أخر الأخبارالرئيسيةشباب ومجتمع

أسعار اللابتوبات تحرم شباب سوريا من فرص التعلم والعمل

لابتوب بمواصفات متوسطة بـ 3 ملايين .. والموبايل يدمر صحة مستخدميه للعمل

خابت آمال “مرح 22 عاماً” عندما واجهت أسعار اللابتوبات أمام إحدى واجهات المحال في سوق “البحصة” بـ”دمشق”. حين اكتشفت أن ما ادخرته خلال عامين لا يشتري لها أكثر من موبايل مستعمل بمواصفات متواضعة.

سناك سوري- حلا منصور

دراسة “مرح” في الجامعة الافتراضية السورية التي تعتمد نظام التعليم عن بعد، مايحتّم عليها وجود لابتوب. لكن دخل عائلتها المحدود كمعظم العائلات السورية يحول دون تأمين مبلغ 3 ملايين ليرة تقريباً لشراء لابتوب لابنتهم. في ظل تكاليف المعيشة المرتفعة وتدني الرواتب التي لا تسدّ الحاجة للأساسيات من طعام وشراب.

عجز “مرح” عن توفير لابتوب اضطرها للقبول بالبديل. واستخدام الموبايل في إنجاز حلقات البحث وسماع المحاضرات المسجّلة رغم صعوبة الأمر. حيث قالت في حديثها لـ سناك سوري «إنجاز حلقة البحث عبر الموبايل يتطلب ضعف الوقت الذي ينجز فيه زملائي حلقات بحثهم عبر اللابتوب. كما أن تنسيق النص عبر الموبايل يختلف عند عرضه عبر اللابتوب ما يزيد الأعباء عليّ.»

أما “نور 22 عاماً” فحاولت توظيف شغفها بالرسم والألوان في العمل بمجال “تصميم الغرافيك”. لكنها تضطر للعمل عبر الموبايل. لأن تصميم الغرافيك يحتاج جهاز لابتوب بمواصفات عالية لإنجاح العمل بسهولة. إلا أن سعر اللابتوب بمواصفات متوسطة في الأسواق السورية، يتراوح بين 3 إلى 6 ملايين ليرة. وهو رقم خارج قدرات “نور” على تأمينه.

أزمة تكنولوجيا في سوريا

يواجه الجيل الجديد في سوريا أزمة تكنولوجيا حقيقية حيث يعاني من وجود هوة بين ما هو متوفر من أدوات في سوريا وبين آخر التحديثات العالمية بهذا المجال. ما يهدد جيلاً كاملاً بالأمية التكنولوجية ويحرم الآلاف من تطوير ذاتهم باختصاصاتهم والجوانب التكنولوجية التي يريدونها.

تقدر أجور الشباب السوريين العاملين عن بُعد مع مؤسسات في الخارج بحوالي مليون إلى 3 ملاييين ليرة سورية… وبالتالي فإنهم يحتاجون رأس مال للبدء بهذا العمل يصل وسطياً إلى مجموع رواتب 3 أشهر…

ويرى الشباب الذين التقيناهم أن اللابتوب والموبايل أصبحا عصباً أساسياً للعمل والتطور فمن دونهما لا يمكنك تحقيق التطور والنمو. كما أن ظروف الحياة في سوريا تفرض على الشباب العمل عن بعد حيث يتلقى السوريون على اعتبار أن أجورهم منخفضة نسبياً عن دول المنطقة عروض عمل لشركات في الخارج. وتطلب هذه العروض بشكل رئيسي وجود لابتوب لكي يتم العمل من خلاله. لكن اللابتوب اليوم يحتاج رأس مال كبير بالنسبة للشباب المنحدرين من العائلات ذات الدخل المحدود. فيخسر الكثير منهم فرصه بالحصول على عمل في هذه الظروف الصعبة رغم حاجتهم الماسة له. أو يضطر بعضهم للعمل بغير اختصاصه لحين تأمين ثمن اللابتوب للعمل من خلاله. بينما يلجأ البعض لاستخدام الموبايل رغم صعوبة العمل عليه ومخاطره الصحية.

غياب اللابتوب يفرض تغيير المهنة

اضطرت “هبة 28 عاماً” إلى الابتعاد عن العمل في مجال تخصصها كمهندسة معلوماتية. بسبب تعذر تأمين لابتوب بمواصفات عالية تناسب متطلبات العمل.

وانتقلت “هبة” إثر ذلك للعمل الإداري في إحدى الشركات الخاصة. حيث قالت لـ سناك سوري «شغفي كان في مكان آخر تماماً بعيداً عن العمل الإداري. كان بإمكاني العمل كمبرمجة أو مصممة مواقع. لو كان تأمين اللابتوب أمراً يسيراً، بس العين بصيرة والإيد قصيرة».

