الرئيسيةفن

زقاق الجن.. عندما تُجسد الشخصيات عنوان العمل

بعض من شخصياته تفوقوا على شرّ الجن المفترض بالروايات الشعبية.. كيف رأيتم شخصياتهم؟

يجتهد بعض المشاركين في مسلسل “زقاق الجن” بالبرهنة على غياب الجن أحياناً بوجود الإنس وأفعالهم. حيث لا يحتاج الإنسان لإظهار شره والتخوف منه أية قوة خفية تحركه.

سناك سوري – سراب الأحمد

“زقاق الجن” الذي يتم التداول على أنه في خمسينيات القرن الماضي كان عبارة عن بساتين، يسود اعتقاد أنها مسكونة بالجن. وبرر الباحث “علي شريف” السبب بوقوع المنطقة بين جبلي المزة والربوة ما يجعلها عرضة للرياح القوية، والتي بدورها ساهمت في أن تصدر الأشجار العالية أصواتاً تشبه الصفير، ليظن البعض أنها ناجمة عن القوى الخفية في المنطقة ألا وهي “الجان”.

تعددت الروايات الشعبية حول المنطقة، فالبعض قال أنها نتيجة لطبيعتها تحولت إلى مكان يلجأ إليه المشردون الذين لا مأوى لهم، وكانت المنطقة الأكثر ملاءمة للقيام بعمليات القتل والخطف.

اقرأ أيضاً:من حقيقة فهد سيغاتا إلى أسطورة عاصي الزند .. لماذا قد يهان الإنسان؟

تشبه الرواية الأخيرة ما يقدمه المخرج “تامر اسحاق” والكاتب “محمد العاص” في عمل يحمل الاسم ذاته، حيث تدور قصته حول عدد من جرائم القتل والخطف في أحد أحياء “دمشق” التي طالت الأطفال، فالقاتل مجهول والسبب خفي، ليسود الاعتقاد أن الجن يسكن الحي ويقوم بجرائم القتل.

لم تترك بعض شخصيات المسلسل مجالاً للتمسك بالنظرة السوداوية تجاه المخاوف من “الجن” وقدراتها المرعبة. وتمكنت من عكس واقع معاش متمثل بأفكار الشخص وسلوكه مباشرةً.

جريمة القتل وفق المفاهيم الشائعة، تعني خسارة الروح والجسد ومعاقبة الجاني بحال معرفته وثبات الجرم عليه. وبعيداً عن الموت، سمعنا جميعاً ولربما عايشنا تجربة أن تُقتل أرواحنا من أقرب الناس لنا بينما لا نزال أحياء.

اقرأ أيضاً:صفاء سلطان.. شخصيتين متناقضتين في الموسم الرمضاني

ولو سأل أحدهم كيف تُقتل الروح؟ سيأتي الجواب واضحاً، ربما بكلمة من الشخص المقابل أو سلوك يصيب عمق الروح البشرية ويحدّ من قدراتها.

وبدا ذلك جلياً في سلوك “أيمن زيدان” في “زقاق الجن” بشخصية “أبو نذير” ربّ العائلة الطاغية، الذي لم يملك من رحمة الإله شيئاً، يمارس العنف بشراسة على أفراد عائلته، فلم يسمع بمفهوم الشفقة يوماً.

يتدخل “أبو نذير” في خصوصيات أبنائه وعائلاتهم مشاركاً حتى بتربية أحفاده، بعقلية ديكتاتورية لا تعطي أية مساحة لأن ينطق الشخص الماثل أمامه. وتنعكس قسوته لاحقاً على أحد الأحفاد فيصاب بحالة تبول لا إرادي خلال نومه وما تعود عليه تلك القصة من إحراج مع زوجته كما توضح مشاهد العمل.

اقرأ أيضاً:سعد مينة عرضةً للتنمر و”غول” حكاية مسلسل زقاق الجن

“أبو نذير” نموذج بشري يشرح المسألة التي تقول بأن قوة الأفعال الشريرة للإنسان تفوق القوى الخفية المفترضة كما تصورها الحكايا الشعبية، فهو كائن مخيف يمتاز إضافة لكونه يملك لساناً يتكلم به، وعقلاً يحاكم به الأمور بأنه مقتنع بما يقوم به وبنظرات عين كفيلة بجعل من أمامك منهار القوى. على عكس “الجن” مجهولي الهوية.

يصيب صوت الهواء وصفير الشجر أي شخص بنوع من التوتر إذا ما استمر لمدة طويلة، وقد كان مصدر رعب لأهالي الشام من تلك المنطقة. وبشكل مشابه نوعاً ما، أطلت “صفاء سلطان” بشخصية “ثريا” ضمن سياق العمل مستفزةً كل نساء العائلة. مستغلة شهادة تميّز منحها إياها “أبو نذير” دون غيرها.

وهاهي تمارس أثرها في بث الاستفزاز والتوتر على من حولها، مستغلةً الصلاحية التي منحتها إياها القوة البشرية. لتمارس حرباً نفسياً جديدة عليهم بقيادتها هذه المرة، فلا يقل أثر أفعالها رعباً عن الصفير الصادر عن الأشجار.

اقرأ أيضاً:عبد المنعم عمايري.. حاقد عاشق للمال في زقاق الجن

أما “أم ناجي” أستاذة السحر والشيطنة، استحضرت الشياطين والجان بوجهها حتى تحكموا بمعالمها، ضاربةً بعرض الحائط كلّ الاعتبارات من حولها مسقطة إياها أمام مصلحتها الخاصة.

وجاء ما سبق من نماذج من “زقاق الجن” ضمن جو من التشويق والإثارة فرضه العمل، وكشفت عن معنى تقمص الممثل لعنوان المسلسل. والإشارة لمفاهيم أخرى موجودة لدى أي إنسان، لإثبات أن الشر والخوف من صنيعة الإنسان ولا يحتاجان قوى أخرى تفرضهما وتبررهما.

استطاع “زقاق الجن” لحدّ معين الخروج عن قصص الأعمال الشامية المحصورة بصفات أهل الشام ومعاناتهم وعاداتهم في ذلك الوقت، بل تعمّق إلى مفهوم الرواية الشعبية المتداولة ومحاولة عرضها درامياً، بحسب أحداثه المتصاعدة، وهذا ما جعل جمهوره الخاص يترقب تتمة حدوتة العمل. وفق ماعبر متابعوه عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي باتت منبرهم الحالي للنقاش حول الأعمال الدرامية.

اقرأ أيضاً:أيمن زيدان يفرض سيطرته الكاملة على شقيقَيه
https://youtu.be/1ewaLH7ZdN0

زر الذهاب إلى الأعلى