أخر الأخبارالرئيسيةتقارير

الحراك المدني يعود: حلب تسجّل 6 وقفات احتجاجية بأقل من شهر

أربع وقفات احتجاجية خلال أيلول تعكس تنوع المطالب وعودة المجال العام بعد عقود من الغياب

شهدت مدينة حلب يوم الإثنين الفائت حراكاً مدنياً لافتاً؛ حيث نظم فنانون وقفة احتجاجية في مقر نقابة الفنانين اعتراضاً على قرار نقل الاختبارات إلى دمشق. في المقابل، اصطفت مجموعة من المكفوفين في ساحة سعد الله الجابري للمطالبة بحقوقهم وتخصيص مادة في الدستور المرتقب تكفلها. جاء ذلك في مشهد واحد يعكس تنوع القضايا واتساع مساحات الحراك المدني من المطالب المهنية إلى الحقوقية.

سناك سوري-خاص

هذا الحراك لم يكن مألوفاً في سوريا لعقود طويلة، إذ غابت الوقفات الاحتجاجية وكل أشكال التعبير السلمي إلا فيما ندر نتيجة القبضة الأمنية الصارمة التي كبّلت المجتمع، قبل أن يشكل عام 2011 منعطفاً جديداً مع انطلاق الثورة وما رافقها من مظاهرات واسعة.

غير أن هذه الموجة خفتت تدريجياً في مناطق سيطرة النظام السابق، ليعود المشهد ويأخذ شكلاً مختلفاً بعد سقوطه يوم 8 كانون الأول، حيث برزت فرصة جديدة أمام السوريين لتنظيم وقفات احتجاجية وحراك مدني يرفض قرارات بعينها أو يطالب بحقوق أساسية تتعلق بالمعيشة والخدمات والعدالة الاجتماعية.

على سبيل المثال شهدت محافظة حلب ما لا يقل عن 6 وقفات احتجاجية خلال أيلول الجاري، الإثنين انطلقت فيها وقفتان، الأولى أمام نقابة الفنانين رفضاً لقرار نقل الاختبارات إلى العاصمة، والثاني لمكفوفين طالبوا بتضمين حقوقهم بالدستور.

إضافة إلى إضراب نفّذه سائقو شاحنات في حلب يوم 14 أيلول بالتزامن مع إضراب مشابه في حمص وحماة، احتجاجاً على قرارات وزارة النقل بإلغاء مكاتب الدور واستبدالها بشركات خاصة لتنظيم عمليات الشحن.

وقبل ذلك تحديداً مطلع الشهر الجاري، نظم مئات من المعملين وقفة احتجاجية في ساحة سعد الله الجابري، للمطالبة بصرف رواتبهم المتأخرة، كذلك وقفة احتجاجية للكادر الإداري في جامعة “حلب الحرة”، اعتراضاً على تأخر صرف الرواتب أيضاً، إضافة إلى وقفة احتجاجة أمام شركة الاتصالات اعتراضاً على قرارات فصل العقود.

في الحقيقة ورغم أن حلب نموذجاً إلا أنها ليست المحافظة الوحيدة التي شهدت حراكاً سلمياً في سوريا، فالعاصمة دمشق شهدت العديد من الوقفات الاحتجاجية، سواء للمطالبة بالحقوق كما إبان منح الإجازات المأجورة كانون الثاني، أو عند الاحتجاج على العنف سواء بالساحل أو في السويداء، والتي قوبلت برد فعل عنيف ليس من عناصر الأمن إنما من أفراد آخرين في المجتمع.

وتكررت الوقفات الاحتجاجية في معظم المحافظات السورية تحت عناوين مختلفة، يجمع بينها قاسم مشترك هو انطلاق الحراك المدني، الذي يمكن ان يكون مؤشراً قوياً على استعادة المجال العام، فالشارع بدأ يستعيد الثقة بنفسه وبجدوى الفعل السلمي، وشيئاً فشيئاً يمكن أن يؤدي إلى حراك مدني أوسع وأكثر تنظيماً قادر على التأثير وفرض مطالبه.

أمثلة عربية.. استجابة حكومية للحراك المدني

ففي الأردن وبعد احتجاجات واسعة للمعلمين وإضراب عن العمل عام 2012، نجحوا بإقناع الحكومة أن تمنحهم العلاوة التي طالبوا بها ورفضتها في البداية، كما أن الحراك ساعدهم على استعادة نقابتهم وانتخابها بعد نحو نصف قرن على تغييبها.

والحال ذاته في تونس، حيث لعبت الاعتصامات السلمية دوراً رئيسياً في دفع القوى السياسية للتوافق على الدستور عام 2014، تلك التجارب وغيرها تؤكد أن الحراك السلمي له أثر تراكمي حتى لو كان بطيئاً، فهو قادر على تحقيق أثر من نوع ما.

وهكذا تظهر التجارب أن الشارع لا يحتاج إلى السلاح لإيصال صوته، وكما في تونس والأردن وغيرهما، يبقى الحراك السلمي الوسيلة الأمثل للضغط على السلطات وانتزاع الحقوق، دون انزلاق إلى دوّامة العنف، ليثبت أن التغيير الحقيقي يولد من ميادين سلمية، لا من ساحات الصراع المسلح.

زر الذهاب إلى الأعلى