الرئيسيةشباب ومجتمع

ياسر صيصان: آسف لأولئك الذين ينظرون للنصف المفقود من جسدي

“ياسر صيصان” سلبته القذيفة والغرغرينا نصف جسده لكنهما لم يسلباه العزيمة والإصرار

سناك سوري – حسان ابراهيم

في العام 2016 قطعت الحرب سلسلة أحلام طفولة “ياسر صيصان” أحد أبناء مدينة “دوما” بريف”دمشق” وحوّلته من طفلٍ يافعٍ له أحلامه التي بناها في مخيلته، وينتظر الخلاص من ظلم سنوات الحرب؛ لكي يدخل مرحلة الشباب ويبدأ بتنفيذ ما حلم به، إلى واحدٍ من مئات ألوف ضحاياها الأحياء ربما، بعدما أصيب في قدميه من جراء قذيفة بالقرب منه أثناء عبوره على دراجته الهوائية.

خسارة ونصف جسد ..

الصورة الأولى في مخيلتي بعد ما جرى من بترٍ لأصابع القدمين، لم تكن بالسوء الذي توقعته ووصلت إليه حالتي فيما بعد يقول “ياسر” ويضيف في حديثه لسناك سوري:«بسب سوء الأحوال المعيشية، ونقص الرعاية الطبية حينها، وحالة العوز والفقر ونحن نعيش تحت النار مباشرة، تفاقم وضع إصابتي، ومع كلِّ فقدٍ جديدٍ لأجزاء من نصفي السفلي، كان يذهب معها جزءٌ من أحلامي، واستمرت الخسارة … ».

اقرأ أيضاً:عبد الرحمن طفل سوري بقدرات خارقة.. مختصون: ظاهرة عالمية

“الغرغرينا” لم ترحم جسد “ياسر صيصان” مما دفع والده لبيع منزل العائلة ليس لمعالجته منها دوائياً؛ بل ليشتري الدور الأقرب في المشفى من أجل إجراء عملية بترٍ للمنطقة المصابة، وهنا يقول:«وكأنَّ ما كنا نعيشه لم يكن كافياً لقهرنا أكثر، عمليةٌ وراء أخرى كانت هي الحل الوحيد لإيقاف انتشارها، لأجد نفسي بنصف جسد، تلك الفترة التي عشتها، لمست فيها مقدار ما قدَّم لي والدي، فقط، كي يساعدني على التخلص من آلامي، غير مهتمٍ بكلِّ ما خسره من أجل ذلك، هذا كان دافعاً في صميم نفسي كي أكون مساعداً له في تحمُّل مسؤولية العائلة، بوجود أربعة أخوةٍ صغار غيري برغم الحالة التي أصبحت عليها لاحقاً».

اقرأ أيضاً:“مريم” أحيطت بالمحبة والتحفيز فاعتمدت على ذاتها وانخرطت بالمدرسة

معاملتي بنصفي المفقود ..

بعد استقرار حالته بدأ الشاب العمل على مساعدة عائلته وتعويض أسرته عن الاحتياجات التي تسببت بها رحلة علاجه، فعمل مياوماً حوالي عشرين ساعةً في حصاد مواسم القمح والشعير، بالرغم من الجو الحار والصيام في شهر رمضان، أجرته كانت 2500 ليرة سورية في اليوم الواحد، يضيف:« أيضاً عملت في تكسير الباطون والدهان مع أحد أصدقائي لفتراتٍ بحسب ما يتوفر لي، أحببت مهنة صيانة الأجهزة الخلوية، واتبعت دورةً تخصصية بها كانت تستدعي مني الذهاب لمدينة ‘‘دمشق’’ يومياً من أجل ذلك، لكن لغاية الآن لم أجد فرصة العمل المناسبة لي، وربما يكون لنظرة الناس إلى حالتي كمقعدٍ سبب في ذلك، فالكثيرون للأسف ينظرون للنصف المفقود من جسدي، وليس لما يمكنني أن أفعله بنصفي الآخر السليم».

اقرأ أيضاً:“إخلاص غريزي” تحدي الحاجة بالعمل

الرياضة إثبات شخصية وحياةٌ لي ..

دخول عالم الرياضة كان بسبب الحاجة من أجل علاج يده التي تأذت من الإصابة الأولى، ولتقوية عضلات جسمه كي يكون قادراً على مساعدة نفسه في تحركاته، يقول “ياسر صيصان” لـ سناك سوري:«بدأت بتمارين الحديد ومن ثمَّ في لعبة رفع الأثقال، أحببت لعبة كرة السلة على الكراسي ووجدت غايتي بها، وبالرغم من معاناة الوصول للتدريبات إلاَّ أنني واظبت على حضورها، مع زملائي أشعر بأنَّ هناك عائلة أخرى أنتمي إليها، تحقيق الفوز في المباريات هو انتصار لنا على إعاقتنا وإحياء لأحلامنا ورسالة إثبات وجود للمجتمع بأننا قادرين على الإنجاز ».

التحق “ياسر” في فريق ‘‘مبادرة مكملين’’ منذ نحو ستة أشهر، بالرغم من أنَّه في السابعة عشرة من عمره إلاَّ أنك ستكتشف عندما تتعرف إليه عن قرب ذاك الرجل الناضج في شخصيته، هذا ما يقوله ‘‘أحمد عطايا’’ مؤسس ومدرّب الفريق ويتابع:«لديه روح المثابرة والإصرار، لا يحب الاستسلام وخاصةً في المهام الصعبة التي تواجهه، لقد أثبت تميزه ضمن فريقنا خلال وقتٍ قصيرٍ، أرى فيه لاعباً متميزاً في المستقبل».

ما يتمناه ‘‘ياسر’’ اليوم هو إيجاد فرصة العمل التي تضمن له معيشته وتناسب وضعه، لا يخجل من القيام بأي عمل، لكن حلمه يتلخص في محل صغير يخصصه لصيانة الأجهزة الخليوية بعد أن تعلم صيانتها وأصبح متمكناً منها حسب قوله.

اقرأ أيضاً:سوريون يرقصون على الكراسي المتحركة في تجربة هي الأولى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى