حنين تواجه رغبة أهلها.. صراع الأجيال وتحكّم الآباء بالأبناء
لم تستسلم حنين لرغبة أهلها في اختيار مستقبلها.. أنتم هل تواجهون خلافات مع عائلاتكم؟
منذ بداية بلوغها مرحلة المراهقة، اكتشفت “حنين” أنها تخوض حالة من صراع الأجيال بمواجهة أسرتها، مع تزايد الشرخ بين رغبات الطرفين في كل ما يخص حياتها.
سناك سوري _ صفاء صلال
تروي “حنين” لـ سناك سوري أنها عاشت حالة من التناقض النفسي جراء حيرتها لمعرفة الخيار الأصح. بين رأيها ورأي عائلتها المناقض تماماً.
في لحظة ما بدأ التناقض والخلافات بين “حنين” وعائلتها. حيث تقول «لا أذكر بالتحديد السبب الرئيسي الذي أشعل المشاكل بيني وبين عائلتي. ربما عندما اخترتُ الفرع الأدبي بدلاً عن العلمي. وربما حين قلت لا بوجه ضعفهم أمام أخي الذي يصغرني بسنتين وإجبارهم لنا على الرضوخ وفقاً لمصالحه في كل شيء ضمن المنزل».
أقرأ أيضاً: الوالدان هما القائد.. هكذا نؤثر إيجاباً بأولادنا وقت الكوارث
لكن صراع الأجيال لن يتوقف عند تلك اللحظة. بل سيتسع أكثر مع اجتياز “حنين” مرحلة التعليم الثانوي. وما رافق ذلك من معركة اختيار الفرع الدراسي في المرحلة الجامعية. والانقسام بين رغبة الشابة ورغبة أسرتها.
هذا الصراع الذي ينسحب على كثير من الطلاب والطالبات مع ذويهم. والذي ينشأ عن اختلاف طرق التفكير ووجهات النظر بين جيلين. نتيجة التباين الواضح في البيئة الزمانية والمكانية والظروف التي عاش فيها كل جيل منهما. في وقتٍ يسعى كثير من الآباء والأمهات إلى استنساخ ما تربّوا عليه في تربية أبنائهم وبناتهم رغم تغيّرات الزمن.
تتابع “حنين” : «تظهر عائلتي أحياناً أنها متفهمة لجيلَينا. وأن اختلاف الآراء بيننا أمر طبيعي لاختلاف الأعمار. لكن في أحيان أخرى وهي أكثر بالطبع لا يتقبلون الاختلاف. فيعود مفهوم السلطة الأبوية ليتسيّد طاولة الحوار معهم».
واعتبرت الشابة أن سعي والديها لجعلها نسخة عنهما وامتداداً لمسيرتهما يعزز الخلاف معهم أكثر. حتى أن الأمر يصل في بعض الأحيان لاعتبارها جزءاً من ممتلكات الوالدين.
العائلة بمواجهة خيار الدراسة
اللحظة المصيرية الأبرز في حياة كل طالب وطالبة تأتي عند اختيار الفرع الدراسي الذي سيكملون مسيرتهم التعليمية خلاله. وفي تلك اللحظة واجهت “حنين” معارضة عائلتها لخيارها في دخول “المعهد العالي للفنون المسرحية” ودراسة النقد المسرحي.
تقول “حنين”: «مجتمعنا مبرمج ذاتياً على فكرة سلطة الأهل على أولادهم في اختيار الفرع الجامعي. كونهم ينفقون عليهم وأهلنا يطمحون لتحقيق أحلامهم بنا».
في حين. رأت عائلة “حنين” أن خيارها الدراسي “تافهاً”، لتمضي الشابة صدمات قاسية حتى وصلت إلى تقبّل عائلتها لخيارها ذاك وإن على مضض. مع اشتراطهم عليها أن تدرس فرعاً جامعياً آخر يمكّنها من إيجاد فرصة عمل حكومية بعد التخرّج. ما اضطّر “حنين” لقبول ذلك ودراسة الفرعين معاً.
http://https://www.youtube.com/watch?v=Q5G577t1QfQ
يصرّ الأهل بحسب “حنين” على أن الاختلاف عنهم يعد بمثابة جريمة بحق تربيتهم لأبنائهم. مضيفة أنهم يعتقدون بشكل أو بآخر أن أبناءهم وبناتهم نسخة عنهم في ما يحبون ويكرهون ويفكرون. لكن الواقع يثبت أن جيل الأبناء يختلف كثيراً.
ورغم محاولات الشابة لتفهّم طبيعة الخلاف بينها وبين عائلتها. باعتباره أمراً طبيعياً يحدث في جميع الأسر. إلا أنه كان يتزايد أكثر مع تشبّث والديها بآرائهم. ورفضهم لتقبل الحوار معها واعتبارهم أن طرحها لآرائها يمثّل رداً في وجه والديها.
البحث عن حلول
تقول الأخصائية الاجتماعية “أريج الرز” أن معظم العائلات تعيش صراعاً مع أبنائها. وأن الخلاف يظهر في المرحلة التي يبدأ الأبناء خلالها بالاعتماد على أنفسهم في اتخاذ قراراتهم المصيرية.
وترى “الرز” في حديثها لـ سناك سوري أن المفتاح الوحيد لحل الصراع هو المناقشة والحوار بين الأسرة ككل. بالإضافة لتشارك الدعم الأسري و اللجوء لمرشد أسري يساعد بتخطي العقبات في حال خلقت فجوة كبيرة بين الأهل والأبناء. ومنح الأبناء الثقة والتأكيد على الحب غير المشروط والدعم عند الحاجة. ما يساعد على تلافي أي خلاف بين الأبوين والأبناء.
وتشير الأخصائية إلى وجود شعور بالخوف يسيطر على الأهالي خلال تربية أبنائهم. إذ يتخوفون من اتخاذ أبنائهم وبناتهم قرارات خاطئة قد تؤثر على حياتهم. فينشأ الخلاف من اعتقاد الأهل أن قدرتهم على اتخاذ القرارات بشأن حياة أبنائهم أكثر صحة وضماناً بحكم عمرهم وتجاربهم وخبراتهم.
وتلفت “الرز” إلى أن الكثير من الأهالي. يتخوفون من نظرة المجتمع في حال فشل ابنهم أو ابنتهم في خيارٍ ما في حياتهم. ما يجعلهم أكثر تيقظاً وحذراً لمنع أبنائهم من خوض أي تجربة أو اتخاذ أي قرار تحسباً من الوقوع في الخطأ ومواجهة نظرة سلبية من المجتمع.
حكاية “حنين” ليست فريدة من نوعها. بل هي نموذج لأمثلة لا تعد من الحكايا التي يحكمها صراع الأجيال بين آباء وأبناء. فهل خضتم هذا النوع من الصراعات مع عائلتكم؟ وكيف واجهتموه؟