حق المسؤول بالاستقالة – ناجي سعيد
يحقّ للمسؤول الذي يتحلّى بشخصية مستقلّة ومتّزنة، أن يستقيل تفاديًا للفشل
يعتبر مفهوم الاستقالة، أمرًا منطقيًّا إذا ما كان نابعًا من ذات الموظّف. والموظّف الرسمي وغير الرسمي، إذا ما قصّر في أداء مهمّته المنشودة أو فشل فيها، فمن مسؤوليّته أن يقدّم استقالته، وذلك اعترافًا صريحًا منه بعدم القدرة على القيام بالمهام المُوكلة إليه، ولو كان المنصب مُوكلاً إليه من جهة معيّنة أو من اختياره الشخصي. والاختيار هو قرار فردي ينبع من اتّزان تتمتّع به هويّة الفرد. إذًا فمن الطبيعي أن يحقّ للشخص المسؤول الذي يتحلّى بشخصية مستقلّة ومتّزنة، أن يُقدم على الاستقالة تفاديًا للفشل الذي قد يتعرّض له.
سناك سوري- ناجي سعيد
وفي حالات مختلفة، قد يتشوّه مفهوم الاستقالة لناحية عدم اتّخاذه كقرار فردي! ففي عالم السياسة المشوّهة أصلاً، تشويه مُتعمّد للمفاهيم. وموقع المسؤوليّة الذي يُشكّل عبئًا وهمًّا عند “الدكتور أحمد عبد الحقّ”، هو امتياز في الوقت عينه لدى زوجته “أميرة”. التي تتفاخر بتكوين علاقات قائمة على وعود خدمات الأصحاب والمعارف والأقارب، ولا يهمّها أي معيار قِيمي يضرب بعرض الحائط مسؤوليّة زوجها! فمنصب المدير العام بنظر أميرة هو “تشريف” وليس “تكليف”.
اشتهر وزير الإعلام اللبناني “جورج قرداحي” كوجه إعلامي قبل أن يُكلّف بمسؤوليّة “حقيبة الإعلام”، وقد ساهمت الشهرة عند هذا الإعلامي المحبوب بتشويه هويّته الفرديّة التي قد تكون مُتّزنة! فالشاشة ليست مسؤولة عن شخصيّته وأخلاقه، بل كلّ ما يعني القناة التلفزيونية هو رفع نسبة المشاهدين. الذين انقسموا بين مُتابعين لبرنامجه ومحبيه من دون معايير علمية دقيقة، وبين كارهيه بسبب كرههم للمحطّة مثلاً.
اقرأ أيضا: حافظوا على بيئة نظافتكم – ناجي سعيد
وسارعت النوايا الخبيثة لتشويه صورته عند طرح اسمه وزيرًا للإعلام اللبناني. واعترضها نبع من تصريحات (رسميّة أو غير رسميّة) عن دول صديقة لأطراف سياسيّة هي جزء من مكوّنات لبنان الخليط “بالسمك واللبن” السياسي! والتصريح يُفضي بمنطق صريح وليس تجنّيًا أو اتّهامًا، يعلن فيه بأن بعض الدول العربيّة هي ذات أنظمة ديكتاتوريّة. وليس ما يُعيب هذا التصريح سوى مُغرضون سياسيّون بنوا علاقتهم بلبنان على أسس مصالحهم، وليس مصلحة لبنان.
هويّة غاندي اللاعنفيّة نبعت من قناعات فردية، فكانت موطن قناعاته الذي عمل طويلاً على حشد الناس التي تلاقت معه على هذه القناعة اللاعنفيّة التي تصبّ لا بل صبّت لخير بلده وناسه. إن موطن القناعة الفرديّة لدى غاندي ترسّخ في وطنٍ، وواجه السياسة الدوليّة لينال الاستقلال عن الدولة العظمى ويتحرّر من السياسات الخارجيّة. على عكس لبنان الضعيف الذي نال استقلاله هبةً من الدولة المُستعمرة التي ارتأت مصلحتها بعد استشارة الدول الكُبرى الحليفة، ليُسجن لبنان في صندوق يحجب عنه القدرة على اتّخاذ القرار منفردًا مُستقلاًّ! وظهر ذلك جليًّا من خلال تولّي قرداحي وزارة، فمن جهة ليس هذا قراره، ومن جهة أخرى أوهمته السياسة الدوليّة بأن بقائه في المنصب لا يصب في مصلحة لبنان.
وهو بالطبع سيرضخ لذلك بسبب محبّته للبنان. الثنائي الشيعي لا يستسيغ بقاءه في المنصب. والدول الخارجية، خوفًا من الخلل الأمني الذي قد يُسبّبه هذا الثنائي، تمنّى على قرداحي الاستقالة. فهل يبقى عالقًا بين سندان المنصب ومطرقة أمن البلد المُهدّد؟ فما كان من دبلوماسيّة جورج قرداحي، الخبير في “لم الشمل” وحلّ النزاعات الشخصيّة بين ضيوفه إلا أن يقدّم استقالته بطريقته الدبلوماسيّة المعهودة، فقال في تصريح إعلامي:
.. لن أرضخ لطلب المُغرضين وأستقيل..
لكنّي بناءً على رغبة البعض (يبدوا أنهم “بيمونوا”) سأضع نفسي بخدمة الوزارة وأُقدّم استقالتي.
اقرأ أيضا: حق الحيوان بالعيش المحترم – ناجي سعيد