الرئيسية

“مريم” أحيطت بالمحبة والتحفيز فاعتمدت على ذاتها وانخرطت بالمدرسة

الأم التي أوقفت حياتها 13 عاماً لتتفرغ للعناية بطفلتها من ذوي الحاجات الخاصة

سناك سوري – لينا ديوب

«منذ اللحظات الأولى لولادتي ابنتي “مريم” بدأت رحلة معاناتي مع مرضها، بعد قطع الحبل السري، ظهرت بقع زرقاء اللون في أسفل مؤخرتها والسبب كما أخبرنا الأطباء تارة نقص أوكسجين وتارة فيروس».

بهذه الكلمات بدأت الأم “سلام ديوب” من أهالي “مصياف” حكاية مرض ابنتها “مريم” من ذوي الاحتياجات الخاصة، تضيف: «بعد تشخيص الأطباء لحالتها تم تحويلها من مشفى “مصياف” إلى مشفى “حماة”، وأخيرا مشفى الأطفال في “دمشق”، لتبقى هناك أربعة أشهر، عانت من نزيف في المعدة غير قادرة أن تأكل كباقي الأطفال، كان وزنها عند دخولها المشفى 2800غ لتخرج منه بوزن 1500غ دون أمل بالشفاء».

كبرت مريم في بيئة محبة وداعمة

«أخرجنا “مريم” من المشفى بحالتها الصعبة ورحنا نفكر كيف هي الطريقة المثلى لرعايتها»، تقول “سلام” مضيفة: «بمعجزة وبعد اعتنائنا بها تعافت معدتها وأصبحت تتقبل حليب يدعى “نيتروماجين” خاص وغير موجود بالبلد، لكن زوجي كان يؤمنه من خارج القطر لمدة سنة، بعدها بدأت أطحن لها الطعام بالخلاط لتتمكن من تقبله، ثم اتجهت لتنظيفها وتدريبها على استخدام دورات المياه هذا الأمر أجبرني للانعزال عن العالم تماما لمدة سنتين وتمكنت من تنظيفها بعد معاناة كبيرة».

تدريب مريم وتعليمها لتعتمد على ذاتها

كانت “مريم” تعاني من مشكلة في رجليها، نقص وتر وتشنج بالأطراف السفلية أي لا تستطيع الحبو ولا المشي، تقول الأم: «كنت أجري لها  500 تمرين لكل ساق يومياً كي تتمكن من المشي، استغرق ذلك مني حوالي السبع سنوات حتى أصبحت قدمها اليسرى طبيعية بفضل العلاج الفيزيائي المستمر يومياً، أما اليمين تمكنت من المشي لكن مع رفع قدمها، كما أنها كانت شديدة الحساسية في كل شيء أي نزلة برد أو وعكة صحية أو لقاح كنت أذهب بها من “مصياف” إلى مشافي “دمشق”».

بالتوازي مع العلاج الجسدي، كان لابد أن تبدأ علاجاً آخر، تقول “ديوب” لـ”سناك سوري”: «خضعت لدورات تدريبية من أجل النطق والتعلم، ثم تمكنت من الكتابة والقراءة وأصبحت تمارس هوايات عدة مثل الرسم والموسيقا، وقبلت بالمدرسة العامة وهي الآن صف ثالث وتنجح باجتهادها ورغبتها وإرادتها بالتعلم».

“سلام” الأم الشابة التي لم يتجاوز عمرها السابعة والثلاثون امتنعت عن الإنجاب ثانية وأوقفت حياتها ثلاثة عشر عاماً تركت خلالها مهنتها في التعليم وتفرغت للعناية بابنتها حتى اطمأنت عليها بأنها تستطيع الاعتماد على نفسها وتتعلم وتمارس هواياتها، لكنها لم تزل حتى اليوم تحتاج جهداً خاصاً بالمقارنة مع أخويها “غزل” و “وجيه”.

اقرأ أيضاً: فنانة سورية سترتدي إكسسوارات حفلاتها من صنع طفل التوحد “زيد الشعراني”

كيف يتقبل الوالدين ابن الاحتياجات الخاصة؟

تقول الدكتورة “شذى الجندي” مؤلفة كتاب “لينة” وهو قصة تجاربها الطويلة مع ذوي الاحتياجات الخاصة والأطباء والمجتمع، ومع المنظمات التابعة للأمم المتحدة والتي عملت مع العديد منها: «يؤكد علماء النفس أن هناك خطوات تدريجية نفسيه محدده تمر بها معظم أمهات الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، بشكل عام هذا الكلام صحيح، رغم أن هنالك اختلافاً في طريقة تقبلهم، ودرجة التقبل، والمدة الزمنية، وأسلوب التقبل، فكل إنسان له خصوصيته ولا يمكننا أن نعمم الحالات النفسيه على الجميع، وخصوصاً أن هناك تحديات عاطفيه مختلفة تنتج عن التعامل مع الطفل والضغوط النفسية التي تتعرض لها الأم».

إن وجود بيئة محيطة محبة ومحفزة لطفل/ة ذوي الاحتياجات الخاصة تساعده/ها على تقديم أفضل مالديه، وتحقيق ذاته، وبمرحلة لاحقة يمكنها أن تجعله قادراً على تخديم نفسه وتوفير جزء من احتياجاته، كما أنه السبيل لاستكشاف مواهبه ومعارفه، والدلائل كثيرة محلياً وعالميا، وربما يقع العاتق الأكبر على الأم ولكن باقي الأسرة يتحملون المسؤولية أيضاً، وكذلك دور المجتمع الذي لابد أن يكون داعماً للأسرة، وصولاً لدور الدولة التي عليها توفير البنية التحتية والعملية التي تتلائم مع ذوي الاحتياجات الخاصة، من طرق ووسائل التنقل إلى الرعاية الصحية، هكذا تختم سلام تلخيصها لتجربتها مع ابنتها.

اقرأ أيضاً:الطفل “زهير” وجد فرصة عمل في سن صغيرة ربما تكبر معه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى