أخر الأخبارالرئيسيةسناك ساخن

الطائرات المحتجزة وملف الحج .. اختبار الثقة لعودة العلاقات السورية السعودية

مؤشرات أولية لقياس مستوى التقارب السوري السعودي في الفترة القادمة

شكّلت زيارة وزير الخارجية السوري “فيصل المقداد” يوم الخميس الماضي إلى “السعودية” تحوّلاً نوعياً في مسار عودة العلاقات السورية مع الدول العربية.

سناك سوري _ زياد محسن

وبعد حديث عن تغيّر في موقف “الرياض” تجاه “دمشق” يعود في جذوره إلى العام 2018 حين أعادت “الإمارات” فتح سفارتها في العاصمة السورية. فقد توّج المسار بزيارة “المقداد” التي تعدّ الأولى من نوعها لوزير الخارجية السوري إلى المملكة منذ بداية الأزمة عام 2011.

وقد سبق زيارة “المقداد” خلال السنوات السابقة معلومات عن لقاءات أمنية بين البلدين. إضافة إلى زيارة معلنة قام بها وزير السياحة “محمد رامي مرتيني” عام 2021. كانت أول زيارة لوزير سوري إلى الأراضي السعودية منذ انقطاع العلاقات بين البلدين.

العودة السورية إلى الجامعة العربية

ظلّ الحديث عن عودة “سوريا” إلى مقعدها في الجامعة العربية المجمّد منذ أواخر 2011. يصطدم بالموقف السعودي بشكل رئيسي. والذي كان يربط بين مسار العودة السورية عربياً وبين العلاقات السورية الإيرانية. من منطلق ابتعاد “دمشق” عن “طهران” كشرط لتقترب من العرب.

لكن الاتفاق السعودي الإيراني مؤخراً غيّر المشهد إلى حد بعيد. ولم يطل الوقت حتى تجلّى ذلك في تسريع مسار التقارب ليصل إلى مستوى توجيه دعوة رسمية من وزير الخارجية السعودي إلى نظيره السوري لزيارة “السعودية”. وقد لبّى “المقداد” الدعوة وخرج من “جدّة” ببيان مشترك مع نظيره “فيصل بن فرحان”.

وقد أعرب البيان عن ترحيب الدولتين باستئناف الخدمات القنصلية والرحلات الجوية بين البلدين. واتفاقهما على أهمية حل الصعوبات الإنسانية، وعودة اللاجئين والنازحين. وتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب بكافة أشكاله. وضرورة دعم مؤسسات الدولة السورية وإنهاء وجود الميليشيات المسلحة والتدخلات الخارجية في الشأن السوري.

اقرأ أيضاً:مصادر: وزراء الخارجية العرب سيجتمعون لبحث عودة سوريا للجامعة العربية
فشل الإجماع العربي على العودة السورية

لم يمضِ يومان على زيارة “المقداد” إلى “جدة” حتى كانت المدينة ذاتها تستضيف اجتماعاً لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي إلى جانب “الأردن” و”مصر” و”العراق”.

وبينما كان الحديث في الأوساط الصحفية يؤكد أن الاجتماع سيبحث بشكل رئيسي ملف عودة “سوريا” للجامعة العربية. فإن المجتمعين خرجوا ببيان ختامي لم يأتِ على ذكر المسألة مطلقاً. بل كرّر الحديث حول أهمية التوصل لحل سياسي للأزمة السورية. وحل الأزمة الإنسانية ومكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات. وقيام مؤسسات الدولة بالحفاظ على سيادة “سوريا”.

وقد سبق ذلك الاجتماع بيوم واحد. تصريح لرئيس الوزراء القطري “محمد بن عبد الرحمن” قال فيه أن بلاده لن تتخذ أي خطوات تجاه “دمشق” دون حل سياسي للأزمة هناك وفق حديثه. ما يوحي بأن المعارضة القطرية أفشلت الإجماع الخليجي على عودة “سوريا” حتى الآن.

اقرأ أيضاً:أنباء عن توجّه السعودية لدعوة الرئيس الأسد إلى القمة العربية
اختبار الثقة

وبعيداً عن الموقف العربي الذي يبدو منقسماً كالعادة بين دولة وأخرى. فإن العلاقات السورية السعودية تحتاج فترة من اختبار مستوى الجديّة في عودتها إلى طبيعتها. بحيث لا تقتصر على زيارة من هنا أو التقاط صورة من هناك. بل تتجسّد في خطوات عملية.

