الرئيسيةتقاريرشباب ومجتمع

درسوا 5 سنوات.. لماذا يُقال للصيادلة “بائعو أدوية”؟

دراسة الصيدلة تتطلب معدلات عالية ويُنظر لها سلبياً في المجتمع!؟

سمعت الصيدلانية “يارا محمد” 25 عاماً، تعليقات سلبية كثيرة من محيطها. مثل: “متلك متل أي حدا قعد بدكانة، حفظ الأسعار والأسماء وعم يبيع”. إذ أن 5 سنوات من دراسة الكيمياء العضوية والحيوية، والعقاقير وتركيبها. كذلك علم الأمراض وعلم الأدوية، لم تكن كافية ليرى المجتمع في الصيادلة أكثر من مجرد “بائعي أدوية”. فهل الصيادلة بائعو أدوية فقط ولماذا تلك النظرة لهم؟

سناك سوري-حلا علي

لا تخفِ “يارا” التي تعيش في دمشق خلال حديثها مع “سناك سوري” تأثرها بتلك التعليقات السلبية. إلا أنها لم تكن كافية لتترك العمل بالصيدلية التي غادرتها لتعمل كمندوبة أدوية لشركة طبية بمجرد أن شعرت بالملل لمكوثها طويلاً بالصيدلية طيلة اليوم.

العمل كمندوبة أدوية ليس المجال الوحيد الذي يدخل ضمن مجال عمل الصيادلة بعد التخرج بحال لم يودّوا العمل التقليدي في “صيدلية”. حيث يمكنهم العمل بالمخابر، أو مصانع الأدوية، كذلك التدريس الأكاديمي. أو الخوض باختصاصات أخرى بعد التخرج، مثل التشخيص المخبري، ثقافة حيوية وبيولوجيه جزيئية، تغذية، مايكروبيولوجيا، عقاقير، تحليل آلي، مراقبة دوائية. كما تقول الصيدلانية “لمى أحمد” لـ”سناك سوري”.

“لمى” 25 عاماً التي تعمل بصيدلية والدتها في دمشق، أضافت أنها دخلت هذا المجال حباً به رغم أن معدلها كان يسمح لها بدخول كلية الطب. وتقول إن العمل بالصيدلية جعلها أكثر جرأة وقوة بالتعامل مع الأشخاص ويسعدها أن تصف لهم الأدوية اللازمة.

يستطيع الصيادلة العمل بالمخابر، أو مصانع أدوية، كذلك التدريس الأكاديمي، أو الخوض باختصاصات أخرى بعد التخرج، مثل التشخيص المخبري، ثقافة حيوية وبيولوجيه جزيئية، تغذية، مايكروبيولوجيا، عقاقير، تحليل آلي، مراقبة دوائية.

الصيدلة بديل عن الطب

على الرغم من أن  الصيدلانية “خنساء عاصي” من “اللاذقية”، كانت تود دخول كلية الطب والاختصاص بالجراحة التجميلية. إلا أن معدلها حال دون ذلك فتوجهت للصيدلة. وتقول لـ”سناك سوري” إن هذه المهنة تجعل العاملين بها يقظين دائماً خصوصاً مع تطور العلم والمستجدات في عالم الطب والأدوية.

الصيدلانية خنساء عاصي

اختارت الصيدلانية الشابة، أن تتابع دراستها بعد التخرج بدراسة اختصاص التغذية، الذي تعمل به إلى جانب عملها في الصيدلية اليوم، فهي تمنح الحميات الغذائية للناس وفق حاجتهم لها. كما أنها تقدم لهم الدواء المناسب كذلك.

“خلود السقطي” صيدلانية تقيم في دمشق، اختارت أن تتابع الدراسة بعد التخرج، واختصت “عقاقير طبية”، حيث درست الماستر في إدارة الجودة بتصنيع الأعشاب. لتصبح مدرِّسة بالمخبر العملي للعقاقير بكلية الصيدلة جامعة دمشق منذ العام 2013.

إضافة لذلك بدأت مشروعها الصغير بتركيب مستحضرات التجميل الطبية. الذي خرج من نطاق البيع للأهل والأقارب ليصبح مشروعاً أوسع ضمن دائرتها المحيطة حالياً. بينما تسعى باستمرار لتطويره وتحقيق الانتشار له.

هل الصيادلة بائعو أدوية؟

يعتبر الصيادلة الذين التقيناهم خلال الإعداد للمادة أن هذه العبارة مجحفة جداً بحقهم، فالأدوار التي تقع على عاتقهم أكبر من مجرد وصفة طبية.

