أخر الأخبارالرئيسيةرأي وتحليل

فاتورة الكهرباء 200 ألف .. الدعم للطبقة المخملية فقط _ أيهم محمود

من يخاف على جيوبنا من 200 ألف لا يخشى من دفعنا الملايين للبطاريات والأمبيرات

آخر صيحات الموضة لبداية عام 2023 “فاتورة الـ 200 ألف”، وهي إبداع “مصيري” يستحق جائزة نوبل لفرع علوم جديد غير موجود سابقاً لكننا لا نحبذ ذكره هنا، نترك لقرائنا الكرام تسميته مع كامل ثقتنا بأنهم لن يبتعدوا كثيراً عن تسميته الصحيحة.

سناك سوري _ أيهم محمود

كيف لهذا المواطن الذي تم تحطيم راتبه لتُصبح قيمته أقل من ثمن حذاء منخفض الجودة أن يدفع فاتورة كهرباء أكبر بكثير من حجم راتبه، هنا بالضبط تكمن رحمة التقنين لكي لا “ينجلط” المواطن الكريم فيفقد البعض إمكانية حلبه حتى آخر نقطة دم وليس آخر نقطة حليب.

وأما بعض الغذاء المدعوم فإنه بسبب عدم توفر مواطن سحري أخضر اللون يعمل بالتركيب الضوئي، ولو توفر، لكان هذا الأمر من النعم الكبرى، لكن للأسف حظهم في هذه الدنيا قليل، أعانهم الله على تحمل نفقاتنا وصخبنا وشكوانا المستمرة.

من أين أتى رقم 200 ألف؟

من استهلاكٍ للمنزل يبلغ “2000” كيلو واط مضروباً بسعر 90 ليرة ليصبح 180 ألف ليرة سورية، فعلاً إنه رقم كبير يحرض شهيتنا على إجراء حساب آخر نُثبِت فيه لهم أننا تعلمنا الرياضيات في نفس المدرسة العظيمة التي سمحت لهم بالتوصل لهذا الرقم المهم.

ماذا عن المناطق المخملية المُستثناة لسنوات طويلة من التقنين الجائر “أبو نصف أو ربع ساعة” كل ست ساعات وأحياناً “عشر دقائق فقط” كل ست ساعات، إن كانت قيمة الكيلو واط بسعر التكلفة “800” ليرة سورية، سيكون لدينا قيمة دعم في الفاتورة الواحدة لهذه الأسر التي تسكن في الأحياء المخملية يساوي الفرق بين القيمة الفعلية للكمية المستهلكة مطروحاً منها قيمة الفاتورة المدعومة البالغة 200 ألف ليرة سورية -وهي القيمة التي يتم إرهاب الفقراء بها-، الفرق هو مليون و400 ألف ليرة سورية لكل منزل من الدرجة الممتازة في الدورة الواحدة، مادة الرياضيات سهلة كما ترون وتشاهدون وهي متاحة للجميع.
هل المسألة كلها دعم مالي للطبقة المخملية؟ وهي تستحقه بكل تأكيد، فهم يشقون ويكدحون في عد أموالهم، كان الله في عونهم، لا المسألة أبعد بكثير من هذا الدعم البسيط بالنسبة لهم.

اقرأ أيضاً:السورية للتجارة تعتزم تقديم قرض الطاقة المتجددة المستدامة

يضمن توفير الكهرباء لهم ولو لـ”نصف يوم” بدل ساعة أو ساعتين في اليوم كله لبقية المواطنين من الدرجة العادية- حقهم المشروع في القيام بعملهم وبنشاطهم الإقتصادي، بينما يتم حرمان الآخرين من العمل وطلب الرزق وهذا هو أبسط القتل!..

فالقتل الحقيقي هو منع الآخرين من التعلم، ومن تطوير الذات، والحكم عليهم بالإعدام المهني والثقافي ليتمكن الآخرون من تحويلهم إلى عبيد بعد إتمام التجهيل القسري لهم، الكهرباء ليست رفاهية، من يخاف على جيوبنا من 200 ألف ليرة سورية لا يهتم لنا ونحن ندفع الملايين ثمن بطاريات وألواح شمسية أو أمبيرات لمن استطاع إليها سبيلا.

لا يخشى علينا من قروض المصارف المخصصة لتسويق بضاعة الطاقات البديلة، وقد سبق أن اقترحنا تزويد المنازل بعدادات كهربائية مُسبقة الدفع ليقرر الفرد كم سيستثمر من موارده في شراء الكهرباء وفقاً لطاقته، ووفقاً لحدود تطور عمله، بدل هذا الإعدام القسري حالياً لكل عمل ولكل تعليم في منازلنا.

لكن هذا الحل لا يناسب تقسيم المجتمع إلى طبقة سادة مقابل طبقة عبيد، فلتكن الكهرباء بسعر التكلفة حقاً مكفولاً للجميع بدل أن تكون دعماً خاصاً للمناطق المستثناة بإلا فقط، بتنا نطالب بالرأسمالية وباقتصاد السوق وفق صيغته الرسمية الحقيقية وليس بصيغته الممسوخة التي لا شكل ولا عنوان لها، لكن هذا الحل لا يمكن تطبيقه، لأنه يقود إلى تنافسية حقيقية هي أبغض الخيارات المتاحة على قلوب من يريدون احتكار كل شي لأنفسهم فقط.

المسألة أكبر بكثير من قيمة فاتورة، رغم إعجابي الشديد بهذا العمق الإضافي الذي يفاجئوننا دائماً بابتكاره كلما توهمنا أمر بلوغنا قاع هذه الحفرة المجيدة.

اقرأ أيضاً:العكام: إذا أتت الكهرباء 24 ساعة المواطن سيدفع فاتورة 200 ألف

زر الذهاب إلى الأعلى