هل الناشطون بحقوق المرأة مجرد “بياعين حكي”؟ – ناجي سعيد
المرأة تحتاج أن تمد يدك لتساعدها لا أن تكتب منشوراً تضامنياً مع حقوقها في فيسبوك
يرتبط شهر آذار بالمرأة. فأوّل الصُوَر التي تأتي على الذهن في بداية شهر آذار هي صُورتَي المرأة (8-آذار) والأُمّ (21- آذار).
سناك سوري-ناجي سعيد
والمرأة تشترك مع شهر آذار في انطباع الأزهار والألوان والنعومة!! ولكنّ في مقالة اليوم عن المرأة، لن أقدّم “كليشّيهات” جاهزة، يستخدمها كل من يريد الكتابة عن المرأة. فالمرأة ليست فراشة أو زهرة رسمها رسّامو العصر الرومنطيقي والكلاسّيكي، وليست قصيدة من تأليف شعراء البلاط.
بعيدًا عن الحياة الورديّة، من منّا لم يقرأ او يسمع أو يعرف قصّة مواجهة بين إمرأة ظُلمت من سلطة دينيّة؟. وتحديدًا الأمّ التي تُشكّل الحلقة الأضعف في أي حكم شرعي مُستند على سلطة ذكوريّة. فقد شاءت الأقدار أن تنهي حياة اللبنانية “نادين جوني” في حادثة سير وذلك قبل نهاية معركتها المُحقّة مع المحكمة الدينية لحرمانها من حضانة ابنها!. وتتمثّل جرأة الناشطة “نادين جوني”، في القدرة على مواجهة سلطة دينية، سلطة احتكمت إلى قانون ذكوري لا يأبه لشؤون المرأة التي هي بالأساس “أمّ” متناسين الجنّة التي “تحت أقدامها”!.
سأخبركم عن أمي
ما سأقوله لا يندرج في إطار العاطفة، التي تربطني بها. بل سأروي ما كنت أراه. فهذه من مذكّراتي. وقد خصّيت والدتي بالحديث في رواية ما زالت في طور الكتابة.
أوّلاً لم يسمح الفقر للطفلة (والدتي) أن ترتاد المدرسة. فالفقر يمسك جهاز التحكّم لأخذ القرارات التي ترسم مسار حياة الفقير. تزوّجت أمّي “قبل الـ18، ومن حُسن حظّها بأن العريس لم يكن رجلاً تقليدياً، فقد كان أبّي عصامياً وثقّف نفسه، واحترم والدتي.
ولم يكن والدي هو من يخبر أولاده –السبعة- عن النضال الذي خاضته أُمّي، فقد كنّا نلاحظ ونتداول الحديث عن التجرية العظيمة التي خاضتها “ماما”، كما أحبّ أن أناديها. فقد كانت والدتي تصحو مُبكّرًا لتُجهّز لأطفالها الفطور الصباحي، وتتأكد من ذهابنا إلى المدرسة. وتكمل نضالها اليومي بالذهاب إلى “الفرن” لمساعدة أبي في عمله، وتعود مسرعة قبل عودتنا من المدرسة، لتكون في استقبالنا مع “الغدا” الجاهز.
اقرأ أيضاً: الشباب المندفع وتحذيرات من خطأين اثنين- ناجي سعيد
لا أحد من عائلتي الصغيرة، قَلّل من قيمة الإحترام والتقدير لوالدتي. فجميع أخوتي، يبذلون جهدًا (مادّي ومعنوي) لتأمين الراحة لوالدتي التي تشارف على الثمانين عاما. وهذا ليس مجرّد ردّ جميل، بل احترام تامٌ لعمل المرأة.
ربما قد لا يعرف أحد، ان الأمّ عاملة أكثر من الأب! فساعات عمل الرجل محدّدة بالقانون بـ8 ساعات. ولم ينتبه قانون العمل هذا، إلى أن : “الطبخ والكنس والمسح.. ” يستغرق ساعات أكثر من دوام رسمي مُحدّد من وزارة. فهل “نقّ” الطفل الجائع لأمّه يحتاج دوام رسمي وتوقيع حضور؟ وقد قال الشاعر حافظ ابراهيم: ” الأُمّ مدرسةٌ إذا أعددتها أعددتَ شعبًا طيّب الأعراقِ”، فهل يقصد الشاعر مثلي، إعطاء تقدير كبير للمرأة، خصوصاً الأم.
أنا واثقٌ من نفسي بأن أبادل أمّي وزوجتي التقدير بأن أعاونهما دائمًا حين يطلبان، وحتّى من دون! والسؤال الذي لا إجابة له، هل كان الشاعر حافظ ابراهيم يساعد أمّه، أو زوجته؟. وليس سؤالي هو كلام فارغ، لا بل تساؤل حقيقي، لكلّ شخص، وقد يكون ناشطًا وداعمًا للمرأة، هل هذا الدعم حقيقي وعملي.
بياع حكي
أم أنّه “بيّاع حكي” تمامًا مثل شخصيّة “سليم” (سلنغو) الذي لا يفوّت فرصة ليعلن أنّه حقوقي وداعم للمرأة.. وفي الوقت عينه يطلب من أخته “بديعة” أن تنظّف الأواني. لتُحضّر له العشاء فالدراسة أخذت كل وقته (يكذب).
لن تجرؤ إمرأة على مواجهة ظلم الشرع حين يحرمها حقّ الحضانة، فقد استخدم أحد النوّاب اللبنانيين القوة لخطف طفل ابنته الذي حرمها منه طليقها بواسطة حكم شرعي!.
هل المرأة تحتاج قوّة عنيفة لتواجه شرعًا، مستندًا على العقل والحكمة. المرأة، أُمًّا كانت أم زوجة أم أبنة، لا تُحترم بالقوّة وكبر العضلات، فعُذرًا يا عبد الناصر: ما أُخذَ بالقوّة.. لا يُحترم بالقوّة!، فالعقل هو الشيء الوحيد الذي لو عَمِل جيّدًا يعطي المرأة حقّها بالكامل.
ولو اعترفنا بأن التركيبة البيولوجيّة للمرأة عاطفية الميل. فقد شبَّه النبي النساء بالقوارير، ومعلوم ليونة القوارير ووجوب صيانتها من الانكسار. وليس موقفي هذا، بل ما أعتقد بأن الدين أوصى الرجل الاهتمام بالمرأة للاعتقاد السائد بأن تركيبته البيولوجيّة أقوى من المرأة، مع العلم بأن هذا تغيّر الآن.. حتّى الإنجاب، العلمُ مكّن الرجلَ منه!!.