نجوى الطيبة.. حكاية الفتاة التي تحولت إلى عاهرة الحي
كانت تعرف بـ"نجوى الحلوة" وحلم شباب الحي
في الحقيقة إن أرذل الناس سكنوا في ذاك الحي، في ذاك الركن الذي مكثت به نجوى الحلوة قبل بضعة سنين، حتى كانت مفخرة ذاك المكان وركنه الفريد. حين حطت مع عائلتها هناك كانت لا تزال دقيقة العود وواهنة مثل عظاءة في غابة، لكن خلال مدة قصيرة سرعان ما نبتت وتلوّت على مدارج الأنوثة، إذ اشتعلت الحياة في خديها المتوردتين، وباتت بيضاء مشدودة الجذع، هيفاء القامة كالوتد حتى لطف جسدها ودق، كما كانت تعرف كيف ترتدي لباسها بنمط يجعل ثيابها تبرر فتنتها النائمة تحتها كأي صبية أقبلت على الحياة، وهو ما كان يحرك ميول ود الذكور نحوها كلما عصفت بساقيها الحي. في ذاك الحين عرفتُ حقاً ماذا يعني أن يقول الأقدمون في حينا أن الفتاة بسبعة وجوه. لكنها لو كانت تعلم أنه و بفضل وجوهها السبعة البهية تلك ستتبدل حياتها أعتقد أنها كانت كتمت جمالها وما فردت جناحيها الملونتين في ذاك الحي.
سناك سوري – معتصم الوردي
فحين تسير في الحي تتبعها ألف عين، ويسيل خلفها لعاب الشبان والشيوخ، حتى بات منزل والدها، وهو رجل متعظم الفكين شبيه الجيفة، مقصد الفتية ممن باتوا يزورونه كرمى لخاطرها، حتى ينهبوا نظرة من وجهها الممراح وابتسامة من برعم فمها المتورد.
تركت المدرسة باكراً بقرار عائلي يرى في التعليم رفاهية، فتحمّلت أعباء أن تكون عاملة في الحقول والمزارع، تتحسسها أيادي الشبان اليافعة ممن يعملون معها. في وقت كان لها علاقة بشاب من أهل الحي، شاب أصهب كثير الحركة والنط والكلام، وحين علم أنها تعلّقت به لدرجة عدم القدرة على الفكاك منه كان يتفاخر بطردها أمام أقرانه، كما كانت تطوش عقول الفتية حين يتحدث أمامهم ويطحن فكيه بسيرتها والحديث عن مفاتنها حين كان يضعها في حضنه في ليلة حارة. مع أن العاقل حينها يعلم حجم مبالغته في الحديث كأي صبي أرعن.
اقرأ أيضاً: بقصد الدعارة.. بيع سيدة سورية بمبلغ 5 ملايين ليرة لبنانية
حين ملّت حبه دفعها والدها البائس لتتزوج من رجل بالغ موسر الحال، وهو أسلوب قديم لفقراء تلك الأحياء لكسب الربح السريع من هكذا زوج، لكن هذا الأخير كال لها الشتيمة وسوء المعاملة فتزوج بأخرى كأي زواج آخر باء بالفشل. فعادت إلى بيت أبيها مذلولة ومهانة في حي أكثر ما تزيغ فيه عيون الرجال إلى امرأة بلا رجل، امرأة خبرت الزوج وحرمت منه.موقع سناك سوري.
في تلك الأثناء صدف أن عاد عجوز كويتي إلى الحي، باعتياد الزيارة كل عدة سنوات، باحثاً عن صبية معدمة صغيرة وقاصر ليطفئ سيجارته في مرمدتها، ينال منها بعقد زواج وهمي ليتركها بعد وقت قصير إلى آخر من ملّته وشاكلته، تماماً مثلما اعتاد كثر في تلك البقاع العربية أن ينظروا إلى نسائنا. وكأن بلادنا في تلك السنوات خمّارة كبيرة وبيت دعارة كبير لشبان وعجزة خليجيين يتمخطوا بتلك الصغيرات الجميلات ويرحلوا.
علمتُ فيما بعد أن نجوى زوّجت لشاب آخر، خليجي الجنسية. قدم ذاك الشاب بثوبه الخليجي في صيف ذاك العام. فقام بنقلها إلى مدينة مجاورة، حتى قيل أنه تناوب على زواجها مع صديق له في ذات المنزل. وحين انتهيا منها عادت إلى منزل والدها ذابلة شاحبة ومهانة.
أصبحت حين تسير في الشارع ترمى بالبصاق والشتيمة من نسوة في الحي، وبات يُربط مؤخر اسمها بكل صنوف العبارات الخليعة. أما والدها فله وجهة نظر مختلفة حول شكل القوّاد في مجتمعنا، فقد حمل السلاح في وجه رجال من القرية حين هددوه لأفعاله تلك، وبرر ذلك بأنها لا تخرج عن شرع الله، وأنها متزوجة على سنة الله ورسوله.
تركت عائلة نجوى الحي بعد تهديدات السكان، ودّعت هي الأخرى صديقاتها سراً، وانتقلت إلى العاصمة. هناك في العاصمة يتشابه الجميع، الشريف والفاجر، الخلوق والقوّاد و الصحيح والسقيم، ما يعني أنها ستمارس المتعة كأحد ضروب الدفاع عن الوطن وسيصفق لها بحرارة، ستُحمى من العرف والعادات وسيدعم القانون تنقلها من حضن عجوز إلى حضن آخر بمنحه لها بطاقة “مومس”.
اقرأ أيضاً: فتاتا اللباس الفاضح في اللاذقية.. القانون لايحمي العريانين!