الرئيسيةشباب ومجتمع

خشية إملاق.. هو ذا حال “المستورين” اليوم – لينا ديوب

من هم المستورون في "سوريا"؟

«لكم استغربت كلمة إملاق عندما قرأتها في الآية القرآنية الكريمة عندما كنت طالبة في المرحلة الابتدائية، حتى بعد أن شرحها لنا معلم الديانة بأنها تعني الخوف من الجوع، اليوم أدركت معناها وفهمت المقصود منها تماما، لأنني أعيش الخوف أن يأتي يوم يتوقف عمل زوجي الأستاذ الجامعي»، تقول سيدة فضلت عدم ذكر اسمها، مضيفة «أنا اليوم بإجازة أمومة غير مأجورة لأنني غير مثبتة في مكان عملي الحكومي، ورغم عمل زوجي في أكثر من مكان إلا أن دخله لم يعد يغطي نفقات البيت بعد أن رزقنا بطفل ثان، ومع موجات الغلاء المتتالية، شعور بالخوف يسيطر علي عندما لا أجد في مطبخي طعام يكفينا ليوم الغد، لأنني أفكر ماذا لو انتهى تعاقد زوجي وأنا لم أزل في إجازتي، وماذا لو لم يعيدوني إلى عملي».

سناك سوري-لينا ديوب

هذه الأم الصغيرة نسبيا ليست وحدها من تعيش الخوف، فقد أخبرتني موظفة من الدرجة الأولى أم لشابين في الجامعة، زوجها يعمل في الترجمة أنها لم تكن تصدق أن تستيقظ يوما ولا تجد ليرة واحدة في بيتها، مع عدم وجود أي مدخرات للجوء إليها، وخلو البيت من المؤن والأغذية، عليها كما تقول لسناك سوري إنها لا تملك سوى انتظار أخيها المسافر خارج القطر لمدها بمبلغ ينقذ بيتها، أو ينتعش عمل زوجها مجددا، ففي مرة سابقة استلمت من مكتب الصرافة المبلغ المرسل ولم ترجع منه إلى البيت ولا بقرش، اشترت أطعمة بكامل المبلغ وهو أكثر من أربعمئة ألف لتطمئن على طعام بيتها لمدة عشرة أيام على الأقل كما قالت تعبيرا عن قلقها وخوفها من تردي المعيشة مع تضاعف الغلاء.

اقرأ أيضاً: أصابعي وشرعة حقوق الإنسان وخصلة شعر أختي – لينا ديوب

يعتذر الأب من ابنته التي تحتاج تبديل نظارتها الطبية لأنه لا يملك ثمنها علما أن الشهر لم ينتصف بعد، الأب المهندس المتقاعد يبحث عن عمل كما يقول لسناك سوري لأن راتبه مع راتب زوجته لم يعد يكفي رغم أن أسرته ثلاثة أفراد فقط، يكرر ما قالته تلك السيدتان عن الخوف، مضيفا: «لا أحد لنا ليساعدنا، ابنتي تبحث أيضا عن عمل رغم أنها لم تنه دراستها الجامعية بعد».

طلبت من جاري بائع الخضار أن يشرح لي ما يقصده بقوله (الله يعين المستورين) فأجابني: «شريحة الموظفين الذين كانوا لسنوات ليست بعيدة يعيشون حياة لائقة تناسب مستواهم التعليمي والوظيفي»، واليوم يرى القلق والخوف في عيونهم وتعليقاتهم على عدم مقدرتهم مجاراة الغلاء وتردي معيشتهم إلى درجة تفقدهم الطمأنينة وراحة البال حول تأمين احتياجات يومياتهم.

جاري بائع الخضار “أبو ياسين”، الذي لا يتوقف عن ترديد عبارة (الله يفرج) لم يتقبل خوف من سماهم المستورين وربما يقصد بهم الطبقة الوسطى، فخصهم بدعاء “الله يعين المستورين”، ربما مستنكرا ما آلت إليه أحوالهم المعيشية.

يزداد تراجع قيمة الليرة مع الغلاء المستمر، ويزداد معها قيمة دخل أغلب شرائح العاملين، فتدخل غالبية الأسر في دائرة الخوف والجوع.

اقرأ أيضاً: مطبخ أمي الحزين – لينا ديوب

زر الذهاب إلى الأعلى