إقرأ أيضاالرئيسيةتقارير

مراجعة لمسار التسوية في بلدات جنوب العاصمة بعد مظاهرات “يلدا، ببيلا، بيت سحم”

ما الذي يعرقل مسار المصالحات؟ وما هي العوامل التي جعلتها تدخل طريقاً مسدوداً؟

سناك سوري – هاني أبو العز

خرج عدد من أهالي بلدات “ببيلا، يلدا، بيت سحم” بريف دمشق قبل أيام قليلة في مظاهرات نددوا فيها بالانتهاكات الأخيرة لفصائل المعارضة المسلحة والمتمثلة باعتقال شباب تابعين لـ “أنس الطويل” أحد عرابي المصالحات في المنطقة، وعلى خلفية ذلك الأمر قامت القوات الحكومية بإغلاق المعبر الوحيد الذي يصل تلك المناطق بمركز مدينة دمشق معبر “ببيلا – سيدي مقداد”، معتبرين أن سيطرة فصائل المعارضة المسلحة يعرقل الحياة في هذه المناطق، فما الذي يعرقل مسار المصالحات والهدن في تلك المناطق وما هي العوامل التي جعلت المصالحات تدخل طريقاً مسدوداً.

لقد شهد عام 2013 دخول لجان المصالحة لأول مرة للبلدات الثلاث بهدف إخراج عدد من الشبان بتسوية أوضاعهم إبان سيطرة فصائل المعارضة المسلحة على البلدات، حيث خرج عدد من الشبان وتم العمل على أوراق تسوياتهم الأمنية وإظهار أفضل معاملة لهم على الشاشة تعامل جيد وتقديم وجبات (سندويش الشاورما والكولا)، ولكن بعد أن ذهبت وسائل الإعلام تغير الوضع كلياً حيث تم اعتقال عدد منهم واخراج آخرين لفروع أمنية ليتم تسوية وضعهم والتحقيق معهم ومن المعروف بأن الممثل “محمد خاوندي” كان عراباً لتلك المصالحة (موقع سناك سوري)، وفي نفس العام شهدت المنطقة تسويات أخرى لقيت معاملة شبيهة ولكن أخف حدة من المرة الأولى التي جاء رد الفعل عليها سلبياً جداً لدى أهالي البلدة ومناطق جنوب دمشق بشكل عام واهتزت الثقة بينهم وبين الحكومة السورية المهزوزة أصلاً.

اقرأ أيضاً: قرار بمنع “أنس الطويل” من دخول مناطق المعارضة جنوب العاصمة

وفي العام 2014 تم توقيع اتفاق مصالحة وهدنة جديد بين الحكومة السورية وفصائل المعارضة وشمل الاتفاق بنود كان منها: “وقف إطلاق النار، تشكيل حاجز مشترك من القوات الحكومية ومسلحي الفصائل، رفع العلم السوري على المباني الحكومية، تسوية أوضاع عدد من مقاتلي الفصائل، العمل على معالجة ملف المعتقلين والمفقودين، فتح ممر إنساني لهذه المناطق بالإضافة إلى السماح لأهلها بالدخول والخروج”، حيث أقام “حسين مخلوف” محافظ ريف دمشق حينها مؤتمراً صحفياً على إثر اتمام الاتفاق ووعد بفك الحصار المفروض على البلدات وكان “أنس الطويل” عراب المصالحات بين الطرفين حتى اليوم حاضراً لأول مرة إلى جانبه، snacksyrian.com فيما قام “الهلال الأحمر العربي السوري” بتوزيع سلل غذائية تكفي لـ 6200 شخص حسب تصريحٍ للأخير، بالإضافة لفك الحصار المفروض على البلدات منذ عام وحسب التصريح الرسمي «فقد سلم 33 شخصاً نفسهم وأسلحتهم إلى الجهات المختصة من بلدتي “ببيلا” و “بيت سحم”».

