نصوح بابيل … أول نقيب لصحفيي سوريا أوقف البعث أيامه
صاحب الأيام دافع عن الحريات بمواجهة الانقلابات
شكّلت مذكراته “صحافة وسياسة سوريا في القرن العشرين” ذاكرة عن تاريخ البلاد منذ مواجهة الفرنسيين حتى الاستقلال عنهم وما تلا ذلك من أحداث.
سناك سوري _ دمشق
يعد “نصوح بابيل” واحد من أبرز أسماء الصحفيين السوريين في القرن العشرين، وهو الرجل الذي بقي نقيباً للصحفيين لعقدين من الزمن دون انقطاع.
بدا شغفه بالصحافة باكراً، فعمل مراسلاً لجريدة “الرأي العام” البيروتية وكاتباً لعدة جرائد لبنانية أخرى، ومع قيام الثورة السورية الكبرى، راسل جريدة “المقطم” المصرية وبدأ ينقل لها أخبار الأحداث المشتعلة في “سوريا” باسم مستعار.
بحلول العام 1928 اختاره وزير المعارف “محمد كرد علي” ليكون رئيساً لتحرير جريدة “المقتبس”، قبل أن ينتقل إلى صحيفة “الأيام” التي أصبح يملكها عام 1932 لتكون منبراً يناصر قضية السوريين ضد الانتداب الفرنسي ويساند “الكتلة الوطنية”.
لكن عودة زعيم “حزب الشعب” “عبد الرحمن الشهبندر” عام 1937 واحتفاء “الأيام” به فجّر خلافاً بين “بابيل” ورجالات “الكتلة”، وقد أدى ذلك لتعطيل الجريدة 5 مرات واعتقال “بابيل” في عهد حكومة “جميل مردم بك”.
في الأربعينيات اجتمع بعض أصحاب الصحف على فكرة إنشاء نقابة للصحافة، وأجروا اقتراعاً سرياً فيما بينهم فاز إثر “بابيل” بمنصب النقيب ليكون أول نقيب لأصحاب الصحف في “سوريا”.
استمرت “الأيام” بعد الاستقلال، وتوسّع نشاط “بابيل” ليشمل جمعية “مكافحة السل” ونادي “الليونز” في “دمشق”، كما شارك في تحرير مجلة إذاعة “دمشق”، وبحسب “الموسوعة الدمشقية” فقد أجبر “بابيل” في عهد “أديب الشيشكلي” على دمج جريدته مع جريدة “الإنشاء” تحت اسم “اليوم” واستمر ذلك حتى سقوط “الشيشكلي” عام 1954 حيث استعادة جريدته اسمها واستقلالها.
وخلال تلك المرحلة لعب “بابيل” الذي بقي في منصب النقيب حتى عام 1965 دوراً رئيسياً في الدفاع عن الصحافة والحريات الصحفية رغم ما كلّفه ذلك من صِدام مع الحكومات المتعاقبة لا سيما في عهد الانقلابات، إلا أنه لم يوفّر جهداً في الدفاع عن المهنة التي أحبها وشغف بها.
ناصرت “الأيام” الوحدة مع “مصر” وكان “بابيل” معجباً بالرئيس المصري “جمال عبد الناصر” لكنه تعرّض كغيره من أصحاب الصحف لضغوطات من أجل التوقف، لكن “بابيل” أصرّ على مواصلة مشوار “الأيام” ونجا بها من التعطيل حتى وقع الانفصال عن “مصر” عام 1961.
نهاية “الأيام” كانت برفقة غيرها من الصحف المستقلة بعد قيام “ثورة البعث” في آذار 1963 وصدور قرار بوقف الصحف المستقلة، واقتصار العمل على الصحف الرسمية الثلاث.
وبعد إبعاده عن الصحافة، تفرّغ “بابيل” لكتابة مذكراته التي أنهاها قبيل وفاته عام 1986، وقد كرّمته الدولة فسمّت مدرسة باسمه في منطقة “الجاحظ” في العاصمة “دمشق” ومنحته وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الأولى، كما أنه نال أوسمة من “لبنان” و”تونس” و”الأردن” وبقي اسمه حاضراً بقوة لدى الحديث عن تاريخ الصحافة في “سوريا”.
اقرأ أيضاً:“حبيب كحالة” رائد الصحافة الساخرة في “سوريا” “المضحك المبكي”