إقرأ أيضاالرئيسيةشباب ومجتمع

عن زواج الطوائف في سوريا.. ماذا كان سيضر الله لو تزوجا؟

اهداء إلى شلتي الأنيقة التي شتتها بركان عادات وتقاليد ما أنزل الله بها من سلطان!

عن زواج الطوائف في سوريا، هل على قلوبنا أن تسأل أولاً عن طائفة الطرف الآخر قبل أن تقرر الوقوع في الحب، والوصول به إلى مرحلة الزواج والارتباط؟.

سناك سوري-رحاب تامر

لازلت أذكر ذلك المشهد كما لو أنه حدث يوم أمس، شاهدته وهو يقدم لها وردة حمراء رقصت عيناها فرحاً بها. قبل أن ينحني ليقبل يدها ويغادر، بينما تسمرت هي بعينين تملؤهما الدموع، وأنا كنت أتسمر من غرابة مارأيت. أهداها وردة.. قبّل يدها.. ورحل.. أهناك حلماً أكثر رومنسية لفتاة جامعية مايزال الشباب يتفجر في قلبها العاشق؟!.

ذلك المشهد حدث في نهاية موسم دراسي في المدينة السكنية بجامعة تشرين عام 2003. لقد كان “طارق” وهو شاب من السويدء ، واقع بغرام “ليلى” من ريف اللاذقية، ذكر المناطقية لازم هنا ففيها كل السر وراء دمعة صديقتي.

بعد انتهاء المشهد تقدمت منها وسألتها عن سر تلك الدمعة، لتخبرني أن لا أمل من هذا الحب فهي مخطوبة كلامياً لجار ينتظر تخرجها. بينما “طارق” مخطوب بحكم العادات لابنة عمه التي هي الأخرى تنتظر تخرجه ليبدآ حياة تقليدية رسمها الآباء لهما منذ كانا في المهد. ثم أدركت أن تلك الوردة والقبلة كانتا للوداع فقط.

زواج الطوائف في سوريا.. لماذا لا؟

لم يكن هذان العاشقان الوحيدان المحكومان بالفراق نتيجة ظروف طائفية فرضها التفكير المجتمعي علينا في هذه البلاد. فقد كنا شلة جميلة، من السويداء وإدلب وجسر الشغور وحماة وجبلة واللاذقية وطرطوس ودمشق والقنيطرة وريف حلب وحتى من فلسطين والأردن.

كنا مثالاً للفرح والحياة ننظم الرحلات والجلسات اللطيفة في الجامعة، فرح كان يلمع في عيونهم العاشقة فابن حماة كان واقعاً بغرام ابنة جبلة. التي ترفض الاعتراف بالأمر وتصر على أنها صداقة عابرة بينما هو كان يصر دائما على اهدائها أغنية عبد المجيد عبد الله الشهيرة آنذاك “تشطر عاد وافهمها”. ثم أدركت أنها أقوى من أن تستسلم لقصة حب محكومة بالفراق وفضلت الاستسلام لألم كان يحرقها دون أن تبوح به. ترى هل كان الأمر نضجاً أو ضعفاً؟ّ!، لربما كان تسليماً بحكم العادات فقط!.

صديقي الفلسطيني كان متيماً بفتاة من اللاذقية، وأيضاً كان يعاني من التفكير بالفراق فهو النتيجة الحتمية لحالة الحب خاصته. التي قرر الاستسلام لها حتى تدق ساعة الوداع، يا إلهي أي ألم يحمله من يدعون حب الله لقلوبنا العاشقة؟!، أيعقل أن الله لا يحب الحب؟. ومايضره إن تزوج عاشقان متيمان؟، هل سيهتز قانون الحياة؟. الحياة ذاتها التي تُسفك اليوم بفعل الحرب والكره والتخلف والاستسلام لواقع لا يقبله عقل إنسان اختار الفكر نوراً لعقله والإيمان نوراً لقلبه.

صديقتي ابنة إدلب كانت متيمة بشاب من محيطها، لم تكن الطائفية سبباً في فراقهما المرتقب آنذاك. وإنما التفاوت الطبقي والتعليمي فيما بينهما كان سبباً كافياً لفراقهما الذي علمت أنه حدث بعد تخرجها وعودتها إلى منزل أهلها في إدلب ليكون قلبها ضحية التخلف. بينما لا أعلم عنها شيئاً اليوم وهل ذهبت روحها ضحية الحرب أيضاً، مرة أخرى يا إلهي كم مرة مقدر لنا الموت في هذه البلاد؟.

ومثلهم صديقتي من حماة المتيمة بابن السويداء، والأخرى من السويداء المولعة بشاب من صافيتا. كل تلك القصص دفنتها الأيام فيما بعد دون أن تثمر سوى ذكريات عابرة الله وأعلم كيف يستحضرونها اليوم.

لقد كنت أراقبهم جميعهم بينما كنت وحيدة، فأنا كنت مصرة على الارتباط برجل واحد في كل حياتي. هكذا كانت قناعتي آنذاك أن أوفر كل الحب في قلبي لرجل واحد كان شرط مجيئه على حصان أبيض من غير المسموح التنازل عنه لأي سبب كان. لكنهم أخبروني فيما بعد أن ابن ريف حلب كان واقعاً في غرامي إلا أنه لم يجرؤ على البوح لي.

هو الآخر كان محكوماً بقيد ارتباط مع ابنة عمه، للصراحة لم أكترث للأمر فهو لم يحرك داخلي سوى مشاعر الصداقة التي أؤمن بها تماماً كما أؤمن بمشاعر الحب. لكنني كنت على ثقة لو أني أحببته لكان والدي وافق ولو على مضض فقد ترك لي الكثير من الحرية بكل مراحل حياتي اللاحقة وحتى السابقة.

وأنا أعيش اليوم ظروف هذه الحرب اللعينة راقني استحضار تلك الذكريات وتشاركها معكم. متسائلة ترى لو كان كل اثنين من أولئك العشاق قد تزوجا هل كنا لنصل إلى ماوصلنا إليه اليوم؟. أتسائل أيضاً مالفرق بين دواعش يقتلون أرواحاً باسم الدين، وبين تقاليد تقتل الحب باسم الطائفية؟.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى