سوريون يعيشون بالتقسيط ولا إمكانية للشراء بدونه
محلات الريف تنشط والبيع بالدين السبب.. تاجر بالريف: يتسوقون منا بالدّين وحين يقبضون الراتب يتسوقون من المدينة
سناك سوري – السويداء: رهان حبيب- طرطوس: نورس علي – الحسكة: عبد العظيم عبدالله
ليس من السهل على “ماجدة ع” ٤٣ عاماً من قرية “المزرعة” في محافظة “السويداء”، التنقل إلى المدينة أربعة أو خمس مرات لشراء ألبسة أولادها الثلاثة خلال التحضير في موسم العيد أو بداية المدرسة، فهذا العام ألقت مشكلة النقل والغلاء بثقلها على عائلات الريف بشكل مضاعف عن أهل المدينة.
تقول السيدة في حديثها مع سناك سوري أن أجور النقل للمرات الخمس تصل إلى ١٢ ألف ليرة لذلك اختارت التبضع من أحد محلات البلدة التي تتوافر فيها بضاعة جيدة، فيما تغيرت الأحوال لدى “نبال س” من بلدة “الثعلة” التي كانت تشتري بشكل دائم من أحد التجار في الغالب للألبسة القطنية والبيجامات الذي اعتمد التقسيط وكانت تشتري الباقي من المدينة، وتضيف: «بعد الغلاء اعتمدت على الشراء من هذا التاجر لأن بضاعته جيدة، ويعتمد التقسيط بعكس تجار المدينة الذين لا يقبلون بيعي بالتقسيط».
الموظفة قسطت بيجامة لها بـ٤٠ ألفا وقميص لابنها بـ١٥ ألف، أضيف لمبالغ سابقة للحساب الذي أسسته منذ خمس سنوات، واستمرت تدفع قسم وتضيف جديد.
“فيصل ب” ٥٠ عاماً أحد أقدم تجار الألبسة بلدة “عرمان” لا يستغرب زيادة الأسماء في دفتر الدين، فهو كتاجر اشتغل على هذه السياسة منذ أكثر من ٢٠ عاماً مؤكدا أنه لم تمر عليه ظروف مثل ظروف هذه الفترة، ويضيف: «ظروف الغلاء وصعوبة النقل وتكاليفه، جعلت زبائن جدد بتجهون إلى متجري الذي تجد فيه كل أنواع الألبسة للاستفادة من ميزة التقسيط وتنوع البضاعة وتعرضت للخسارة عدة مرات بسبب اختلاف الأسعار وتأخر السداد وضعف القدرة الشرائية»، وكتاجر يعاني من تاجر الجملة ونسب الأرباح والبضاعة لديه تنفق بسرعة لكن الزبون لايدفع أكثر من ٥٠ بالمئة، وكلاهما يعرف أنه لن يشتري لولا التقسيط الذي اعتمده وأغلب زبائنه من أصحاب الدخل المحدود.
التاجر فكر بإضافة مشروع سمانة لمحله مع العلم أن لديه عدد زبائن بالمئات من القرية، ومحيطها ويضيف: «في هذه الفترة تجارة التقسيط مفيدة للموظف لكنها تحمّل التاجر أعباء كبيرة والأهم عندي بات المحافظة على رأس المال وتدويره بشكل سليم بتنويع البضاعة لترويجها».
اقرأ أيضاً: سوريا.. ركود الأسواق يهدد التاجر والموزع والمستهلك
في الحسكة وطرطوس أيضاً
بقرية “مسعدة” بريف الحسكة تعتمد “آمنة مسالمة” البيع بالدين أيضاً، على الرغم من قلة الزبائن والربح في آن واحد فغايتها هي كفاية نفسها وأختها من ذوي الحاجات الخاصة التي تتكفل تربيتها، حيث تبيع الملابس والاكسسوارات، مؤكدة في حديثها مع سناك سوري أنها تعتمد المحبة وأقصى درجات التعاون مع الزبائن، هدفها تحقيق ربح بسيط لنفسها ومساعدة أبناء قريتها الذين يشترون كل مايريدون بالتقسيط.
وفي “طرطوس” يفتقد صاحب المحل التجاري “محمد علي” في ريف مدينة بانياس، زبائنه الدائمين مع كل منحة مالية حكومية وبداية كل شهر تقريباً، ويراهم عادة منتصف الشهر وآخره بشكل مستمر، فهم يستدينون حاجياتهم المعيشية اليومية /20/ يوماً في الشهر تقريباً.
التاجر “علي” منذ بداية افتتاحه للمحل التجاري على الطريق العام بين المدينة وعدة قرى بريف “بانياس”، وزبائنه الدائمون محددون تقريباً ومعروفون بالنسبة له لا ينقصون، وما يزيد عليهم عابري الطريق الذي يعتمد عليهم كثيراً لتوفير المال لتجديد بضائع المحل بشكل مستمر كونهم لا يستدينون منه.
التاجر “يوسف عمار” على الطريق العام بين طرطوس- صافيتا أكد أن قربه من المدينة يجعل من عمله التجاري متواترا، بالنسبة لزبائن قريته فغالبيتهم يستدين من عنده بشكل مستمر، وحين توفر المال بين يديهم يقصدون المدينة للتبضع، علماً أن كل شيء متوفر لديه وبجودة متعددة وأسعار متنوعة تناسب الجميع، والهدف أن يكسب دوماً زبائنه ويوفر عليهم مشقة التسوق من المدينة وبعض المواصلات والمال، خاصة مع صعوبة المواصلات والنقل، ورغم ذلك يفتقد زبائنه المحيطين حين وفرة المال بين يديهم، حيث يقصدون المدينة لقضاء أوقات فراغ والتسوق.
ويضيف: «حاولت فهم لماذا يقصد زبائني سوق المدينة للتسوق رغم توفر كل ما يحتاجونه في محلي التجاري وبأسعار منافسة وبجودة تتناسب ورغباتهم وقدراتهم المالية، وكانت النتيجة أن سمة محل الريف هي البيع بالدين، ومن يقصد التسوق من المدينة يكون لديه مشاغل متعددة يحاول تنفيذها مع بعضها البعض خلال التسوق، ومنها التنزه مثلاً والتعرف على كل جديد في المدينة، ولكن هذا لا يستمر على مدار الشهر، بل في بداية الشهر فقط، حيث يعودون للتسوق من محال الريف بالتسليف لأول الشهر القادم».
اقرأ أيضاً: سناك سوري يفتح دفتر ديون سوريين … ماذا كتب فيها السمان؟