أما العام 2015 فقد شهد توتراً في العلاقة بين الحكومة السورية والفصائل منذ بدايته حيث أغلقت الحكومة معبر “ببيلا – سيدي مقداد” والذي يعتبر الشريان الوحيد للبلدات وأحد بنود الاتفاق الموقع عام 2014 فردت الفصائل واعتبرت الهدنة لاغية فيما هددت القوات الحكومية باقتحام البلدات لكن الفصائل ردت بأنها جاهزة لأي عمل عسكري.

بعد فترة وجيزة نشب صراع عسكري بين الفصائل وجبهة النصرة التي رفضت الخروج من البلدات بعد وضع الحكومة السورية خروجها شرطاً لإعادة فتح المعبر وإدخال المساعدات،إلا أن الأمور تحسنت مع اتفاق الحجر الأسود الذي أفضى إلى خروج النصرة وفتح المعبر ودخول مساعدات إنسانية من قبل الهلال الأحمر والمنظمات الدولية.

اقرأ أيضاً: أهالي ببيلا يرفضون إدخال بلداتهم بـ “اتفاق المدن الأربع”

مع نهاية العام 2016 عقد اجتماع بين وفد ممثل عن الأهالي وفصائل المعارضة في البلدات ووفد حكومي حيث عرضت وثيقة (استبيان) تضم خيارين وهما البقاء في البلدات للأهالي والفصائل الموجودة فيها مقابل دخول القوات الحكومية إليها مع تسوية أوضاعهم الأمنية وانضمامهم لقوات “الدفاع الوطني” الموالية للحكومة السورية أو خروج الفصائل الرافضة للخيار الأول من المنطقة، وشهد وقتها الأمر شداً وجذباً، وتهديدات ووعيد بين الطرفين لم يؤدي سوى لزيادة التوتر.

دخلت البلدات خلال العام 2017 اتفاق “خفض التوتر” المتفق عليه في محادثات أستانا وهذا ما جعل اتفاق المصالحة يأخذ بعداً آخر لندخل مسلسل المهل من قبل الحكومة السورية لفصائل المعارضة لاتمامه، حيث كشرت الحكومة عن أنيابها وعن بنود الاتفاق الذي لم يعرفه الأهالي حيث تضمن تسليم ما لا يقل عن 60 إلى 70 بالمئة من السلاح للحكومة السورية وبحسب مصادر رسمية حكومية فالقوائم المطلوبة تضم “أسماء لـ مقاتلي فصائل المعارضة، الضباط والعسكريين الفارين، المتخلفين عن الخدمة الإلزامية أو الاحتياطية” بالإضافة لتنظيم قوائم بأسماء النازحين المدنيين والعسكريين الفارين والمتخلفين عن الخدمة، الموظفين المنقطعين عن العمل والطلاب المنقطعين عن الدراسة، وأسماء الراغبين بالخروج من البلدات إضافة إلى قوائم بأسماء الرافضين للمصالحة لدراسة اخراجهم إلى المناطق الممكن الخروج إليها.

اقرأ أيضاً: اتفاق جنوب “دمشق”… مقاتلو المعارضة يواجهون “داعش”

ونتابع هذا العام أيضاً مسلسل الاتفاق والهدنة التي لربما أوقفت الصراع العسكري بين الطرفين لكنها لم تُعد البلدات إلى سابق عهدها وهذا ما طالب به الأهالي مع بداية عام 2018، حيث قال “طارق” وهو من سكان بيت سحم لـ سناك سوري: «إننا نحاول تطبيق كامل بنود في الاتفاق الموقع والذي يضمن حرية الحركة وإدخال البضائع والحركة التجارية والعملية ولا نريد أن نسير على طريق مصالحات واتفاقات كثيرة لم يطبق منها شيء بعد، ولكننا كأهالي فقدنا الثقة بالطرف الحكومي كما فقدنا الثقة في الفصائل أيضاً».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى