الرئيسيةرأي وتحليلشباب ومجتمع

يوم اللاعنف … ثورة احترام الإنسان

ذكرى ولادة غاندي.. أبُ اللاعنف

ليست مصادفة أن يختار العالم يوم 2 أيلول من كل عام للاحتفاء بمفهوم اللاعنف، فهذا يوم ميلاد المهاتما غاندي أبو اللاعنف في العالم الذي وضع النظريات موضع التطبيق.

سناك سوري – ناجي سعيد

لطالما اعتقدتُ بأن من يحتفل بذكرى مولده يشعر بسعادة كبيرة. فذكرى ولادة أي شخص تعكس مدى سعادته والمحيطين به بوجوده الفعّال بشكل إيجابي. وتكون السعادة أكبر، لو كان الشخص مُنجزًا لأمرٍ على الصعيد العلمي/ الصناعي/ الاجتماعي. ليحمل فائدة كُبرى للبشريّة.

وبالطبع يجب أن لا يكون الشخص المُحتفى به هو الهدف أو الغاية، فنحن فرحون بإنجازه لا به. فلا “نُشخصن” الأمور، حيث أن “شخصنة” الأمر تذهب بنا إلى استخدام العاطفة وتغليبها على العقل. ونحن نعلم بأن اللاعنف هو فلسفةٌ وليدةُ العقلِ.

اقرأ أيضاً: باليوم العالمي للاعنف.. درهم وقاية خير من قنطار عنف – ناجي سعيد

ولو نظرنا إلى روزنامة المناسبات لوجدنا أن يوم 2 تشرين الأوّل هو اليوم العالمي للاّعنف. وليست مصادفة أن يتمّ اختيار ذكرى ولادة المهاتما غاندي يومًا عالميًّا للّاعنف. فقد اُختيرت ذكرى ولادته لتكون يومًا عالميًّا للّاعنف تكريمًا له على ما أنجزه في ثورته من تحرّر للشعب الهندي من الاستعمار الإنكليزي.

وميزة اللاعنف في ثورة غاندي: أنّ مواجهته للإنكليز استندت على قانونهم. نعم فبعد أن درس القانون في بريطانيا وتبحّر بفهم قانونهم. بدأ مواجهتهم في القطار عندما رفض ترك مقعده الذي خصّصه الإنكليز لهم، ووضعوا الهنود في المقاعد الخلفيّة!.

اقرأ أيضاً: سلاح اللاعنف – ناجي سعيد

إن اللاعنف هو مفهوم فلسفي يؤكّد على مُتّبعيه أن لا يُسبّبوا الأذيّة لأحد. وقد تكلّمت سابقًا عن مفهوم “أهمسا” لدى الهندوس. والذي يَشبه تمامًا المفهوم الذي أتخصص تدريبه وتعليمه: do no harm وباللغة العربيّة ” لا تؤذِ” أو بعبارة أخرى “لا ضرر ولا ضرار”.

فتكريم غاندي لا يكون بإعلان ذكرى مولده يومًا للاّعنف العالمي فقط. فتكريم أي مُفكّر يتمّ حين يبدأ الناس بتطبيق فكره.

وما يُزعجني في مبدأ التكريم التقليدي هذا، بأنّه تفكير “مناسباتي”، لو أمكنني القول. فمن منّا لا يبتاع زهورًا أو هدايا نمطية (مطبخيّة) لوالدته في عيد الأم، ويتجاهلها طوال 364 يومًا؟؟.

يمكنني أن أتكلّم نيابة عن من يقتنعون بالمهاتما، وأسمعه في مُخيّلتي يقول:« لا أريد منكم تكريمًا بجعل ذكرى ميلادي يومًا عالميًّا للاّعنف. بل أن تجعلوا كلّ أيامكم لاعنف».

فالمصطلح الوحيد لغويًّا يبدأ بالنفي “لا” ويشير إلى قمّة الإيجابيّة. لا بل قمّة احترام الإنسان، بالحفاظ على حياته ووجوده. وبالإشارة إلى هذا الأمر يقول دليل التعامل مع الضغط النفسي أن الإنسان يتصرف بطبيعته “بردّة فعل” على أي فعل يواجهه. تخيّلوا بتحويل الفكرة إلى صورة، فلو استعرنا صورة الحائط لتجسيد فكرة الفعل، لوضعنا بشكل ملاصق تمامًا، حائطًا يمثّل ردّة الفعل. أما المنطقة الضحلة بين الحائطين، فتدعى: منطقة الإدراك!! ولذا نرى غالبيّة الناس تردّ لفظيًّا/ معنويًّا/ مادّيًا.. دونما تفكير!.

اقرأ أيضاً: كيف نكون لاعنفيين – ناجي سعيد

ولكنّ الجواب البيولوجي قد ورد في نفس الدليل. ويفسّر بمثل واقعي الطبيعية البيولوجيّة لسلوك ردّة الفعل دون تفكير. حين يلمس أحدٌ سطحًا ساخنًا، فورًا يرفع يده دون تفكير، فالعملية لا تستغرق ثوانٍ:«ألمس- أشعر- أتصرّف».. ولا حاجة للتفكير هنا.

إن يوم اللاعنف العالمي ليس مجرّد مناسبة لتذكّر إنجاز مهمّ لشخصيّة مهمّة جدًّا (بالنسبة لي) ونحتفي بطريقة تقليدية، كالمهرجانات والندوات. وما شابه! لكنّ الديمومة والإستمراريّة كما فعل الثنائي المناضل (د. صليبي ود. يونان) بتأسيس جامعة (أنور) يستفيد منها طلاب من العالم العربي. وهذه محاولة صادقة تكتمل بالتزام طلاّبها لأن يكونوا مُريدين حقيقيّين للاّعنف. ليصبح سلوك البشر الطبيعي والمنتشر بينهم. كأن غاندي يقول بحنجرة فيروز ما كتب سعيد عقل:
“..قال علّمتني حلوة الحلوين
إن فلّيت اترك عطر بهالكون..”

اقرأ أيضاً: المناضلة اللاعنفية ومؤسسة جامعة اللاعنف “أوغاريت يونان” في حوار مع سناك سوري عن العنف واللاعنف

زر الذهاب إلى الأعلى