الكثير من هذا الذي نحتفل به اليوم!
هل ستؤدي الحرب في النهاية إلى تقبل المجتمع السوري لفكرة “المساكنة”؟
سناك سوري-رحاب تامر
تلك القبلة التي جمعت بينكما يوماً لن تغضب الله، ولا المستقبل، لن تدمر البشرية أو تشعل الحروب، لن تقتل أرواحاً بريئة، لا تخافا الله كان ثالثكما لا الشيطان.
في هذا الشرق حين تلفظ كلمة “الحب” سرعان ماتقفز إلى رأسك فكرة عن رجل وامرأة، أنت لن تتخيل أي نوع آخر للحب وفي عقلك تعيش فكرة أن الحب هو مايجمع بين رجل وامرأة فقط، لكن مشاهدة واحدة لفيلم “Maleficent” كفيلة بتغيير تلك الفكرة والارتقاء بها بعيداً عن الغريزة.
الفيلم هو نسخة محدثة عن قصة “الحسناء النائمة”، تأتي الساحرة الشريرة “أنجلينا جولي” وتلقي بلعنتها على الطفلة التي حين تتم عامها الثامن عشر ستغرز إصبعها بالنول وتذهب في سبات لن يوقظها منه سوى قبلة حب حقيقي، لكن الأمور تتطور بعد ذلك وتقع الساحرة الشريرة بحب الطفلة الصغيرة تراقبها عن بعد وتنشأ بينهما علاقة أقرب ماتكون لعلاقة الأم وابنتها، ثم وبعد تطورات كثيرة تقع اللعنة وتنام الأميرة، إلا أن قبلة الساحرة الشريرة هي من تعيد الحياة للحسناء النائمة، إنها إحدى أبلغ وأجمل الصور التي تجسد الحب الخالص غير المحتكر من قبل رجل وامرأة إلا في مفهومنا الشرقي للحب.
تقول صديقتي إن الشرق والحب خطان متوازيان لا التقاء بينهما، تلك نتيجة لابد وأن تخلص لها عاجلاً أم آجلاً، فهذا الشرق اللعين يلد أطفاله موتى ثم لا يلبث أن يلتهمهم حين يكبرون، وكيف لمن ولد ميتاً أن يشعر ويحب.
اقرأ أيضاً: هو مايزال يضربها وهي ماتزال تنتظره بدمعة ورداء أحمر!
في بلاد تحكمها الرغبة والغريزة وانعدام النضج والوعي لا مكان للحب، نحن نخطئ في تقديرنا ونبني حياتنا بناء على شعور سرعان ماينتهي لكن تبعاته تكون قد أصبحت واقعاً لا مفر منه، الزواج مقبرة الحب هكذا يقولون لكن للأسف فإن الزواج هو الاختبار النهائي لحدوث الحب المشكلة الحقيقية تبدأ بمجرد أن نكتشف أن نتائج هذا الاختبار لم تكن كما نريدها، تبخر الحب فجأة لكن الآخر صار واقعاً لن يتبخر بتلك السهولة، ومن ثم ستبدأ القيود بتكبيلك حتى تلفظ أنفاسك الأخيرة، مهما حاولت لن تكسر قيدك، فأنت تعيش في الشرق عدو الحرية وبلد القيود بكل أنواعها وتشعباتها.
هل سألتم أنفسكم يوماً لماذا تعيشون في بلاد تحلل الحروب وتحرم “المساكنة” بوصفها جريمة زنا لا تغتفر، وكأن القتل صار فضيلة الفضائل والحب فاحشة الفواحش، المساكنة كما يعيشها الغرب تعني أن يتشارك عاشقان منزلاً واحداً وحين يتأكدان من حبهما يتزوجان أما إن شعرا بانعدام الحب في مرحلة ما فإنهما بكل بساطة يفترقان بكل ود، وطيلة حياتهما معاً لا يخون أحدهما الآخر يعيشان كأي اثنين متزوجان لكن بدون ورقة قانونية، بينما في بلادنا يهتمون بتلك الورقة على أساس أنها ضامن لحقوق الزوجة، لكن أي حقوق تلك؟ لا داعي لأن نختبئ خلف إصبعنا فالزوجة تخسر الكثير من حقوقها إن لم يكن كلها حين الطلاق، فما قيمة تلك الورقة أكثر من كونها رابط قانوني يحلل وجودها إلى جانب رجل ما في مجتمع مايزال يعتقد أن “الجنس” أعظم الفواحش، بينما القتل غاية ووسيلة.
اقرأ أيضاً: وماذا كان سيضر الله لو تزوجا؟
صديقتي التي أدماها الاختيار الفاشل تسائلت أمامي ذات مرة لما لا يكون عقد الزواج كما عقد الإيجار، محدد بزمن معين إما أن يقرر الطرفان تمديده، وإما يقطعانه ويفترقان كأي صديقين أو زملاء مسكن سابقان، هي تضحك من فكرتها لكنها تحلم بسوريا علمانية في النهاية تساعد ربما أولادها مستقبلاً للحصول على الحرية التي لن تحصل عليها اليوم.
الحب لن يجد طريقه إلى هذا الشرق مادامت المرأة ضلعاً قاصراً، لن يجد طريقه إلى أرواحنا مادامت الرغبات تحكمنا، الحب سيضل طريقه دائماً وسيلبس آلاف الأوجه لكنه أبداً لن يظهر بوجهه الحقيقي قبل أن نثور على كل موروث تجرعنا منه الألم والحسرة.