كيف ولدت جريدة تشرين بيومين؟ ومن الوزير الذي ترأس تحريرها
من هو رئيس التحرير الذي كتب بحقه أكثر من 1000 تقرير؟
استعاد الصحفي السوري “صبري عيسى” ذكرياته حول صدور العدد الأول من جريدة “تشرين” عام 1975 ومشاركة وزير الإعلام حينها “أحمد اسكندر” فيه.
سناك سوري _ دمشق
وكتب “عيسى” أن الوزير “اسكندر” استدعاه يوم 4 تشرين الأول برفقة 3 من زملائه العاملين في جريدة “الثورة” لاجتماع عاجل في مبنى الوزارة،. وهم “يعرب السيد” و”محمد خليفاوي” و”عربي العاصي”.
وأبلغ الوزير الحاضرين بأنهم مكلفون من قبله للعمل على إصدار جريدة يومية باسم “تشرين”،. خلال 48 ساعة بالتزامن مع الذكرى الثانية لحرب تشرين، .وطلب من “عيسى” مرافقة لجنة المبايعات في جريدة “الثورة” لشراء أثاث مكتبي لغرفتين تم تخصيصهما في مبنى مطابع جريدة “الثورة” حيث تم تجهيز 4 آلات تنضيد رصاصي في نفس المكان.
في اليوم ذاته أعاد “اسكندر” الاجتماع بالصحفيين لتحديد سياسة الجريدة وتوجهاتها وتبويباتها وآلية العمل فيها.، وبدأت ورشة عمل صغيرة لم تتجاوز 10 أشخاص للعدد صفر بحضور الوزير “اسكندر” الذي لعب دور رئيس التحرير والمحرر وفق حديثه.
وتابع “عيسى” أن العمل لصدور العدد الأول في 6 تشرين تم في ظروف صعبة .واستمر حتى ساعات الصباح الأولى، مشيراً إلى ضيق المكان وغياب التهوية وانتشار الأبخرة السامة بسبب التنضيد الرصاصي .مما أصاب بعض العاملين في الجريدة بحالات تسمم.
قصة بداية “تشرين” التي لا يزال صدورها مستمر حتى اليوم،. تقدّم نموذجاً عن إمكانيات الصحفيين السوريين حين تتاح لهم الفرصة، .ومثالاً فريداً من نوعه لوزير منغمس في العمل وقادم من عمق المهنة.
رئيس تحرير غير بعثي لصحيفة حكومية
وفي منشور آخر،. يستعيد “عيسى” ذكرياته مع “محمود سلامة” الذي تسلّم منصب المدير العام لمؤسسة الوحدة ورئيس تحرير جريدة الثورة لفترة قصيرة عام 2000.
ويقول “عيسى” أنه لم يكن يعرف “سلامة” شخصياً من قبل.، لكن الأخير طلب منه إعادة تبويب الجريدة وإحداث تغيير شامل بها.، مشيراً إلى أنه يعرف بأن “عيسى” كان مبعداً من العمل بسبب خلافه مع رئيس التحرير السابق.، ليرد الأخير بأن هيئة التحرير تسببت بتدني مستوى الجريدة بسبب النفاق الذي مارسه أعضاؤها مع المدير العام السابق لزيادة حصصهم من الاستكتاب.
لكن “سلامة” طلب من “عيسى” تقديم خطته لتطوير عمل الجريدة.، فاقترح عليه نشر استبيان موجّه للقرّاء للتعبير عن آرائهم ومقترحاتهم،. وتم بناءً على ذلك إعادة تبويب الجريدة بأفكار جديدة.
إلا أن “سلامة” و”عيسى” لم يكافآ على ما أنجزاه.، بل زادت الضغوطات عليهما، .ويقول “عيسى” أنه واجه تلك الضغوطات بإعلان ثقته بـ”سلامة” وبحرصه على تطوير العمل في الجريدة لذا فإنه يعمل معه بحماس خاصة وأنه أول رئيس تحرير غير بعثي لصحيفة رسمية.
الضغوطات والإشاعات والتقارير أسفرت في نهاية المطاف عن إقالة “سلامة” .الذي أبلغه وزير الإعلام بأن عدد التقارير التي كتبت بحقه تجاوز 1000 تقرير بحسب رواية “عيسى”.
لا داعٍ للقول بأن الصحف الرسمية ومنذ ما قبل بداية الأزمة كانت مهجورة من القراء،. وكانت النكتة الشائعة أنه لا فرق إن اشتريت واحدة أو أخرى لأن محتوى الجريدتين واحد.
تكشف قصة “سلامة” كرئيس تحرير أراد تطوير العمل واستعادة الألق لجريدته.، ثم مواجهته بالتقارير والكيديات.، مثالاً يمكن تعميمه على كثير من المؤسسات التي تترهل وتتراجع.، بسبب عقلية الشللية وكتابة التقارير وتراشق الاتهامات والنفاق لكل مدير قادم من أجل تحقيق منافع شخصية.
اقرأ أيضاً:“جلال فاروق الشريف” مؤسس “البعث” الذي عاد “نصيراً”