في ظروف غامضة.. ملخص شعب رأى نفسه استثناء
فادي قوشقجي: لست نادماً أو فخوراً بتجربة الخماسيات والثلاثيات
قال الكاتب “فادي قواشقجي”، إن مسلسله “في ظروف غامضة”، حكايتنا كشعب اقتنع ذات يوم أنه استثناء. وأن ما يصيب البلاد المجاورة من نزاعات ومشاحنات طائفية لن تقرب منه، ليدرك لاحقاً أنه غير محمي، وقوامه قابل للانهيار بأي لحظة.
سناك سوري – دمشق
«وما ظهر للعيان منه، هو كذبتنا كوننا استثناء، سواء أفراد أو أصحاب قيم أو كل ما يرتبط بالصفات الإنسانية حتى كبلاد. ولم يقم أحد بالتدقيق بالحكاية الاساسية المتعلقة ببنيان المجتمع إلا بشكل طفيف، ويدور كعمل عن المسافة بين حقيقة المرء من جهة. وقناعته بشأن نفسه من جهة»، حسب ما ذكر الكاتب “فادي قوشقجي” في منشور له عبر فيسبوك.
فعند تخطيطه للبدء بعمل جديد بعد “أرواح عارية” وصف “قوشقجي” تلك المرحلة بنقطة نهاية الزمن الجميل. أي “سوريا ماقبل الحرب”، وزمن فورته الكتابية الذي كان فيها إنتاجه الكتابي المتتالي دون توقف.
اقرأ أيضاً: فادي قوشقجي.. الراحل نضال سيجري ثروتي في أرواح عارية
تساءل “قوشقجي”، كم عدد الأعمال التي على الكاتب كتابتها دون أن يبدأ بتكرار نفسه، مشيراً أنه وبعد الانتهاء من “ارواح عارية”2011. ضم بأوراقه فكرتين أوليتين لعملين، مجيباً عن تساؤله السابق، أنه لابد بعدهما من استراحة لخلق مشروع جديد لايقع فيه في مطب التكرار.
يكاد يزعم أن أعماله الستة، لكل منها روح مستقلة، إلا أنه وبدءاً من الخامس عشر من آذار 2011. لم يعد هناك أي شيء طبيعي حسب قول “قوشقجي”، فقد انغمس تماماً بما أصاب “سوريا”، وتمكن الحزن من أن يصبه بالعجز تجاه أي فكرة مفيدة.
شارك “قوشقجي” بعد قرابة العام في عدد من الخماسيات والثلاثيات، والتي حسب ماذكر أن الفكرة الرئيسية فيها محددة من قبل شركات الإنتاج. وما طلِبَ منه أقل عذاباً من خلق مشروع جديد، معرباً عن عدم ندمه بتلك المشاركات، وفي ذات الوقت ليس فخوراً فيها ويراها تجربة لا يحسبها على مشروعه الكتابي، كونه لم يخطط لها بكل تفاصيلها.
اقرأ أيضاً: فادي قوشقجي يروي حكايته مع ليس سراباً بعد ١٤ عاماً على عرضه
بعد عامين ونصف من الأزمة السورية، باشر “قوشقجي” بعمله الجديد وذلك أثناء تناوله القهوة بانتظار عودة ابنه من امتحان الثانوية. ليولد في ذهنه فكرة مسلسله الأخير (شام – على قيد الحب)، حيث كتب في أيلول 2013 عدة حلقات منه، وتزامن ذلك مع تلقيه اتصالاً من منتج لبناني يسأله عن جديده. فأجابه “قوشقجي” أن لديه ما لا يناسبهم حسب توقعاته، و شرح له الفكرة وطلب منه أن يكون سورياً بحتاً، وتلقى جواب إيجابي وذهب إلى بيروت لتوقيع العقد.
وتابع “قوشقجي” تفاصيل القصة، أنه تم الاتفاق مع المنتج دون توقيع عقد، الذي لن يغامر بالإنتاج قبل أن يضمن تسويق العمل لمحطات خليجية. التي أخبرته أن هذا النوع غير مطلوب هناك ولن يتم تسويقه، واوضح ايضاً انه أوقف مشروعه كونه فشل أيضاً بإقناع أي شركة سورية بتبنيه.
عمد “قوشقجي” إلى الرمزية، فنتج عنها “في ظروف غامضة”، المتمثل بأسرة سورية تملك كل أسباب الانهيار. والتي اعتمدت على سياسة أن “تتلألأ” أمام الخارج مهما كانت “مريضة” أو حتى “مهترئة” من الداخل. وفق ماقال، أسرة تتبع بالكامل تحت سقف رغبة رب الأسرة، وابنه الكبير الذي شغل حواسه على أفرادها البقية.
انهارت كل العائلة بالكامل، وعم السؤال الكبير من قبل الناجية الوحيدة فيها “نادين” والتي أدتها “نسرين طافش” وكل من عرفها. ماذا حصل لتلك العائلة المثالية، وماهو إلا وقت قصير انكشفت بعده كل الخفايا والأسرار التي دفنتها الأسرة في حياتها، لينتهي بها أن تتعجب هل فعلاً عاشت في هذا المنزل؟.
لم تجد “دارين” إلا الحب بانتظارها ومنقذها الوحيد، من قبل شاب صدته بدايةً حين كانت تعيش في كنف أسرتها. ولكن هول الفاجعة كان كفيلاً بجعلها أكثر شفافية وقرب من الحياة.
سبق وذكر “قوشقجي” أن “عن الخوف والعزلة” واحدٌ من أقوى النصوص التي كتبها، ليكون مسلسل “في ظروف غامضة” الثاني حسب وجهة نظره. ونوه أنه عندما يتحدث عن قوة النص يقصد قوة الحبكة وبناء الشخصيات والإبحار في دواخلها والعلاقات فيما بينها.
من جهته يقدّر “قوشقجي” أنه قد يصعب على البعض أن يحب النص فوراً. لاحتوائه على تقلبات تدفع بالمشاهد أن يضع أمامه ورقة وقلم، لمعاينة التفاصيل الدقيقة التي أخذ من خلالها قصة الأسرة تنبني قطعة قطعة أمام أعين “دارين”. ولو أراد أحد معاودة متابعته فينصحه “قوشقجي” أن يلجأ إلى تلك الحيلة فعلاً ليدرك ما يحدث.
يذكر أن “في ظروف” غامضة”، عُرِضَ عام 2015، وهو من إخراج “المثنى صبح”، وبطولة “نسرين طافش”، “سلوم حداد”، “ميلاد يوسف”، “وفاء موصللي”، “جلال شموط”، “لينا حوارنة”، “نادين خوري” وغيرهم.