
تركت ديمة (30 سنة)، طفلتها الرضيعة وعادت إلى عملها الحكومي. بعد استنفاذها إجازات الأمومة الرسمية وفوقها شهر إجازة بدون راتب. وهي اليوم منقطعة عن إرضاع طفلتها الصغيرة لأكثر من 6 ساعات. ما سبب لها ولطفلتها آلاماً نفسية وتعباً جسدياً.
سناك سوري_ناديا سوقية
يبعد منزل ديمة عن مكان عملها ساعة ونصف، فهي تعمل في دمشق وتقطن خارجها. لكن ما سهل الأمر عليها قليلاً هو وجود منزل أهلها بالعاصمة. فصارت تترك طفلتها عند أمها وهي بعمر 5 أشهر وتذهب للعمل لتبدأ معاناتها من آلام احتقان المرضعات عند كل موعد رضاعة. وبالمقابل بدأت طفلتها بتناول الحليب الصناعي.
تصف “ديمة” رحلتها الصباحية بـ”الشنططة”. فهي تستيقظ صباحاً تجهز حقيبتها وحقيبة طفلتها، توصلها لمنزل أهلها ثم تغادر إلى عملها. تصل مرهقة جداً وهي تدرك أنها ستعيد التجربة بعد انتهاء الدوام، حيث ستذهب لإحضار طفلتها والعودة لمنزلها.
لا يوجد في مكان عمل “ديمة” أية غرفة خاصة للأطفال أو حتى للرضاعة، ولا سبيل أبداً لأن تصطحب طفلتها الرضيعة معها. وتتمنى لو تطول إجازة الأمومة لسنة كاملة، حتى ترتاح من هذا العبء.
لا يوجد في مكان عمل “ديمة” أي غرفة خاصة للأطفال أو حتى للرضاعة، ولا سبيل أبداً لأن تصطحب طفلتها الرضيعة معها. وتتمنى لو تطول إجازة الأمومة لسنة كاملة
الإحراج والتعب أهون من شراء الحليب الصناعي
تحتاج مايا وهي أم لطفلين 3 باصات للوصول من قريتها في الريف إلى عملها في مدينة اللاذقية وقبل استقلال باص تحتاج للسير مسافات جبلية طويلة للوصول إلى موقف الصعود. وتخرج من منزلها حوالي الساعة 6:30 لتعود بعد سبع ساعات على الأقل كل ذلك يؤثر على الأم المرضع وطفلتها.
وبرغم ذلك لم تلجأ مايا لفطام طفلتها باكراً ولا تستطيع الإقدام على هذه الخطوة فالحليب الصناعي لا يشبه الطبيعي من حيث الفوائد. كما أنه سعره مرتفع جداً وليس بمقدورها شراؤه. إذ أن سعر العلبة تجاوز الـ50 ألف ليرة سورية. ويحتاج الطفل بعد الـ5 أشهر على الأقل 8 علب في الشهر.
تقول مايا: «أمومتي كانت 75 يوماً. كنت آخذها معي إلى العمل بعد سماح المدير لي بذلك وأرضعها بزاوية من زوايا المكتب. الأمر سبب لي إحراجاً أمام الموظفين لكن هذا حلي الوحيد».
أما وردة فهي معلمة في قرية قلمونية، لا يوجد وسائل مواصلات عامة في قريتها التي تبعد البيوت فيها عن بعضها مسافات كبيرة وكذلك بين منزلها والمدرسة التي تعمل بها. تقول وردة لـ”سناك سوري”: « أضطر للذهاب على الموتور وراء زوجي بعد أمومتي مباشرة. لأضع طفلتي عند سيدة قريبة من المدرسة على ان أدفع لها مبلغاً وأعبئ لها الغاز لتسخن لها الأطعمة الخاصة بالرضع. وأستثمر وقت الفراغ بين الحصص لإرضاعها فلا أقطعها من الرضاعة الطبيعية» .
غالبية الأمهات اللواتي التقى بهن سناك سوري طالبنَ بتمديد إجازة الأمومة ودراسة مساحات أماكن العمل. لتجهيز حضانات للأطفال الرضع على الأقل، أو غرف لتخزين الحليب بشكل معقم أو تمديد ساعات الإرضاع وهي عبارة عن ساعة واحدة يومياً حالياً.

الطب ينصح بتفريغ الحليب
تشدد طبيبة النسائية “ضحى دوه جي”، على أهمية الرضاعة الطبيعية بالنسبة للأم والطفل. وتضيف أن «الأمهات الموظفات اللواتي يبتعدن عن أطفالهن. يعانين من التهابات واحتقان في الثدي. من الممكن أن تتطور إلى خراجات نتيجة عدم التفريغ، لذلك يجب اللجوء للتفريغ. إذا لم تتمكن الأم من إرضاع الطفل فبوسائل معقمة ووضع الحليب بعقامة تامة».
وتلجأ بعض الأمهات الموظفات إلى عملية تفريغ الحليب في أماكن عملهنّ بآلات السحب. سواء الإلكترونية وسعرها يبدأ من 100 ألف ليرة. والتي تحافظ على عقامته ودرجة حرارته لإعطائه للطفل. لكن يعيب هذه الطريقة عدم وجود برادات لحفظ الحليب بأماكن العمل. وهناك السحابات اليدوية، والتي يتجاوز سعر الواحدة منها الـ10 آلاف ليرة.
وأغلب الموظفات اللواتي التقى بهنّ سناك سوري. يضطررن إلى فطام الطفل بسن مبكرة ليستطعنَ الذهاب للعمل وهنّ مطمئنات أن طفلهنّ لن يحتاج الحليب بغيابهنّ.

الرضاعة والمرضعات من عين القانون
وبحسب قانون العمل الموحد، تمنح المرأة العاملة إجازة أمومة بأجر مدفوع. لمدة 120 يوماً للطفل الأول، و90 يوماً للثاني، و75 يوماً للثالث، بينما لا إجازة أمومة للطفل الرابع وما بعده بحال قررت العائلة ولادة المزيد من الأطفال.
وتشير المادة 135 من القانون، إلى عدم السماح بفصل العاملة لانقطاعها عن العمل خلال إجازة الأمومة أو لمرض متعلق بالحمل والولادة. كما أكدت المادة 139 أن على صاحب العمل أن يوفر داراً للحضانة إذا كان يستخدم مئة عاملة أو أكثر في مكان واحد.
بند توفير الحضانة غير متداول، رغم أن غالبية المؤسسات تحوي هذا العدد من النساء العاملات وتزيد عنه أحياناً.
تعليقاً على قانون توفير دار حضانة، قالت المحامية هبة صالح لـ”سناك سوري”. إن تحديد عدد العاملات سواء ١٠٠ او ١٠ جاء من باب تنظيم المكان فقط. لكنه بالتأكيد لا يلغي حاجة أم مرضعة ولو كانت واحدة فنص القانون واضح في هذه الحالة .
في ظل الظروف الحالية وأزمة النقل التي تقضم وقتاً كثيراً من غالبية الموظفين. إضافة إلى ارتفاع تكاليف دور الحضانة وأجورها. بات من اللازم أن يتم تعديل القوانين بما يتناسب مع المرحلة الحالية. ومنح الأم المرضع كافة التسهيلات للوصل إلى طفلها ومنحه الغذاء.