لم يقف حد “الزير سالم” على تنفيذ وصية أخيه كليب دماً وحرباً فقط، فالفنان “سلوم حداد” حملها بأمانة بعد تجسيده لشخصية “الزير سالم”، ورأيناه فارساً يصول بجواده متنقلاً بين الماضي والحاضر، وهنا يكمن التساؤل كيف استطاع “الزير” تنفيذ هذه الوصية بشكل فني وأخذ ثأره بأعمال درامية؟.
سناك سوري _ ناديا المير محمود
تحت إشراف الثلاثي العظيم، الراحلان “ممدوح عدوان” و”حاتم علي” و الفنان “سلوم حداد” تم إنجاز مسلسل “الزير سالم” وتجسيد البيت الأول من تلك الوصية “هديت لك هدية يا مهلهل.. عشر أبيات تفهمها الذكاة”، وبدأت بعدها عدة أعمال قدمت حكايات نجح “حداد” فيها باستحضار التاريخ إلى الحاضر بطريقة سلسلة.
ففي عام 2004 زارنا “المتنبي” قادماً من “العصر العباسي” إلى القرن العشرين، حاملاً معه ما زرعه “الزير سالم” من شغف، حيث قدم “حداد” شخصية “المتنبي” بطريقة لم يتطرق له كشاعر فقط، بل كثائر أيضاً وكشف للناس جوانب عنه لا يعرفها إلا القلائل، حسب تصريحه لموقع “فن الجزيرة”، لنذكر من أعماله التاريخية أيضاً “أبو زيد الهلالي”، و”القعقاع بن عمرو التميمي”.
بعيداً عن اللغة العربية الفصحى، يتحدث هذه المرة “حداد” بلهجة حلبية في مسلسل “كوم الحجر” الذي وثق الفترة التاريخية في ثلاثينيات القرن الماضي، وتفاصيل البيئة الحلبية خلال الاستعمار الفرنسي وانتشار الإقطاعية، وجسد شخصية “أبو بكري” صاحب أحد المقاهي الشعبية ومعاناته مع الفرنسيين بعد أن أقدم شقيقه على اغتيال ضابط فرنسي.موقع سناك سوري.
اقرأ أيضاً: سلوم حداد زعيم مافيا.. ورئيس جمهورية نباشي الزبالة
ما القاسم المشترك الذي جمعه سلوم حداد بين شخصيتي عاصم والطاعون؟
ظهر “حداد” في مسلسل “وردة شامية” في شخصية “عاصم” الذي كان يقضي يومه في تنظيف حارته، إلى أن شاءت الأقدار أن يتحول إلى شاهد على جريمة شخصية “شامية” ليستغل الموقف ويصبح زوجها لاحقاً، ويتحول من شخص يجمع القمامة إلى شخص يجمع الجثث ويدفنها تحت الأرض التي اعتاد الحفاظ على نظافتها الخارجية.
لم تفارقه القمامة وتحول “عاصم” إلى “زهير الطير” الملقب بـ “الطاعون” في مسلسل “على صفيح ساخن”، ودفن المال عوضاً عن الأجساد هذه المرة، فلم يحتج “الطاعون” إلى الدم والقتل لجمع ثرواته، ووجد سلطانه بين أكوام القمامة في مملكته التي جمع فيها صبيانه، إلا أنه على عكس “عاصم” الذي عرف اصطياد نصيبه عن طريق الصدفة، وقع “الطاعون” رغم دهائه في شباك إحداهن التي سلبته ماله وهربت.
الأب عند سلوم حداد
لم تخلّ مسيرة “حداد” من أي شخصية اجتماعية، ولا يمكن لأحد نسيان اسم “أبو عبدو الغول” ذاك الأب القاسي الحنون، القادر على إبراز مشاعره حسب ما يتطلب الموقف وبما يلائم مصلحة أولاده في مسلسل “الندم”، بخلاف شخصيته “الطاعون” التي خسر خلالها ابنته الوحيدة بسبب معاملته التي ظن أنها ستحميها ممن حولها.موقع سناك سوري.
ولا ننسى دور الأب الذي أداه “حداد” في مسلسل “الولادة من الخاصرة” بشخصية “واصل”، الذي أنهى حياته بيديه بسبب ابنه “علام” الذي خالفه الرأي وكان سبب تعاسة الأب الدائمة، فـ “واصل” الحكيم لم يسلم من طيش ابنه المتهور “علام”.
اقرأ أيضاً: كاريس بشار محظوظة بالطلاق وتبكي أمام سلوم حداد
ولكن الذئاب لم تشيخ في مسيرة سلوم حداد
فقياساً بدوره “الشيخ عبد الجليل” في مسلسل “عندما تشيخ الذئاب” أثبت “حداد” أن ذلك النمط لا يشيخ ولا يفنى، حيث قدم شخصية من يستغل حفظه الآيات القرآنية، ليستخدمها كحجة للإقناع وتحقيق مصالحه الشخصية، متخفياً تحت عباءة الدين.
وفي عمل آخر هو مسلسل “350 غرام”، تحكم “حداد” بشخصية “فايز الأشقر”، بمصائر من حوله وبمصيره وكان أحد رجالات المافيا المتسلطة، والمتحكمة في رقاب الفقراء، ضمن قالب أثبت فيه “حداد” أنه شديد المرونة وقابل على استحضار كل الشخصيات.
ماذا عن حانات الزير سالم
بشخصية “الزير سالم”، الذي لطالما أحب الكيف والطرب واللهو والمشروب، وكم من مشاهد ظهر فيها “حداد” خلال العمل تحيط به الحسناوات ممن حوله وأثر الخمر يضحك عيناه، وبعد مرور 22 عاماً مرت يعود “حداد” إلى الحانات ونراه في مسلسل “جوقة عزيزة” في شخصية “حمدي حميها” التي طالتها انتقادات البعض واعتبرتها انتقاص لمسيرته الفنية، “حمدي” الطبال الذي ظهر خلال العمل تحيط به الراقصات من كل حدب وصوب، لن يقف في طريق الإبداع الظاهر في أدائها بعيداً عن المضمون.موقع سناك سوري.
غيض من فيض شخصيات “حداد” الدرامية، قدمها بكاريكاتيرات متنوعة ميزّته عن غيره، فالقاسم المشترك بين شخصيتي “شقيف” في “الكواسر”، و”أبو نجيب” في “زمن البرغوت” عقلية فنية أعطت كل شخصية حقها، وجعلت الجمهور يحفظها ويسميها بمسمياتها دون التطرق لاسم من قام بها إلا في حال فرض الحديث ذلك.
اقرأ أيضاً: جسد أهم الأدوار وأعقدها.. تكريم الفنان سلوم حداد