شباب ومجتمعالرئيسية

علاء أبو فخر.. يمنح السجاد فرصة جديدة للحياة في السويداء

علاء.. حرفي يلبّي حاجة الأهالي للدفء في ظل ارتفاع الأسعار

يتعامل علاء أبو فخر (38 عاماً)، من قرية ريمة اللحف بريف السويداء، مع أنواع السجاد العربي بحرفية فنية، محاولاً من خلال ترميمه تخفيف الأعباء الاقتصادية عن الأهالي، والحفاظ على السجاد صالحاً لفرش المنازل لفترات طويلة، في ظل ارتفاع أسعاره وصعوبة استبداله بجديد.

سناك سوري-رهان حبيب

علاء، الذي عمل في معمل السجاد الآلي منذ أقل من عشر سنوات، قال لـ”سناك سوري”، إنه وجد في التعامل مع السجاد متعة خاصة، ويعتبر من حسن حظه أنه تعلّم كيفية التعامل مع أعطال وعيوب الأنوال، وتصحيح الخلل بالإبرة والخيط العربي، وإكمال صورة السجادة كلوحة فنية متناغمة الألوان، ومتناسقة في الحبكة والنسيج.

ويضيف أبو فخر إن تعلّم الخطوات الأولى لترميم السجاد لم يكن شاقاً، لكنه كان دقيقاً، وقد تابعه بإصغاء كامل مع معلمه الذي كان له الفضل في إتقانه الحرفة، ومع الممارسة، لمس أهمية هذا العمل في إطالة عمر السجادة أو أي قطعة مصنوعة على النول، من خلال زراعة الصوف وحبكه، وتصحيح العيوب اللونية أو أي خلل قد تتعرض له القطعة، وهو ما بات حاجة ملحّة اليوم في ظل الظروف الاقتصادية وارتفاع أسعار السجاد العربي، التي جعلت الحصول عليه أمراً نادراً.

علاء أبو فخر يرمم السجاد في ورشته – سناك سوري

علاء يرمم السجادات في المنازل

وباشر الشاب عمله بمساعدة كل من يطلب ترميم سجاد عربي، أو قطع صنعت في معمل سجاد السويداء المعروف بجودته على مدى عقود، وكان يعمل خارج أوقات الدوام، إذ يزور الزبائن في منازلهم لإجراء الإصلاحات، فيما يحضر بعضهم عدة قطع إلى ورشته لترميمها وتجهيزها لفرشها خلال موسم الشتاء، والاستفادة منها في التدفئة.

ترميم السجاد حاجة ملحّة اليوم في ظل الظروف الاقتصادية وارتفاع أسعار السجاد العربي، التي جعلت الحصول عليه أمراً نادراً.

ووفق أبو فخر، فإن بداية موسم الشتاء لهذا العام كانت مختلفة، إذ ازداد الطلب على حرفته، ووصلته عدة قطع بحاجة للترميم، فلبّى حاجات الأهالي بأجور مقبولة قال إنها لا تقارن بتكلفة شراء قطع جديدة باهظة الثمن، ولا تؤمّن الدفء المطلوب في هذه المحافظة الجبلية.

ويضيف أن انتقاله مؤخراً إلى ورشة في المدينة، بحي النهضة، ساهم في تواصل عدد أكبر من الزبائن معه، إذ ترد إليه معظم الأيام قطع لا يرغب أصحابها بالاستغناء عنها، ويحاول قدر الإمكان تلبية هذه الرغبة عبر إيجاد قطع مناسبة تنسجم مع لون السجادة وتصميمها، مستخدماً مهارات متعددة في الإصلاح تضيف جمالاً للقطعة، وتحافظ على رونق الصوف العربي وجماله، لتبقى صالحة لتزيين المنزل.

معالجة الصوف العربي والسجاد بنقوشه عمل دقيق يحتاج إلى هدوء وتركيز، كونه جزءاً من مشروع فني يجب أن يكتمل دون أخطاء

يتنقّل أبو فخر بشكل شبه يومي من قريته إلى ورشته باستخدام النقل العام، وفي حال طلب أحد الزبائن خدمته، ينتقل حاملاً بعض مستلزمات العمل، بجهد ومتعة كبيرين، لقناعته بأن هذه الحرفة تناسبه، وتمثّل فرصته الوحيدة لتحسين دخله في ظل تراجع الأوضاع الاقتصادية وما يترتب عليها من مسؤوليات.

عمل يحتاج هدوء وتركيز

ويشير إلى أن معالجة الصوف العربي والسجاد بنقوشه عمل دقيق يحتاج إلى هدوء وتركيز، كونه جزءاً من مشروع فني يجب أن يكتمل دون أخطاء، نظراً لأهمية القطعة بالنسبة لأصحابها، الذين غالباً لا يرغبون بإحالتها إلى “التقاعد”، إما لأسباب اقتصادية أو لكونها إرثاً عائلياً يحمل الكثير من الذكريات، ويؤكد أن إعادة ترميمها تمثّل إحياءً لهذه الذكرى، وهي مهارة يعتز بها ويفرح من خلالها بخدمة أهله ومساعدتهم.

ويضيف أن لهذا العمل موسماً يتركّز في بداية الشتاء، مع حاجة الأهالي للتدفئة، إضافة إلى نهاية الموسم حيث تكثر أعمال التعديل والتنظيف، وقد يمر أحياناً بحالة ركود، لذلك، تدرب أيضاً على ترميم الموكيت المستخدم بكثرة في فرش المنازل، حيث يتعامل معه بطريقة مختلفة تتطلب غالباً استخدام قطع للترقيع بأسلوب فني لا يظهر أثر الإصلاح أو يبدو نشازاً عن باقي القطعة، وينصح الأهالي بالاحتفاظ بقطع صغيرة من الموكيت لأهميتها في حال حدوث حرق أو اهتراء.

وفي ختام حديثه، يذكر أبو فخر أنه قام بترميم سجادة يزيد عمرها على 65 عاماً، وتعلّم من هذه التجربة الكثير، مؤكداً أن السجاد المصنوع من الصوف العربي ثروة لا يجب التهاون بها أو تركها عرضة للرطوبة والغبار، فهي إلى جانب الدفء تتمتع بجمال يضفي على المنزل مظهراً أنيقاً.

زر الذهاب إلى الأعلى