وهنا يبرز ملفان قد يكونا بوابة للمزيد من التعاون وصولاً إلى إعادة الأمور إلى نصابها بين البلدين.

الأول يتمحور حول طائرتين سوريتين كانتا قيد الإصلاح في “السعودية” خلال سنوات الأزمة. لكن السلطات هناك قامت باحتجازهما. وقد قال وزير النقل السوري السابق “علي حمود” عام 2017 أن الوزارة أجرت المراسلات اللازمة لاستعادة الطائرتين ولكن دون جدوى وفق حديثه.

أما الملف الثاني. والذي يكتسب أهمية أكبر على مستوى الشارع. فيتمثل في مسألة تنسيق رحلات الحج مع الحكومة السورية. وإعادة مسؤولية تنظيم رحلات الحج من “سوريا” إلى وزارة الأوقاف. وذلك بعد أن منحت “السعودية” الملف إلى “لجنة الحج العليا” التابعة لـ”الائتلاف المعارض” عام 2013. حيث أصبحت الجهة المتحكمة بتنظيم قوافل الحجاج السوريين. والذين اقتصروا بطبيعة الحال على سكان المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة شمال “سوريا”.

ورغم تداول معلومات غير رسمية عن نية “السعودية” سحب ملف الحج من “المعارضة”. فإن “لجنة الحج العليا” قالت عبر صفحتها الرسمية. أنها مستمرة في استقبال الراغبين في الحج والمقبولين لاستكمال إجراءات تسديد الدفعة الأولى من كلفة الحج.

وهنا يمكن للسعودية أن تمنح حصة لوزارة الأوقاف السورية، وهذا مؤشر له قياسه في السياسه. أو تعطيها كام حصة سوريا وتعيد الوضع كما كان عليه قبل عام 2013 وهذا مؤشر له قياسه أيضاً.

الخطوات المرتقبة في هذين الملفين سترسمان صورة أوضح لمستقبل العلاقات السورية السعودية والتقارب ومدى سرعة إنجازه ومستواه. فضلاً عن الثقل الذي سيفرضه هذا التقارب على صعيد إعادة “سوريا” إلى موقعها العربي رغم وجود أصوات رافضة لذلك مثل “قطر” و”المغرب” على الأقل.

زمن التوافقات

لقد مرّ 12 عاماً من الفوضى والحرب في المنطقة. اختلطت فيها الأوراق وتبدّلت المواقف. وطال أمد الأزمات حتى استحالت عبئاً على الفاعلين فيها. وقد انعكس أثر هذه السنوات الدامية بشكل لا يقلُّ كارثيّة على واقعها الاقتصادي. مما فرض بشكل أو بآخر وبحكم مسار الظروف، الوصول إلى زمن التوافقات.

لقد أنهت دول الخليج انقسامها واستعادت علاقاتها مع “قطر”. وانتهى تدريجياً إلى حد كبير الخلاف المصري التركي. وتراجعت إثر ذلك حدة الانقسام والصراع في “ليبيا”. وتوصّل السعوديون والإيرانيون بعد طول تفاوض إلى صيغة على التوافق سرعان ما انعكست على الميدان في “اليمن” بشكل رئيسي. وخرج “لبنان” باتفاق على ترسيم الحدود البحرية مع كيان الاحتلال بوساطة أمريكية. وفتحت أبواب الاستقبالات الرسمية أمام الرئيس “بشار الأسد” في “الإمارات” و”عمان”.

تغيّرت الصورة تماماً عمّا كانت عليه قبل 12 عاماً. ورغم تناقض وجهات النظر حول الموقف الأمريكي مما يجري وأنه يحدث برضا “واشنطن” أو عدمه. فإن المشهد العام يوحي بأن زمن التوافقات قد أتى، وأن التسويات تطبخ برويّة. نظراً لحاجة الإقليم إلى هدوءٍ يتيح فرصة للتفكير بإعادة رسم ملامحه وفقاً للمعطيات الجديدة. كجزء من التغيّرات العالمية جراء صراع اللاعبين الكبار في “روسيا” و”الصين” و”الولايات المتحدة” و”أوروبا”.

اقرأ أيضاً:عاجل: الوزير فيصل المقداد يصل السعودية في زيارة رسمية

زر الذهاب إلى الأعلى