ضحايا الرصاص والسلاح العشوائي “لا تعيدهم بوسة الشوارب”
“قصي بالي” من مدينة “صلخد” الذي قضى في شجار دامي كان أحد هؤلاء الضحايا
سناك سوري – السويداء
لم يكن الانتشار الواسع للسلاح بمختلف مسمياته على ساحة محافظة “السويداء”، إلا صورة مصغرة عن الحالة العبثية التي سادت المجتمع الجبلي طوال الأزمة المرّة التي سجلت تراجعاً مخيفاً في العادات الاجتماعية الصارمة، والتقاليد المتوارثة التي تحمل صبغة الجمال، لدرجة أنك لن تصادف في محافظة النصف مليون نسمة، إلا قلة من الأشخاص الذين سلموا أمرهم لله، ولم يجعلوا السلاح رفيقاً وحامياً، فالعمر محتوم على حد قولهم.
يقول الدكتور “عماد بالي” الذي ودع ابنه المتفوق نتيجة هذا العبث، لـ سناك سوري: «كان “قصي” ضحية لثلاث طعنات أمام مدرسته خلال شهر تشرين الثاني من العام الفائت، طعنات حرمتني ابني الذي لم يكمل عامه الثامن عشر، ولأنني مؤمن بقضاء الله أعرف أنه لن يعود، لكن ما أسعى له ألا تتكرر الحادثة، لذا تمسكت وعائلتي بقرارنا، ووضعنا ثقتنا بالقضاء، ولن نتراجع عن ذلك. وقد عبرنا عن رفضنا الكامل للحل العشائري الذي تطرحه هيئات اجتماعية مختلفة، لأن موافقتي وموافقة غيرنا من أهل الضحايا، من وجهة نظري تقدم مشروعية لأي جريمة قادمة، خاصة أننا اليوم نعيش حالة من الفلتان وانتشار غير مسبوق للسلاح على اختلاف أنواعه بين الشباب وكافة أبناء المجتمع».
إقرأ أيضاً في السويداء.. لماذا يحتاج صاحب البسطة لحمل السلاح؟!
الفاعل بما فعل …
ويضيف: «انتشار السلاح خلق حالة من التخاذل جعل أي شخص قريب من مكان الشجار، يمتنع عن المبادرة لحل المشكلة، خاصة أن المتخاصمين شباب بعمر المراهقة، وتصرفاتهم غير محسوبة العواقب، فابني قضى أمام مدرسته وبمكان مكتظ، وللأسف لم يحاول أحد التدخل، وحصل ما حصل بنتائجه الكارثية علينا كأسرة، وهذه أولى تأثيرات انتشار السلاح في مجتمع كانت ميزته التكاتف والتعاون. إضافة إلى أن المشكلة حصلت أمام المدرسة مع خروج الطلاب، والكادر التدريسي والإداري؟.
ليس لدينا أي خصومة مع أسرة “أيسر الجوهري” وابن عمه الذي شارك معه بالقتل دون أي وجه حق، فالخلاف قد يحدث بين أي شابين في الشارع، وفي حال عدم تواجد السلاح كانت الخلافات تنتهي بتشابك بالأيدي لا تزيد أضراره على بضع كدمات أو حتى كسور، ومع وجود السكاكين في حالة ابني والأسلحة النارية في حوادث أخرى، أصبح لانتشار السلاح أعداد من الضحايا تثبت خطورته وتدفعنا للبحث عن حلول رادعة.
بالتالي إذا كانت خسارة ابني وعدد ليس بالقليل من الشباب بفعل السلاح والرصاص الطائش، وحالة الفوضى بغياب التعقل، فنحن نسعى لربح أرواح من تبقى من أولادنا، وحمايتهم ليحاسب الفاعل بما فعل. ليس لدينا خصومة مع أسرة الجاني، وأدعو كل أسرة كان أولادها من بين الضحايا لعدم التهاون والاستسلام للحل العشائري، والامتثال للقانون لينال الجاني العقاب، ويكون عبرة لغيره».
157 حالة وفاة بالسلاح العشوائي.
يقول “أيهم عزام” منسق منظمة “جذور سورية” لـ سناك سوري: «في عام ٢٠١٧ قتل ١٥٧ مواطن في محافظة “السويداء” بسبب انتشار السلاح بين المدنيين. ومن خلال الاستبيان الذي أجريناه وشارك فيه ٥٠٠ شخص، بالإضافة لآراء المشاركين في الجلسة كان لافتاً تقاطع معظم الآراء على تحميل الدولة وأجهزتها التنفيذية مسؤولية انتشار السلاح، مع تحفظ البعض على تحميلها المسؤولية، وإرجائها إلى جملة من العوامل كالجهل والفقر والتربية والتعليم، واعتبرها آخرون نتيجة طبيعية للحاصل خلال السنوات السبع الماضية، فيما رأى البعض أن غياب دور المؤسسات الاجتماعية والمدنية والدينية كان سبباً في انتشار هذا السلاح».
مع السلاح لا تقل الأفراح خطرا…
تسجل المشافي العامة والخاصة يومياً حالات ناتجة عن استخدام فوضوي وغير قانوني للسلاح، الذي لم يغب عن أي مناسبة تكريماً للعريس، وترحماً على الميت، وتهنئة بمولود جديد، وبشهادة الثانوية، وقد تكون شهادة قيادة السيارة. وكلها أحداث تنشر عبر الشبكات المحلية، وقد أحصينا في أسبوع واحد أكثر من عشرة أخبار تظهر مساحة انتشار السلاح، ويبدو أن القادم أخطر.
فهل سيتخطى مجتمع انتشى بالسلاح، وتزين به، فكرة الحد من انتشاره.
إقرأ أيضاً طالبة في السويداء تشهر مسدساً في وجه زميلتها دفاعاً عن حبيبها