الرئيسيةرأي وتحليل

باليوم العالمي للاعنف.. درهم وقاية خير من قنطار عنف – ناجي سعيد

اليوم العالمي للاعنف جاء بيوم ميلاد المهاتما غاندي تكريما له

سناك سوري-ناجي سعيد

يحصر عامة الناس فهمهم لمُصطلح “التكريم”، بالمقولة السائدة:” في الامتحان يُكرّم المرء أو يُهان”، وما يعيب هذا الفهم، تضييق المفهوم وتقييده في بوتقة تضيق عن الإطار الإبداعي.

بمعنى أنّ الأنظمة السائدة (التربوية/ الاجتماعية/ السياسية..) هي التي تمنح التكريم لمن يكون مُبدعًا، لكنّ بإطار مُسبق الرسم من النظام السائد أينما كان وكيفما كان. وهنا يفقد الابداع معناه ليصبح كمن يمنح الحريّة بالطيران لعصفور مربوط بجذع شجرة.

الإبداع أوّلاً لا يحتاج امتحان، لا بل من يكسر قيود الامتحان هو المُبدع. وهناك الكثير من الشوارع التي سُمّيت باسم أشخاصُا تكريمًا لهم. ولكنّ لماذا؟ ليس لإبداعهم بالطبع، بل لأنهم تبوّأوا منصب في نظام الدولة (رئيس جمهوريّة/ حكومة..). فشاعر الزجل اللبناني أسعد سعيد لم تُكرّمه دولة لبنان، ولا قريته، لإبداعه الثقافي! لا بل شرعت الدولة الفلسطينيّة المُحتلّة بتكريمه في نطاقها (رام الله)، بإطلاق اسمه على شارع، “شارع أسعد سعيد”.

والشخصيّة الأكثر ابداعًا في تاريخ البشريّة، كانت شخصية المهاتما غاندي. فقد أثّر ابداعه اللاعنفي في تاريخ البشريّة. فكمّ من ثورات انطلقت في عدّة دول وغيّرت نظامها الديكتاتوري إلى نظام ديمقراطي، مستوحية ثورتها من فكر غاندي. فكان تكريم غاندي على مستوى عالمي، فكان قرارًا تكريميًّا من قِبل الجمعية العامة باسم الدول المشاركة في تقديمه وعددها 140 دولة.

ويُحتفل باليوم الدولي للّاعنف في 2 تشرين الأول/أكتوبر من كل عام، والذي يصادف اليوم السبت، هذا التاريخ هو تاريخ ميلاد المهاتما غاندي، زعيم حركة استقلال الهند ورائد فلسفة واستراتيجية اللاعنف. ووفقاً لقرار الجمعية العامة 61/271 المؤرخ 15 حزيران/يونيو 2007، الذي نص على إحياء تلك الذكرى، اليوم الدولي هو مناسبة “لنشر رسالة اللاعنف، بما في ذلك عن طريق التعليم وتوعية الجمهور”.

ويُحتفل باليوم الدولي للّاعنف في 2 تشرين الأول/أكتوبر من كل عام، والذي يصادف اليوم السبت، هذا التاريخ هو تاريخ ميلاد المهاتما غاندي، زعيم حركة استقلال الهند ورائد فلسفة واستراتيجية اللاعنف

 

اقرأ أيضاً: عنف السلطة وغاندي – ناجي سعيد

وقد أعلن “أناند شارما”، وزير الدولة الهندي للشؤون الخارجية، أن اتساع نطاق المشاركة في تقديم القرار وتنوعها يعبران عن الاحترام العالمي للمهاتما غاندي وللأهمية الدائمة لفلسفته. وقال، مقتبساً من أقوال الزعيم الراحل نفسه، “إن اللاعنف هو أقوى قوة في متناول البشرية. فهو أعتى من أعتى سلاح من أسلحة الدمار تم التوصل إليه من خلال إبداع الإنسان”. ويؤكد القرار جدّاً “الأهمية العالمية لمبدأ اللاعنف” والرغبة “في تأمين ثقافة السلام، والتسامح، والتفاهم، واللاعنف. والتكريم ليس عرضيًّا، بمعنى أن المبدع المُكرّم من خلال اسم شارع، لا يذكر ابداعه إلاّ من يمرّ بهذا الشارع، أو عائلته. أمّا تكريم غاندي، وليبقى محفورًا في فكر العالم ووجدانهم، كان بإقرار يوم عالمي للاّعنف، يوم ميلاد غاندي.

وهكذا يُربط ذكر الشخص بإنجازه البشري. فقد كان النصب التذكاري حافزًا قويًّا ليتذكّر العالم اللاعنف، فعندما علم الفنان أن صديقه، جون لينون، قد قُتل، انزعج وغضب للغاية بسبب هذا الموت الأحمق، والعديد من الانفجارات الأخرى للعنف غير الضروري لدرجة أنه ذهب إلى الاستوديو الخاص به وبدأ العمل في مشروع “اللاعنف”. هناك أشكال مختلفة لهذا التمثال، وهو الأكثر شهرة في مالمو، السويد، والذي تم تركيبه عام 1985. النصب الموجود خارج مبنى الأمم المتحدة في نيويورك بنسخة طبق الأصل.

وفي لبنان الذي يعاني “جحيمًا” من صمّ آذان السلطة الفاسدة عن سماع هموم الناس، بادر المناضلان المؤسّسان لجامعة اللاعنف في لبنان والعالم العربي (د. أوغاريت يونان ود. وليد صليبي) بإحضار نسخة عن هذا النصب، حيث تمّ تركيبها في ساحة عامة في العاصمة بيروت، وبسعي من الجامعة تكرس 2 تشرين الاول اليوم الوطني للاعنف في لبنان بقرار صدر من مجلس الوزراء وبالتعاون مع وزارة الثقافة (القرار صدر بتاريخ 13/10/2016). ففي 2 اكتوبر 2018 تم تدشين تمثال اللاعنف العالمي في بيروت فكانت أول عاصمة عربية تحتضن هذا التمثال الذي صمّمه النحات السويدي carl fredrik reuterswãrd عام 1980 كما ذكرت، وفاءً لصديقه الفنان جون لينون إثر اغتياله، وتكون الرسالة الانسانية: “ربط صوت العنف في كل مكان وبكلّ أشكاله”، ولتذكير الناس بأن اللاعنف هو خير علاجٍ للفساد والظلم السائد، مع العمل على تعزيز درهم الوقاية (جامعة أونور) الذي هو خيرٌ من قنطار.. العنف.

اقرأ أيضاً: غاندي ومفهوم الآخر والحب – ناجي سعيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى