاق المجتمع تهدد صنّاع المحتوى
على خطا وهن عزيمة الأمة .. لا معايير واضحة لتهمة المحتوى الهابط
أعلنت وزارة الداخلية السورية أمس توقيف دفعة جديدة من أصحاب المنصات عبر وسائل التواصل الاجتماعي بتهمة نشر فيديوهات تتضمن إساءة لأخلاق وقيم المجتمع السوري.
سناك سوري _ دمشق
وكان بين الموقوفين الذين أوقفهم فرع مكافحة جرائم المعلوماتية. الشاب السوري “شادي قاسو” والذي تم توقيفه قبل نحو أسبوعين بعد عودته من “تركيا”. ليكون بين جملة المتهمين بالإساءة لقيم المجتمع السوري.
ويقدّم “قاسو” عبر السوشال ميديا منذ سنوات “سكتشات” كوميدية لم يتبيّن نوع الإساءة التي تتضمنّها. كما أنه سبق وقدّم برنامج مسابقات عبر الفضائية السورية الرسمية.
وجاء ذلك في سياق ما يشبه الحملة التي قادتها وزارة الداخلية وأعلنت خلالها على دفعات عن القبض على عدد من أصحاب وأعضاء منصات على وسائل التواصل بتهمة تقديم محتوى مسيء لقيم وأخلاق المجتمع السوري.
أما المنصات التي أعلنت الوزارة القبض على أعضائها فكانت تقدّم مقابلات في الشارع ومقالب وما إلى ذلك تحتوي إيحاءات وألفاظ جنسية في بعضها. ما عرّضها أيضاً لهجوم حتى من المتابعين -بمن فيهم من كانوا يتابعون محتواها باستمرار-.
في وقتٍ أعلنت فيه وزارة الإعلام تخصيصها رقم هاتف وبريد إلكتروني مخصص لتلقي الشكاوى ضد المنصات. علماً أنها لم تخصص يوماً وسيلة مماثلة لشكاوى الصحفيين/ات في حال تعرضهم لمضايقات أو انتهاكات أو حتى اعتقال.
قانون جرائم المعلوماتية
لكن اللافت في الأمر أن العودة إلى قانون جرائم المعلوماتية تحيلنا إلى المادة 26 منه تحت عنوان جرائم المساس بالحشمة أو الحياء وتنص على:
أ- يُعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنة وغرامة من مليون ليرة إلى مليوني ليرة كل من قام بمعالجة صور ثابتة أو متحركة أو محادثات أو تسجيلات صوتية عائدة لأحد الناس بوسائل تقانة المعلومات لتصبح منافية للحشمة أو الحياء وقام بإرسالها له أو للغير أو عرضها عليه أو على الغير أو هدد بنشرها عن طريق الشبكة، وتشدد العقوبة لتصبح الحبس من سنة إلى سنتين وغرامة من مليوني ليرة إلى ثلاثة ملايين ليرة إذا قام الفاعل بنشرها على الشبكة.
ب- يُعاقب بالحبس من سنتين إلى ثلاث سنوات وغرامة من ثلاثة ملايين ليرة إلى أربعة ملايين ليرة كل من هدد بالنشر أو نشر على الشبكة صوراً ثابتة أو متحركة أو محادثات أو تسجيلات صوتية منافية للحشمة أو الحياء عائدة لأحد الناس ولو حصل عليها برضاه، وتشدد العقوبة لتصبح السجن المؤقت من خمس سنوات إلى سبع سنوات وغرامة من أربعة ملايين ليرة إلى خمسة ملايين ليرة إذا وقع الجرم على قاصر.
وتظهر قراءة المادة القانونية أنها لا تنطبق على حالتي “المنصات” أو “قاسو” إلا إن كان القبض عليهم استند لقوانين أخرى.
على خطا وهن عزيمة الأمة
من جانب آخر فإن تهمة “الإساءة لقيم وأخلاق المجتمع السوري” تبدو شبيهة بتهمة “وهن عزيمة الأمة” إذ تبدو مطاطية ولا معياراً واضحاً لها. وبالتالي يمكن القبض على أي شخص وفي أي زمان ومكان وتوجيه هذه التهمة له.
لقد أثارت الحالة الراهنة مخاوف كل صناع المحتوى داخل “سوريا” حيث باتوا تحت سطوة كلمة “الإساءة” أو “المحتوى الهابط” دون وضوح الجهة التي تحدّد ما هو هابط وما هو غير هابط. وما هو مسيء وما هو ليس كذلك.
وبالتالي ينبغي الإعلان عن معايير واضحة لإنتاج المحتوى والمحاذير التي يجب تجنّبها حين يتم النشر عبر وسائل التواصل وتوضيح القوانين التي يحاكم على أساسها صناع المحتوى مهما كان نوعه ومستواه للوصول إلى حالة أوضح وأفضل للطرفين.