ربما يكاد لا يخلو حديث حكومي عن مكافحة الفساد في الآونة الأخيرة، فهل هي بداية الفعل؟؟
سناك سوري – دمشق
أقرت الجكومة السورية في اجتماعها الأخير ما سمته بالاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد.
«الوثيقة ستنطلق من مستويات تشخيص الحالة الراهنة لوضع التدخلات المناسبة لمكافحة مظاهر الفساد، وفق برمجة مادية وزمنية محددة تتضمن الاستفادة من البنيان القائم لمؤسسات الدولة المعنية بشكل مباشر بهذا الملف»، بحسب ما جاء في منشور على صفحة مجلس الوزراء على الفيسبوك.
كما ستتضمن إشراك المعنين من المجتمع الأهلي والقطاع الخاص لضمان مشاركة كافة أطياف المجتمع في محاصرة هذه الظاهرة وتعزيز سيادة دولة القانون والاستفادة من تجارب الدول في مكافحة الفساد على اعتباره ظاهرة موجودة في جميع الدول.
ودعت الوثيقة إلى تعزيز جهود المؤسسات المعنية بمكافحة الفساد وتقديم الدعم الكامل لها من الناحية التنظيمية والإدارية والتشريعية والمالية لمساعدتها على القيام بدورها بالشكل الأمثل.
وبغض النظر عن لغة المنشور البعيدة نسبياً عن المواطن العادي، والذي كان من الأفضل مخاطبته بطريقة أبسط، فإن المضمون هو الأهم، وهو ما ينتظره المواطن منذ سنوات طويلة،حيث لم تعد مكافحة الفساد بكافة أشكاله ترفاً تمارسه الحكومة لتحسين شعبيتها أمام المواطنين، بل بات شرطاً لازماً لأي عملية نهوض بالواقع الصعب الذي يعيشه المواطن بما يشكله من عبء ثقيل وثقيل جداً على كاهل الشعب ومؤسسات الدولة .
إقرار الوثيقة من حيث المبدأ يعتبر أمراً جيداً، يعني فيما يعنيه اعتراف الحكومة بوجود الفساد وضرورة مكافحته، بعد عدة تصريحات كانت تهرب للأمام، و تخفف من وجوده، وتحيل الأمر لبعض الفاسدين فقط، ولكنها غير كافية بالتأكيد ما لم يتم قرنها بإجراءات عملية واضحة، تسمح بظهور نتائج إيجابيةوحقيقية أمام المواطن.
أدوات كثيرة تحتاجها عملية مكافحة الفساد بدءاً من اتخاذ قرار حقيقي بذلك، مروراً باتخاذ الإجراءات التنفيذية، وضرورة ملحة لممارسة مجلس الشعب لدوره الفعلي، بشقيه التشريعي عبر سد الثغرات في القوانين والتي ينفذ من خلالها الفاسدون، إضافة لتشديد رقابته على الحكومة ومؤسساتها وهو ما لم يحصل حتى الآن.
اقرأ أيضاً : برلماني لوزير المالية: الفساد أقوى من الدولة!
الضرورة الأكثر إلحاحاً قد تكون في إشراك وسائل الإعلام الحكومية والخاصة، المقربة من الحكومة والبعيدة عنها، في عملية المكافحة تلك، عبر السماح لها بتسليط الضوء على قضايا الفساد الكبيرة منها، قبل الصغيرة، وضرورة شرح إجراءات الحكومة أمام المواطن، سواء كانت مكتملة أو قاصرة، وعدم اقتصار الأمر على مديح إجراءات الحكومة وتعظيمها مهما كانت صغيرة وغير ذات جدوى، إضافة لممارسة دور أكبر في نقل الواقع الحقيقي للمواطن السوري وإيصال معاناته اليومية.
سيكون من المبكر الحكم على هذه الوثيقة، بالرغم من النظرة السلبية الموجودة مسبقاً لدى المواطن السوري بعدما خبر تجارب سابقة للحكومة تحدثت كثيراً عن مكافحة الفساد دون أن يلمس نتائج حقيقية، سوى تلك الاستعراضات الهزلية مثل حادثة بائع الخبز الثمانيني، والموظف الذي يتقاضي 50 ليرة زائدة والتي أثارت نقمة الشعب يومها على حكومته التي لم تكترث لحلول البلاد في المرتبة 178 من أصل 180 دولة في ترتيب الدول المكافحة للفساد وفق تقرير منظمة الشفافية الدولية لعام 2018.
اقرأ أيضاً : سوريا في المركز 178 من أصل 180 بمؤشرات الفساد…”يبدو أن رئيس الحكومة لايستمتع جيداً بمكافحة الفساد”