معروف الدواليبي … الشيخ الأحمر تحدّى الأمريكيين واعتقله البعث
دافع عن الإسلام في فرنسا وواجه ديكتاتورية الشيشكلي في دمشق
لم يكن أحد يتوقع أن طالباً سوريّاً سيثير هذا الضجيج في جامعة “السوربون” الفرنسية. حتى أن إدارتها تطلب منه كتابة أطروحة في نقد مناهجها.
سناك سوري _ دمشق
لقد أثار ذلك القادم من “حلب” جدالات طويلة. مع أساتذته في “السوربون” حول نظرتهم إلى العرب والمسلمين، لذا طالبته إدارة الجامعة بالكتابة عن ذلك.
إنه “معروف الدواليبي” صاحب أطروحة “الاجتهاد في الشريعة الإسلامية”، والتي. قال عنها «لقد فرض عليّ الموضوع من قبل جامعة باريس بعد أن نقدت الكثير مما جاء كتبهم الجامعية».
لقد فرض عليّ الموضوع من قبل جامعة باريس بعد أن نقدت الكثير مما جاء كتبهم الجامعية معروف الدواليبي
ولد “الدواليبي” في “حلب” مع نهايات آذار 1909، لأسرة يعود نسبها إلى الصحابي “فيروز الديلمي”،. درس في مدارس مدينته متنقلاً بين “الفرير” و”الخسروية”، ثم إلى دراسة الحقوق والآداب في الجامعة. السورية بـ”دمشق”، وصولاً إلى تخرجه من كلية الشريعة كذلك عام 1927، ومن كلية الحقوق عام 1935.
انخرط “الدواليبي” في صفوف الكتلة الوطنية عام 1937، لكنه انتقل في العام .التالي إلى “فرنسا” مبتعثاً من وزارة المعارف لتفوقه بشهادتين جامعيتين، وهناك تزوج من فرنسية اعتنقت الإسلام .ورافقته في مشوار حياته.
في العاصمة الفرنسية، خاض “الدواليبي” مغامرة لإنقاذ مفتي. “فلسطين” المعتقل لدى السلطات الفرنسية الحاج “أمين الحسيني”، حيث وظّف معارفه واتصالاته للوصول إلى الجنرال “ديغول”. وإقناعه بالإفراج عنه.
وحين نجحت أولى خطوات خطته، غامر أكثر وقام بتزوير جواز. سفر لـ”الحسيني” سافر به من “فرنسا” إلى “إيطاليا” ومنها إلى “مصر” عبر طائرة أمريكية.
اقرأ أيضاً:فارس الخوري: دعم الثورة فدفع الثمن .. وخاف من الشيوعية فندِم
بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، عاد “الدواليبي” إلى “سوريا” وعيّن أستاذاً .في الجامعة السورية، ورشّحته الكتلة الوطنية ليكون نائباً عن مدينة “حلب” في البرلمان عام 1947 ففاز بقوة،. واستمر تواجده في البرلمان دورة تلو أخرى حتى 1963.
في العام التالي، انشقت الكتلة إلى حزبين، فكان “الدواليبي” .في صفوف حزب “الشعب”، واختاره “خالد العظم” في حكومته وزيراً للاقتصاد عام 1949.
إذا استمر الضغط الأمريكي على البلاد العربية لجعلها تسير في سياسة لن تنتهي إلا بتهويد بقية أبناء الشعوب العربية، فإنه يرجو إجراء استفتاء في العالم العربي، ليعرف الملأ ما إذا كان العرب يفضلون ألف مرة أن يصبحوا جمهورية سوفييتية على أن يكونوا طعمة لليهود. معروف الدواليبي
ومن “القاهرة” عام 1950 أعلن “الدواليبي” أنه وبصفته الخاصة لا بصفته وزيراً .في الحكومة السورية، وإذا استمر الضغط الأمريكي على البلاد العربية لجعلها تسير في سياسة لن تنتهي إلا بتهويد بقية. أبناء الشعوب العربية، فإنه يرجو إجراء استفتاء في العالم العربي، ليعرف الملأ ما إذا كان العرب يفضلون ألف مرة أن يصبحوا. جمهورية سوفييتية على أن يكون طعمة لليهود.
وقد أثار هذا التصريح قلقاً في الأوساط الأمريكية والغربية، من انضمام العرب .بالفعل إلى السوفييت، الأمر الذي سيدفع “واشنطن” لاحقاً لدعم “أديب الشيشكلي” في انقلابه للوقوف بوجه “الدواليبي”،. الذي لقّب إثر ذلك بـ”الشيخ الأحمر”.
اقرأ أيضاً:سوريا…ذكرى انقلاب الرئيس الذي انقلب على نفسه
بحلول العام 1951، انتخب “الدواليبي” رئيساً للبرلمان،. ثم كلّف في العام ذاته بتشكيل حكومة فقام بتشكيلها واحتفظ بوزارة الدفاع لنفسه، ورغم أن حكومته نالت الثقة في مجلس الشعب.، إلا أنها أثارت غضب العقيد “أديب الشيشكلي” الذي هدّد “الدواليبي” فلم يستجب، فأقدم على تنفيذ انقلابه الثاني.، واعتقل “الدواليبي” في سجن المزة.
أفرج عن “الدواليبي” عام 1952، ثم أعيد اعتقاله عام 1953 بسبب انتقاداته. لحكم “الشيشكلي”، وبعد خروجه مجدداً سافر إلى “العراق” تفادياً للاعتقال، ولم يعد إلا. بعد سقوط “الشيشكلي” عام 1954.
اقرأ أيضاً:ذكرى إعلان الوحدة مع “مصر” .. دولة عظمى أم لحظة طيش؟
ولدى عودته شارك “الدواليبي” في حكومة “صبري العسلي” وكان وزيراً للدفاع فيها، إلى أن تمت الوحدة مع “مصر” عام 1958، فحلّت الأحزاب السياسية وفي مقدمتها “حزب الشعب” لكن. ذلك لم يمنع “الدواليبي” من تأييد الوحدة رغم تحفظاتها على الرئيس “جمال عبد الناصر” بما يخص حربه على. “الإخوان المسلمين” والدولة القمعية التي أنشأها في “مصر”.
وعند وقوع الانفصال عام 1961، اختير “الدواليبي” رئيساً للحكومة .ووزيراً للخارجية، وبقي في منصبه حتى يوم 27 آذار 1962، وبعد وصول البعث إلى السلطة في آذار 1963 اعتقل وبقي في السجن حتى عام 1964 حين أفرج. عنه الرئيس “أمين الحافظ”، لكن خلافه العقائدي مع البعثيين وفي مقدمتهم مؤسس الحزب. “ميشيل عفلق”، دفعه لمغادرة البلاد إلى الأبد.
استدعاه الملك السعودي “فيصل بن عبد العزيز” ليكون مستشاراً .خاصاً له عام 1965، وبقي في منصبه مع تعاقب الملوك، إلى أن توفي في “الرياض” يوم 15 كانون الثاني 2004.، ودفن في “المدينة المنورة”.