
سناك سوري – متابعات
كانت مدينة “منبج” مركزاً للحج قبل قرون مضت، حيث أطلق عليها “المدينة المقدسة”، وهي “المنبع” للخير، ومدينة “العواصم” أيام “هارون الرشيد” لأنها تعصم المسلمين من غزو “الرومان”. هي ذلك وأكثر عبر تاريخ حافل بالحرق والتهديم والبناء، من قبل غزاة يعرفون جيداً ما تعنيه.
تقع شرقي مدينة “حلب”، وغرب “نهر الفرات”، وتسيطر عليها “قسد”، بعد أن تم استعادتها من تنظيم “داعش” في ٢٠١٦. وبحسب إحصائيات 2004 فإن هذه المدينة ذات الغالبية العربية، والأقليات الكردية والشركسية، تضم ما يزيد عن المائة ألف نسمة، وهي بالطبع أصبحت أكثر بكثير مع حلول العام 2011 لكن اليوم “الله أعلم”.
و”منبج” اليوم: «مكان جيد لفهم لغز الأطراف المتنافسة التي تتقاسم “سوريا” فيما بينها، وفهم الأسباب وراء استمرارية الحروب المتعددة، التي مزّقت البلاد، لعدة سنوات إضافية». كما ذكرت “الاندبندنت”.
إقرأ أيضاً ماذا قال قائد المجلس العسكري في منبج عن دخول القوات الحكومية إليها
قبل الهجوم العنيف على منطقة “عفرين” تحت مسمى “غصن الزيتون”، كانت السلطات التركية تتباكى كل يوم على مدينة “منبج”، وتهدد بالهجوم عليها لمنع الكرد من التوسع وتشكيل سلطة قادرة على تهديد الحدود. وكان التصريح المثير لوزير خارجية “تركيا” اليوم الخميس عن “منبج” يعطي أكثر من تفسير عن احتمالية التصعيد والمواجهة المرتقبة مع “أمريكا”، حيث قال “أوغلو”: «قلنا من قبل إننا سنضرب وحدات “حماية الشعب الكردية” إذا لم تنسحب من “منبج” الواقعة قرب الحدود التركية. نحن لا نريد أن يستمر حليفنا الأميركي بالتعاون مع منظمات إرهابية تستهدفنا».
وبحسب “الاندبندنت” أيضاً: «فإن الكرد يقولون إنهم لم يعودوا يمتلكون السيطرة على المدينة، وذلك لأنهم نقلوا السلطة لمجلس محلي يُدعى “مجلس منبج العسكري” الذي يضم حوالي خمسة آلاف مقاتل، ويعمل بالتنسيق مع التحالف الدولي، وهو ما اعتبرته تركية خداعاً وتبديل الثوب لا أكثر، ويعني في النهاية مواجهة بين “تركيا” و”الولايات المتحدة الأميركية”».
يقول قائد المجلس العسكري في المدينة “محمد أبو عادل” للصحيفة: «إن الجنود الأميركيين لا يدخلون المدينة إطلاقاً، لكنهم نشطون جداً في خطوط الجبهات الأمامية».
تتابع الصحيفة تقريرها بالقول: «تحولت “منبج” مع الوقت إلى مكان صاخب يعج بالحياة، فالشوارع مزدحمة والمحلات ممتلئة بكل شيء. ورغم التهديد التركي فقد ازدهرت تجارياً بشكل مدهش بسبب ميزتها الفريدة لوقوعها على مدخل أراضي شرقي “نهر الفرات” الواسعة، والتي استولت عليها “قوات حماية الشعب” من تنظيم “داعش”، وباتت البوابة الوحيدة للكرد، حيث يؤمها رجال الأعمال الحلبيين الطامحين في كسب سوق زاخر بالناس والأموال».
إقرأ أيضاً مظاهرات وإضراب في منبج على خلفية مقتل شابين تحت التعذيب
الأخطار التي تجعل من مدينة “منبج” مدينة محاصرة أو متهالكة تكمن في غضب الأتراك والحكومة السورية معاً على هذا الواقع. وربما يوماً ما ستتحد “دمشق”، و”أنقرة” لإنهاء وجود قسد فيها، ورغبة “الولايات المتحدة” لضمان أمنها تبقى رهناً للوقت، لذلك يحتاج الكرد لمتابعة الدعم الأميركي للحفاظ على مكتسباتهم. كل ذلك بحسب “اندبندنت”.
وما هو مثير للاهتمام ونذير شؤم أن السيطرة على هذه المدينة الصغيرة أصبحت قضية يمكن من خلالها رؤية “الولايات المتحدة” و”الفصائل التركية” يطلقون النار على بعضهم البعض. قد تستفيد مدينة “منبج” من التفكك السياسي في “سوريا”، لكنها قريبة جداً للعديد من الجبهات، وسيكون من الصعب البقاء على قيد الحياة. فهل يعود التاريخ مرة أخرى لظلمها عندما دمرها “الفرعون الأعرج”.
إقرأ أيضاً أنقرة تفجر مفاجأة: سنستهدف الجنود الأميركيين