من أجل ربطة الخبز قُطعت إصبعه!!
الطفل “محمّد عبد القادر عثمان”، العامل والبائع والطالب من أجل ألف ليرة سورية، فقد إصبعه أثناء العمل
سناك سوري – آزاد عيسى
راح والده ضحية للقتال في إحدى الجبهات السورية المفتوحة على الجراح، فاستلم مهمة إطعام عائلته وتربية أشقائه الصغار ومتابعة دراسته، ليشعر أنه على قيود الأمل السورية، التي تحتاج لطابع رسمي ومعقباً للمعاملات، وخاتماً ممهوراً من مختار الحي (إذا كان حي) حتى يشعر بالحياة تدب في عروقه.
الطفل “محمّد عبد القادر عثمان”، العامل والبائع والطالب من أجل ألف ليرة سورية، فقد إصبعه أثناء العمل، ولم يفقد الأمان والطفولة، كي يستمر واقفاً من أجل “رغيف خبز” في بلاد كانت إلى وقت قريب تطعم العالم القمح، “يقول “عثمان” وهو من “القامشلي” لـ سناك سوري: «قبل أربع سنوات فقد والدي بعد معركة ضد المسلحين، ووجدت نفسي كبير العائلة. أخبرتني أمي بأن الوضع صعب للغاية، وعليَ أن أعمل حتى لا نموت جوعاً، وطلبت مني أن لا أترك الدراسة أيضاً. حاولت أمي العمل في البداية، لكن مرضها حال دون ذلك، فعاهدتها على أن أعمل بكل جهد، وأحافظ على تفوقي في المدرسة مهما كلفني الثمن».
تحمّل “محمد” خلال السنوات الأربع الماضية تكاليف وأعباء الأسرة دون كلل، ويؤكد أنه ماضٍ في ذلك حتى تأمين مستقبل أشقائه وأعباءهم، وأضاف: «أنا الآن في الصف الثامن، وقد حافظتُ على تفوقي في المدرسة رغم كل شيء. أبدأ يومي في السادسة صباحاً لأقطع أكثر من 3 كم سيراً على الأقدام حتى أصل إلى المدرسة بهدف توفير أجور النقل، إلا إذا كان المطر غزيراً، بعد المدرسة أعود بذات الطريقة إلى العمل دون المرور بالبيت، فأتجه إلى الأفران لمساعدة العمال هناك حتى أحصل على عدد من ربطات الخبز وأبيعها للناس مع إضافة مرابحي. لا أستطيع التوقف عن العمل، “لازم كون كتير نشيط، حتى يعتمد العمال علي بشكل دائم”، وبسبب سرعتي في تأدية واجباتي وتنفيذ أوامرهم، انقطع جزء من إصبعي بشريط جهاز الفرن، ورغم ذلك ربطه جيداً بخرقة قماش ولم أتوقف عن العمل. وعندما يحل الليل أذهب إلى البيت حاملاً معي مبلغاً لا يزيد على ألف ليرة، وفي مرات كثيرة تكون الغلة أقل، حتى واجباتي المدرسية ووظائفي أنجزها بمكان العمل عندما أجد الوقت لذلك».
في المنزل ينتظره يومياً خمسة إخوة وأم مريضة، يترقبون وصول رغيف الخبز و(شوية أكلات عادية)، وهنا تذكر “محمد” أثناء حديثه مع سناك سوري أنه تأخر عن واجباته فختم حديثه مسرعاً بالقول: «لا أستطيع التفكير بشراء الفواكه واللحم والملابس والحلويات لأسرتي، لأن التفكير يعذبني، المهم الخبز وشوية خضار نقدر ناكل أي أكلة، وفي المدرسة أمشي حالي بدفترين مو أكتر لكل السنة الدراسية، وما أتوقع تفرج عليّ وعلى أسرتي».
أمثال “محمد” يتواجدون بكثرة في هذا البلاد التي شغلتها الحروب وتقاسم النفوذ بعيداً عن الإنسانية.. تختلف الحكاية ولكن لكل منهم بداية ألم، ونهاية ألم، ملّوا من الأمل والفرج، وضاعت طفولتهم، ويموت شبابهم ولا يشعرون.
اقرأ أيضا : “خالد بلان” سوري بيد واحدة يصلح أصعب أعطال السيارات