الحال ذاته يتكرر مع “عبد الله 27 عاماً” وهو طالب طب يعمل في مجال “الموشن غرافيك/ تصميم الفيديو”. حيث قال في حديثه لـ سناك سوري أن اللابتوب الذي يعمل من خلاله قديم الطراز ضعيف الإمكانيات، وقد اشتراه منذ عام 2011. مبيناً أنه لم يعد بإمكانه حالياً شراء جهاز جديد مع ارتفاع أسعار اللابتوبات. على الرغم من أن متطلبات العمل تفوق قدرات جهازه بكثير، ما اضطره لتقليص عمله في التصميم والانتقال للعمل بمجال لا يتطلب جهازاً بمواصفات عالية.

أقرأ أيضاً:مالنا رأي.. كيف عبر مواطنون عن رأيهم بقرار رفع جمركة الموبايلات للمرة الثانية بشهر؟
مشاكل صحية لاستخدام الموبايل .. والغلاء لا ينحصر باللابتوب

بسبب الساعات الطويلة من استخدام الموبايل. تعاني “مايا 30 عاماً” من آلام متزايدة في الرقبة والعيون، جراء عملها في تصميم الغرافيك دون أن تمتلك لابتوب.

وقالت “مايا” لـ سناك سوري:«أعاني من ضعف بالنظر يبلغ درجتين ونصف في كل عين. أرتدي نظارتي الطبيّة أثناء عملي عبر الموبايل، لكنّ هذا لم يمنع وصول النقص إلى ثلاث درجات. نصحتني الطبيبة بتقليل النظر إلى الموبايل، لكن عملي يأخذ معظم وقتي ويتطلب تركيزاً عالياً».

بدوره لفت “عبد الله 27 عاماً” إلى أن ارتفاع الأسعار لا يقتصر على اللابتوبات. فحتى إن قرر العمل على الموبايل فإنه لن يتمكن من ذلك بعد أن أصبح شراء موبايل جديد مجمرك حلماً بعيد المنال.

وأوضح “عبد الله” أن الأولوية لديه تأمين الطعام والشراب والحاجات الأساسية. وقد استبعد فكرة شراء موبايل حديث رغم حاجته له. حيث ضرب مثالاً على الغلاء بأن موبايل من نوع “Note 10 s pro “مثلاً يبلغ ثمنه مليون وخمسمئة وخمسون ألفاً، فيما تبلغ قيمة جمركته تسعمئة وثمانون ألفاً، أي أكثر من نصف ثمنه الأساسي وفق حديثه.

ماذا يقول المختصون؟

أشارَ المهندس” وليد الشايب” وهو رائد أعمال سوري وصاحب شركة سنارايز، في حديثه لـ سناك سوري إلى أهمية توفر الأدوات التكنولوجية في أيدي الشباب. كونها تلعب دوراً جوهرياً في التعليم بوقتنا الحالي، سواء بالوصول إلى المعلومات والمراجع والأبحاث. بالإضافة إلى الكميّة الهائلة من البرامج التعليمية في مختلف المجالات، التي تساعد على سد الفجوة التعليمية بين بلدنا والبلدان المتقدمة.

أما من الناحية الاقتصادية، لفتَ “الشايب” أنّ التكنولوجيا قادرة على تأمين فرص عمل عن بعد للشباب، أو حتى البدء بعملهم الخاص، إضافة إلى بناء قدرات ومهارات تمكّنهم من النجاح الوظيفي لاحقاً.

ويرى “الشايب” أنّ حرمان الشباب من امتلاك موبايل أو لابتوب متطور هو حرمان للبلاد من فرصة للنهوض والتقدم.

في حين أن تذليل الصعاب أمام امتلاك الشباب لموبايلات وحواسيب شخصية يكون حسب رأي المهندس الشاب باستثناء هذه الأجهزة من الضرائب والجمركة، وإتاحة القروض بشكل أكبر بالنسبة للطلاب والشباب عموماً، لأن الاستثمار بالشباب هو استثمار بمستقبل البلاد.

في وقتٍ دخلت فيه التكنولوجيا إلى معظم نواحي الحياة في دول العالم. بما في ذلك التعليم والعمل بمختلف مجالاته. فإن شراء لابتوب لا يزال حلماً صعباً لكثير من السوريين لا سيما الجيل الشاب منهم، ما يعرقل تطورهم سواءً دراسياً أو مهنياً ويقف حائلاً دون الاستفادة من مواهبهم ككوادر تملك طاقات هائلة لكنها تحتاج شيئاً من المساندة.

اقرأ أيضاً:وسط النكبة.. الاتصالات تطمئن المواطنين أنها لم تلغِ جمركة الموبايلات

 

زر الذهاب إلى الأعلى