قبل أيام قليلة من نهاية ولايتها قررت حكومة “حسين عرنوس” أمس الثلاثاء تحويل الدعم في سوريا من عيني إلى مادي يقدَّم عبر مبالغ نقدية.
سناك سوري-دمشق
هذا القرار أعاد إلى الأذهان ما حدث مع حكومة “وائل الحلقي” عام 2016، حين أصدرت قراراً برفع أسعار المشتقات النفطية بنسب وصلت لـ40%. بينما كانت في آخر أيامها أو ما يسمى تصريف الأعمال ما خلق جدلاً حول شرعية قرارها وانسجامه مع الدستور.
وتدخل حكومة “عرنوس” مرحلة تصريف الأعمال في الـ 15 من تموز القادم المقرر كموعد للانتخابات البرلمانية.
بحسب المادة 125 من الدستور السوري، تعتبر الوزارة بحكم المستقيلة عند انتخاب مجلس شعب جديد. وتستمر بتسيير الأعمال ريثما يصدر مرسوم بتسمية الوزارة الجديدة.
قرار في غير وقته!
لماذا القرار مثير للجدل!؟.. لأنه عادة هكذا قرارت تكون جزء من مشاريع انتخابية أي أن البرنامج الانتخابي لحزب ما أو قائمة مرشحين يكون مضمونه “الدعم النقدي”. وعلى هذا الأساس يخوضون الانتخابات بموجبه وعندما ينجحون بها يكون هذا القرار في بداية عمل الحكومة وليس في نهايتها.
موضوع تحويل الدعم إلى نقدي كان موضوع نقاش خلال السنتين السابقتين، وبالعموم هو مثار جدل داخل الأوساط السورية. فهناك مؤيدون له وآخرون رافضون. وفي الحالات الصحية وبهكذا ظروف يصبح التحول بهذا الاتجاه جزءاً من الانتخابات وليس نهاية في ولاية حكومة.
هل ستعود حكومة عرنوس بعد الانتخابات؟
في عام 2016 عندما قررت حكومة “الحلقي” رفع أسعار المحروقات في آخر أيامها طُرح سؤال حينها هل سيعاد تكليف “الحلقي” برئاسة الحكومة الجديدة. لكن بعد الانتخابات كلف “عماد خميس” بتشكيل الحكومة الجديدة وبالتالي الحكومة السابقة أصدرت قراراً والحكومة الجديدة تحملت نتائجه. أي أن حكومة “الحلقي” (نظرياً) وضعت قراراً وحمّلت نتائجه للحكومة اللاحقة. والحكومة اللاحقة جاءت لتجد واقعاً حمّلت مسؤوليته للحكومة التي سبقتها. فضاع هنا مفهوم المساءلة والمحاسبة بين مَن “المسؤول”.
وقرار تحويل الدعم إلى نقدي يأتي في سياق مشابه ما يطرح السؤال ذاته هل سيعاد تكليف “حسين عرنوس” برئاسة الحكومة القادمة. أم أن الحكومة الحالية أصدرت قراراً يدخل حيز التنفيذ مع حكومة جديدة وعليها تحمل مسؤولياته؟. والسؤال هنا مثلاً ماذا لو لم تخطط الحكومة الجديدة لهكذا تحول ولم يكن لديها الأدوات؟.
تحويل الدعم النقدي… الحكومة تودع المواطنين بقلة التنظيم!؟
وبدأ قرار تحويل البدل إلى نقدي بأخطاء كان من الممكن تفاديها، مثلاً تمتلك الحكومة قاعدة بيانات كاملة لبطاقات تكامل. وبالتالي كان من الأفضل أن يتم تقسيم البطاقات إلى مجموعات وإرسال رسائل إلى أصحاب البطاقات بشكل متتالي لفتح حسابات بنكية تفادياً لأي ضغط أو زحام ممكن أن يحصل. كما كان من الأفضل أن يكون فتح الحسابات مجاناً وعلى نفقة الحكومة مهما كان المبلغ زهيداً.
أخيراً وانطلاقاً من مبدأ الشفافية الذي استخدمته حكومة “عرنوس” في كل خطاباتها دون أن تطبقه. كان يجب أن تعلن عن آلية الدعم النقدي ومبلغه الشهري وكيف سيتم تحديده. ولن نسرح في خيالنا للدرجة التي تسوّل لنا أنفسنا فيها أن نطالب الحكومة بطرح القرار على المستوى الشعبي ليتم التصويت عليه.