ترد “خنساء عاصي” إن مهام الصيادلة واسعة وتشمل خدمات قياس ضغط الدم والسكر والكوليسترول. كذلك إعطاء الأبر، ووصف الأدوية ضمن قائمة “الأوتوستي” أي دون استشارة طبيب. مثل مسكنات الألم والمرخيات العضلية ومعالجة الصداع وخوافض الحرارة وأدوية الرشح والسعال.

كذلك من مهام الصيادلة، تحديد الجرعة الدوائية المناسبة للمريض. والشرح له حول التداخلات الدوائية أو تداخل الدواء مع بعض الأطعمة المعينة التي قد تضعف فاعلية الدواء أحياناً. تقول “خنساء”، وتضيف أن إحدى أهم مهام الصيادلة هي توجيه المرضى. بمعنى يأتي المريض ويشرح حالته للصيدلي الذي يقوم بتوجيهه إلى الدكتور المختص بحالته.

من مهام الصيادلة، خدمات قياس ضغط الدم والسكر والكوليسترول. كذلك إعطاء الأبر، ووصف الأدوية ضمن قائمة “الأوتوستي” أي دون استشارة طبيب. مثل مسكنات الألم والمرخيات العضلية ومعالجة الصداع وخوافض الحرارة وأدوية الرشح والسعال

تحمّل “خنساء”، المسؤولية الأكبر في هذه النظرة للصيادلة الذي عليهم التواصل أكثر مع المرضى حول تفاصيل الدواء وألا يقتصر دورهم على “منح الوصفة الدوائية فقط”.

أما “لمى” فلا تكترث بتلك النظرة، وبحسب وجهة نظرها فإن نظرة المجتمع لأغلب المهن نظرة غير صحيحة. وتنصح زملاءها بالتغلب على الأفكار السلبية. فمهنتهم لم تأت من فراغ أو من دون تعب إنما هي من أصعب أنواع العلوم التي تحتاج عقلاً ذكياً ماهراً.

من أين جاء مفهوم بائع الأدوية؟

في استطلاع رأي أجريناه وشمل عيّنة عشوائية من مراجعي الصيدليات فإن أغلب الإجابات أرجعت سبب تسمية “بائع الأدوية” إلى تأجير “الشهادات”. حيث يقوم بعض الصيادلة بتأجير شهاداتهم لأشخاص لم يدرسوا الصيدلة وإنما عملوا مساعدين في صيدليات وأصبح لديهم خبرة في قراءة الوصفات الطبية ومنح الأدوية بموجبها. وبالتالي تعد ظاهرة تأجير الشهادات وكذلك عمالة غير المختصين في الصيدلة وقدرتهم على تقديم الأدوية للمرضى أبرز أسباب الصورة النمطية.

رفع أسعار الأدوية في سوريا
صورة تعبيرية – سناك سوري

حيث تنتشر في سوريا العديد من الصيدليات التي لا يعمل بها صيادلة. وهي تقوم على شهادة صيدلة حصل عليها صيدلي/صيدلانية وقام بتأجيرها لشخص غير مختص مقابل عائد مادي. وهؤلاء بشكل أساسي لا يحبذون تبادل الأحايث مع المرضى ويعملون مثل بائع فقط يأخذ وصفة ويعطي ما قبلها دواء ويحصل على ثمنه فقط.

وإذا كانت مهنة الصيادلة يمكن أن تمارس بهذا الشكل دون الحاجة لدراسة فإن الاختصاص بحد ذاته بات يحتاج لمراجعة في سوريا. وإعادة تفكير بجدواه والعلامات التي يحتاجها وبطريقة تدريسه حتى.

ماعدا ذلك فإن المسؤولية تقع على عاتق الصيادلة أنفسهم بالدرجة الأولى لتغيير صورة مهنتهم. وعلى نقابتهم في محاربة ظاهرة تأجيل الشهادات وعمالة غير المختصين في الصيدليات.

ويوجد في “سوريا” نحو 50 ألف صيدلاني وصيدلانية بحسب نقابة الصيادلة، وعلى عكس المهن الطبية الأخرى فإن سوريا لم تشهد نقصاً في “الصيادلة” بعد الحرب ولم يشهد هذا الاختصاص استنزافاً كبيراً بسبب الهجرة.

إشراف داليا عبد الكريم

زمالة سناك سوري 2024

زر الذهاب إلى الأعلى