بين التنميط والإساءة للمرأة.. لافتات ذكورية “تَخفُق” في الملاعب السورية
من الشتائم إلى اللافتات..هل من حزم مع تلك الظاهرة؟
لا ينقص رياضتنا المتعبة هذه الأيام سوى أن يسود مدرجاتها الخطاب القائم على الكراهية والتمييز قائم على النوع الاجتماعي.
سناك سبورت – دمشق
ربما كان حرياً بأصحاب حملة “أجمل ما قيل في الجندر” أن يقفوا ملياً مع ملاعبنا وصالاتنا ليجدوا فيها “العجب العجاب” من الهتافات والإساءات المتكررة بحق النساء ولو كانت المباراة تجمع ما بين لاعبات كرة قدم أو كرة سلة.
مشجعون هنا ينهالون بالشتائم ذات الطابع الجنسي على منافسيهم، وآخرون “يتغنون” بكشف اسم والدة أو زوجة لاعب ما وكأنه “فتح مبين” وهتافات تصف لاعبا ما بأنه “حامل” لأنه يعالج على أرض الملعب وغيرها من الصور المشينة في حضرة الرياضة وأنديتها التي ترفع شعارات “الأخلاق” برفقة أعلامها ورموزها.
لكن إن كانت تلك الهتافات تعبيراً وانعكاساً لمرض اجتماعي عام في بلادنا واستسهال للإساءة والتنمر مرتبط بأزمات أخلاقية يطول الحديث حول جذورها، فإن “الطامة الكبرى” تكمن في وقوع روابط مشجعين ومجموعات “الألتراس” في خطيئة التغني بمثل هذا الخطاب التمييزي والتنميطي بحق النساء.
اقرأ أيضاً:ليس هذا أجمل ما قيل في الجندر – زياد محسن
يوم أمس، وفي معرض ردها على اتهامات الفساد التي ساقها رئيس اتحاد كرة القدم “صلاح رمضان” بحق ناديها، لم تجد رابطة مشجعي “الأهلي” سوى استخدام صورة نمطية للمرأة لوصف ماقام به رئيس الاتحاد بأنه “لت وعجن نسوان” وكأنها نقيصة أو أمر معيب بلافتة رفعت على مرأى ومسمع الجميع في لقاء الفريق أمام “المجد” في الدوري.
لم تكن رابطة “الأهلي” “سباقة” في هذا المجال، بل سارت على نهج قديم وقعت به العديد من مجموعات “الألتراس” في البلاد منذ بداياتها، “فألتراس بلوز” الداعم لنادي “حطين” اعتبر في لافتة رفعها سابقا في وجه مشجعي “تشرين” أنهم “اشباه حريم” وكأن المرأة كائن معيب وزاد في الطين بلة استخدام وصف من العصور الوسطى في وصف النساء “بالحريم”.
التراس “أورانج الشام” المناصر “للوحدة” هو الآخر لم يجد ضيرا في استخدام شتيمة جنسية في وصف جاره نادي “الجيش” بلهجة ذكورية واضحة ودون اي اعتبار لمشجعات الفريق اللواتي يدعمن “الوحدة” جنبا إلى جنب مع رجاله.
أما “ألتراس ريد سولدر” المشجع لنادي “الوثبة” فلم يجد سوى وصف “المغتصبة” لمهاجمة جاره “الكرامة” بلافتة ذات ديربي بينهما ليرد “التراس بلو واريوز” الكرماوي بلافتة تصف أنصار الوثبة “بالأرامل” في تقليل من شأن المرأة وتكريس لمفاهيم خاطئة تحول الضحية إلى جلاد ومذنب عندما تكون الضحية “أنثى”.
أمثلة للأسف كثيرة تعكس تنميطا وذكورية باتت تتربص أكثر فأكثر في ملاعبنا ومدرجاتها، تبدأ من تلك اللافتات ولا تنتهي بتداول النكتة السمجة “عالمطبخ” بحق كل فتاة تريد الحديث حول كرة القدم او ممارسة اللعبة.
ومؤخرا بدأ اتحادا كرة القدم والسلة في التشدد بعقوباتهما بحق الأندية التي تطلق جماهيرها الشتائم وهي خطوة على الطريق الصحيح لكنها تبقى منقوصة مالم تعمم لتشمل اعتبار تلك اللافتات المسيئة للمرأة على أنها عبارات مشينة تستحق العقوبة وصولا للعمل على إنهاء تلك الظاهرة.
دور الاتحادات لا يقل عن دور إدارات الأندية المعنية بضبط روابط مشجعيها ليس فقط لتجنب العقوبة لكن لأن هذه الروابط تعكس في النهاية قيم النادي وصورته في عيون المجتمع ومن غير المقبول أن نشاهد أندية كبيرة تمثل رموزا بتاريخها وشعبيتها تتبنى بشكل أو بآخر مثل هكذا نوع من الخطاب المسيء.
وإضافة للجانبين أعلاه لابد ونحن في عصر “السوشال ميديا” ذي التأثير الواسع، من أن يقف الناشطون بقوة في وجه هذا الخطاب من خلال الإشارة إليه واستنكاره وعدم التعامل معه على أنه أمر طبيعي يحدث داخل وخارج الملاعب، “فالتطبيع” مع تلك الظاهرة المتنامية سيجعلها تتفاقم وتخرج عن السيطرة وتزيد من حالات الشغب والحساسيات المفرطة بين الأندية.
وختاما تبدو المشكلة دوما في العديد من جوانب رياضتنا بأن “محامين فاشلين هم من يتولون الدفاع عن قضايا محقة” وبمعنى أوضح فإن التنافس الرياضي أمر مشروع وانتقاد الخطأ والفساد واجب ومطلوب لكن أن تكون أداة كل ذلك في الإساءة والتنمر وتبني خطاب الكراهية فهذا مقتل القضايا العادلة ومسبب رئيسي في عدم وصولها لخواتيم سعيدة.