يوميات صحفية في سوريا.. مين شاف مصيبة غيره هانت عليه مصيبته
هي ما بقا اسمها "مهنة المتاعب".. هي "مهنة وجع الراس والمعدة والإسهال"

“بتضل الصحافة مظلومة”، حتى في التجاذبات بين المهن لا أحد يذكرها، على سبيل المثال وخلال الجدل مؤخراً بعد حديث وزير التربية “دارم طباع”. عن الأطباء والعمل المهني، لا أحد ذكر الصحافة، وخلال الأحاديث عن وجود نقص في بعض القطاعات لا أحد يذكر الصحافة. (وللأمانة معهن حق، شي ما بيطعمي خبز وبيجيب وجعة راس).
سناك سوري-رحاب تامر
وكسبيل لأقول للمسؤولين والمواطنين “مرحبا نحن هون”، وددت أن أشارككم همومي كصحفية محررة في “سوريا”. على أمل تقولوا بعد قراءتها “مين شاف مصيبة غيره هانت عليه مصيبتو”. وأكون قد حصلت على ثواب “غير مأجور دنيوياً”.
هذا يا سادة يا كرام، عملنا ليس “بطالة مقنعة” فنحن نعمل 7 أو 6 ساعات كل يوم وعطلة أسبوعية ليوم واحد. لا تطالنا الأعطال الرسمية الأخرى “ولا حتى عيد العمال”، باستثناء الأعياد الدينية تبعاً لانتماءاتنا “وللأمانة كلنا منصير مؤمنين بهي الأيام وبدنا نعيد ونصلي كمان. والواحد فينا يمكن ما معو حق بسكوتة. بس المهم العطلة”.
من المعيب “نحكي عن الرواتب” فنحن في “سوريا” حيث لا شيء يكفي بس ما مننسى “سوريا الله حاميها” (مهداة للرفاق).
كمحرر/ة صحفي/ة، تتقاذفك الأخبار من كل حدب وصوب، لا تمتلك ترف إغلاق حاسوبك للراحة من ضخ الأخبار السلبية. أنت ملزم أن تقرأ خبر وفيات وضحايا وتكتبه. وتنتقل بعده إلى خبر فساد ولا تستطيع كتابة ما يدور في عقلك. لاحقاً تسافر “مجازياً” إلى أحد بلاد “هجرة السوريين” لتقرأ قصة نجاح (وبتضرب على راسك قائلاً: ليش مو أنا).
لا تفكر بسبق صحفي وإن وصلت إليه وأنجزته لن تجرؤ حتى كتابة اسمك عليه “كما في حال هذه المادة مثلاً!”. لأن وكما قال أحد الرفاق “رفاق من الرفيق والصديق مو بالمعنى التاني يلي فهمتوه”، من أن “الضو بهذه البلاد بيعمي صاحبو”. لذلك من المهم الخروج من دائرة الضوء.
أن تكون صحفي/ة في “سوريا”، يعني أن تفشل في نيل المكاسب، لا مادياً ولا معنوياً، ستكون عبارة عن “حمار/ة شغل” بالمعنى الحرفي، وستحرث لوحة الوورد أمامك ولن تنتظر قطاف الثمار، لأن موسم الجفاف يعم البلاد وبالكاد تغطي تكاليف الإنتاج.
أن تكون صحفي/ة في “سوريا”، يعني أن تغار “حتى لو ما عبرت” من كل زملائك في الخارج، تحسدهم على فرصهم. تلوم نفسك تنتظر السفر لكن لا تملك ثمن “جواز فوري” ولا بالاً طويلاً لجواز السفر العادي. (عأساس الفيز ناطرتك وعروض العمل صافة عالباب).
أن تكون صحفي/ة في “سوريا”، يعني أن تنسى كل شيء وتتذكر أنك في البلاد التي ستدفن فيها أحلامك وطموحاتك. حيث تجعل من “كسرة الخبز” هدف وكأس المياه الباردة “حلم”. وتمضي إلى وسادتك علّها تحمل إليك حلماً وردياً من نوع ما. (بس ما يلحقك عليه شي تصريح لشي مسؤول. أو شي قرار ليلي من يلي تعودنا عليهم).