سبعيني يطوّعُ الخشب منذ أربعة عقود: الحرب والتكنولوجيا نقمة
أحمد عبد الحق: كل مهنة تحتاج لعلاقة حب مع صاحبها وعندما تحب عملك وتعطيه من روحك سيبادلك الشعور تماماً
سناك سوري – صفاء صلال
في حانوت صغير وسط حي “القيمرية” بمنطقة “دمشق” القديمة، يقف السبعيني “أحمد عبد الحق” خلف طاولة خشبية من طراز عفا عليه الزمن، ينحت الخشب في مهنته التي ورثها عن والده ويورثها اليوم لابنه بعد أن أمضى فيها نحو أربعة عقود من عمره.
طوع “عبدالحق” حبه لمهنة والده بدراسته ليكمل تعليمه في المدرسة الصناعية بـ”دمشق” ويطور قدراته وإمكاناته فيها، حسب ما جاء في حديثه مع سناك سوري، موضحاً أن أي مهنة لا تحتاج لتعليم فقط بقدر ما تحتاج لمهارة إتقانها والتفرد بها، كما أن كل مهنة اليوم مهما كانت تحتاج لعلاقة حب مع صاحبها وعندما تحب عملك وتعطيه من روحك سيبادلك الشعور تماماً.
اقرأ أيضاً: ياسر أمين.. شغفَ بالأنتيكا فحوّل منزله إلى متحف تراثي
يتوقف الرجل عن الحديث لثوان، ينفض الغبار عن سترته ويضيف:«يتطلب الحفر على الخشب الصبر والجهد وتختلف المنحوتات عن بعضها في وقت إنجاز كل منها بالإضافة لنوع الخشب وخاصية المنحوتة».
زين “عبد الحق” محله بعدد من المنحوتات التي صممها مسبقاً وعلق بعضاً منها على واجهة محله الزجاجية لاستقطاب المشترين والزوار، وهي مجموعة أعمال بأشكال مختلفة منها مجسمات لحيوانات أو لمناطق أثرية ولوحات بالكتابة العربية وغيرها الكثير.
أهم ما يميز مهنة الحفر على الخشب عن غيرها من المهن الإبداع الذي تحتاجه والذوق والرؤية الفنية وفقاً لـ “عبد الحق”، مضيفاً أنه من خلال النحت على الخشب يعيد خلق الواقع عن طريق تشكيله بالمجسمات.
اقرأ أيضاً: عميد النحاسين يعزف لحن النحاس منذ ستين عاماً
يفضل عبد الحق سماع أغاني “فيروز” و”عبدالحليم” مع موسيقا خشخشة الخشب كما يسميها كونها تمنحه الإلهام على حد وصفه، مشيراً إلى أن مهنته كغيرها من المهن الحرة تأثرت بظروف الحرب في “سوريا”، ويرجع الرجل ذلك لقلة عدد السياح الذين يزورون المنطقة بالإضافة لقلة الطلب على المنحوتات الخشبية.
مهنة الحفر على الخشب تواجه منافسة كبيرة اليوم من الآلات الحديثة التي تستخدم الليزر بالحفر على الخشب حسب “عبد الحق” موضحاً أن هذا يعرض مهنة الحفر على الخشب التقليدية للاندثار كغيرها من المهن التقليدية والتراثية في “سوريا”، يزفر عبد الحق زفرة طويلة ويقول:«إنها لعنة التكنولوجيا».
اقرأ أيضاً: بيدروسيان عائلة سورية تصنع الفخار منذ 450 عاماً