مواطن يحلم بزيارة الحكومة إلى “حلب”
سناك سوري _ محمد العمر
يعاني مواطن حلبي من مرض خبيث وفريد من نوعه أخبره الطبيب بأنه بعكس “الزهايمر” تماماً وهو طفرة جينية نادرة الحدوث تجعل المصاب بها يتذكر أكثر من اللازم.
والحقيقة أن المواطن المذكور لا يتذكر كل شيء بالحرف بل لسوء حظه فإن ذاكرته مختصة بحفظ تصريحات المسؤولين والوعود الحكومية، كما أنه يقع في كل مرة في فخ التصديق والانتظار.
ففي مثل هذه الأيام قبل عامين استقبلت “حلب” وفداً حكومياً واسعاً اعتاد أن يزور المدينة في مطلع كل عام بشكل احتفالي مترافقٍ مع وعود حالمة تنسجم مع الأجواء الكرنفالية الحافلة بالأمل والأحلام بغدٍ أفضل تقتصر مهمة الحكومة فيه على الوعود والتسويف.
في كانون الثاني 2018 تجوّل رئيس الحكومة “عماد خميس” برفقة 16 وزيراً في أنحاء المدينة، واطّلعوا على واقعها الخارج من مأساة الحرب التي عاشتها لسنوات والتي تركت خلفها دماراً واسعاً ما كان له أن يعمّر من تلقاء نفسه ولو أن الحكومة على ما يبدو تأمل ذلك.
اقرأ أيضاً:“سيل” التأكيدات الحكومية يغرق حلب وعوداً
حينها أعلن الوفد الحكومي أنه سيتم إعلان المخطط التنظيمي للمدينة خلال أشهر وأكدوا أن “حلب” سيُعاد بناؤها بشكل أفضل وأجمل ممّا كانت عليه، في الوقت الذي سرت فيه شائعة مجهولة المصدر تقول بأن المدينة ستصبح “دبي” ثانية بحلول 2020.
طبعاً جاء العام 2020 وخاب أمل المواطن الحلبي مجدداً كالعادة، فرغم إقرار المخطط التنظيمي للمدينة منذ 2018 إلا أن ذلك لم ينعكس على واقع إعادة إعمارها، وبقيت مساحات واسعة من أحيائها مدمرة كما تركتها الحرب، بالإضافة إلى استمرار مشكلة انهيار المباني المتصدعة جرّاء تأثرها بالقصف والانفجارات أيام المعارك.
إلا أن أم المصائب بالنسبة للمواطن الحلبي أن الحكومة حرمته هذا العام من زيارتها التقليدية، متجاهلة إدمانه رؤية الوزراء يتجولون في شوارع “حلب” ويطلقون الوعود والتأكيدات، وهم لا يعرفون أنه لا يريد لا إعادة إعمار ولا أن تصبح “دبي” ثانية ولا شيء من هذا القبيل، ولا يطلب إلا أن تحظى مدينته بزيارة حكومية تترافق مع وعود يزيّن بها أحلامه وينتظر من جديد.
اقرأ أيضاً:حصة حلب من الدعم الحكومي.. الزيارة الأولى من كل عام!