مؤتمر النساء السوريات… السياسة على حساب المصلحة النسائية
نساء سوريات مختلفات اجتمعن برعاية الأمم المتحدة في “بيروت” وخرجن باتفاق على “اللا ورقة”
سناك سوري – لينا ديوب
لعل الهدف الأكثر التصاقاً بمصالح النساء من التنظيم، ليس تشكيل جبهة سياسية، بل تطوير التضامن والمساعدة الذاتية المتبادلة.
وعليه فان المؤتمر الذي نظمته هيئة الأمم المتحدة للمرأة في بيروت يومي 25و26 الشهر الماضي، غلب السياسة على التضامن النسائي، رغم أن عنوانه نحو إطار عمل مشترك للحركة النسوية السورية.
على امتداد يومين كاملين اجتمعت أكثر من مئة وثمانون سيدة سورية، كان على المشاركات خلالهما الاتفاق على أهم التحديات التي تواجههن في أربع مجالات (سياسية، اقتصادية، اجتماعية، قانونية). لكن الاتفاق الذي توصلن إليه هو عدم إصدار أي ورقة عن البنود التي تمت مناقشتها، والسبب ليس كثرة التحفظات فقط وإنما التشدد لدرجة التطرف بالآراء.
في مرات كثيرة لم يكن مستغربا التجاذب والاختلاف بين النساء المجتمعات، فالمشاركات من مشارب سياسية مختلفة، لكن المفارقة أن يشتد الاختلاف لصالح السياسة على حساب قضيتهن الأساسية وهي تحديات المرأة السورية.
فقد توقفت المشاركات طويلاً عندما تحفظت إحداهن على بندي تجريم زواج الطفلات (القاصرات)، والمساواة التامة بين الجنسين، فكيف يمكن القبول بالزواج المبكر و قوننته رغم معرفتنا بآثاره السلبية والخطيرة على الفتيات وعلى المجتمع برمته.
اقرأ أيضاً: دمشق .. نهرب من الموت أم نركض إليه – لينا ديوب
ثمة بند آخر أثار جدلاً كبيراً وإن كان يمس حياة النساء كمواطنات، لكنه أقرب إلى السياسة وهو رفض إحدى المشاركات أن تكون الدولة علمانية، على أن تكون مدنية، وكأن تلك السيدة تريد دولة لا تعتمد على القانون الوضعي وعدم التمييز بين المواطنين. أي الدولة التي تستجيب لشروط العصر وتستطيع الالتزام بالمواثيق والمعاهدات الدولية في الحقوق، التي تجد الدول نفسها مضطرة للموافقة عليها تحت ضغط تقدم مسيرة البشر للحصول على حرياتهم وبطبيعة الحال حصول المرأة على حقوقها.
وإن كنا ندرك أن السياسة حاضرة في القضايا الاجتماعية والإنسانية، وأن لكل أمر في الحياة غلافه السياسي، إلا أن العمل النسوي المدني ليبقى مخلصا لقضيته لا بد أن يدير ظهره للسياسة، وأن نمتنع كنساء عن التعاون في بناء نظام يقمعنا، إن تحفظنا أو السكوت عن تحفظ البعض منا على البنود المبنية على أسس المواطنة والشرعة الدولية لحقوق الانسان ينزع عنا شرعية المشاركة بعمل ينهض بواقع النساء، وهذا لا يلغي قناعتنا بضرورة احترام كل الآراء ووجهات النظر .
اقرأ أيضاً: في “حلب” نساء يحطمن الحواجز ويعملن في مهن كانت حكراً على “الذكور”
من المفارقات المؤلمة أن هناك من تتبنى مواقف العنف والحرب وهي الباحثة عن التحرر، هناك من تمسكت بشدة بعدم رفع العقوبات الاقتصادية عن سورية علما أن المتضرر منها ليس الشخصيات المعاقبة وإنما النساء والشعب السوري برمته، وهناك من تحفظت في الحديث عن الإرهاب، لتثبت موقفا ضد الحكومة السورية وهناك من تحدثت بلغة المنتصر وتعاملت مع الأخريات كمهزومات بعد التطورات الأخيرة على الساحة العسكرية، وذلك كله انحراف نحو العنف المجرد من الإنسانية.
هناك علامة استفهام حول طريقة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في إدارة الجلسات، وإن كنا لا نطلب منها أن تنوب عنا في حل مشكلاتنا، لكن يمكننا التساؤل عن تساهلها في تسيير المؤتمر ليس من مقاربة تنموية. وبالتالي صياغة البنود بلغة تنموية تتوافق مع الاتفاقيات والقرارات الصادرة عن الأمم المتحدة والمتعلقة بالمرأة، والتي تنص جميعها على المساواة والحماية والمشاركة الفعالة.
هناك انحراف يتعمق مؤتمر بعد آخر، وهو تكوين نخبة نسوية أقرب إلى تراتبية سلطوية على النمط الذكوري في بنانا السياسية، لا ينتمي للنضال النسوي الذي يسعى لحياة كريمة عادلة للنساء قاطبة وليس النخبة فقط، وفي زمن الويلات هذا وما بعده.
يذكر أن المؤتمر بدأ تحت اسم “صانعات السلام” قبل عدة أعوام واستمر كل عام بنسخة جديدة وصولاً إلى نسخته الحالية.
اقرأ أيضاً: عفرين: إعلانات طرقية تَحض النساء على اللباس الشرعي