حسين ميا.. عاش في مطعم وحقق حلم العمر
الحرب وظروفها لم يشغلاه عن الطموح.. تخرّج من المعهد وقريباً سيتخرج من كلية الإعلام

سناك سوري – خاص
يستعد الشاب “حسين ميا”، للتخرج من كلية الإعلام بجامعة “دمشق”، بعد مسيرة طويلة من المعاناة، نجح خلالها بجعل طموحه فوق أي اعتبار، وأي مشقة يمكن أن تفرضها الحرب أو تداعياتها.
“ميا” الذي اتخذ قراراً بكتابة مسلسل يوثق رحلته يوماً ما، قال إنه ورغم تميزه الدراسي في الإعدادية والثانوية، إلا أنه ولظروف خاصة لم يستطع الدخول لكلية الإعلام، واضطر لدراسة معهد إدارة الأعمال الذي تخرج منه بتفوق عام 2014، وأضاف لـ”سناك سوري”: «في العام 2012 كان عمري عشرون عاماً وفي 18 تموز أثناء الامتحان نزحت أسرتي من مكان سكننا في منطقة “القابون” بسبب المعارك، للسكن لدى أحد الأقارب في ريف “دمشق” وطلبوا مني اللحاق بهم يومها كان التواصل قائماً إلا أنني لم أتمكن من ذلك بعد انقطاع الاتصالات لأن هاتفي لم يعد فيه شحن كما تم قطع الطريق إلى “ريف دمشق”».
اقرأ أيضاً: علاء ماسو.. سوري مرشح لتمثيل فريق لاجئي ألمانيا
يومها لم يكن الشاب يعرف الكثير من الناس في “دمشق”، “الشوارع فيها كانت فاضية”، حسب تعبيره ولم يتمكن من العودة لمنزله بسبب الهجوم، مؤكداً أنه أحس بداية بالقهر والحزن الشديد في أول يومين وقد بقي 12 يوماً ينام في ساحة “المرجة” بعد أن سافر أهله إلى محافظة “اللاذقية”، ولكنه لم يلحق بهم بل قرر البقاء وإكمال حلمه، وهنا بدأت رحلة البحث عن عمل ومكان للسكن والنوم، إلى أن وجد مطعماً في جسر فكتوريا بقي فيه يعمل ويدرس وينام فيه حتى اليوم.
على الرغم من أن ظروفه كانت سيئة بين عامي 2012-2014 إلا أن الشاب الطموح عزز سيرته الذاتية بالكثير من الدورات التدريبية بالمحاسبة واللغة الإنكليزية والكمبيوتر، لافتاً إلى أنه حتى اليوم لايزال مسكوناً بفرحة التخرج التي كانت حلماً بالنسبة له حيث كان مضطراً للعمل والدراسة معاً.
يصف الطالب حياته في المطعم فيقول: «النوم في المطعم كان صعباً على طاولة حديد أو رخام أحياناً في النهار أقضيها بالمعهد وأعود للعمل حتى ساعات متأخرة من الليل ثم أذهب للدراسة وفي أيام كثيرة خاصة بالامتحانات قد لا أنام أبداً».
نهاية 2015 التحق “ميا” بالخدمة العسكرية، وبقي فيها ستة أشهر، يضيف: «استشهد شقيقي وأصبحت المعيل الوحيد لأسرتي، وتم تسريحي قانونياً فقررت العودة لدراسة الإعلام وتقدمت بطلب إليها وتم قبولي في العام 2016».
فرحة قبول الطالب في كلية الإعلام لايمكن وصفها بالنسبة له، فهذا حلم العمر الذي لم يتمكن من تحقيقه قبل سنوات، لافتاً إلى أنه بادر للمشاركة في الكثير من النشاطات الجامعية والفعاليات كما تبرع لمساعدة الطلاب من المحافظات الأخرى بأمور تخص التسجيل بالجامعة كي يوفر عليهم المواصلات وعناء السفر.
نهاية العام 2019 عادت أسرة “ميا” إلى منزلهم في “القابون”، إلا أنه قرر البقاء في المطعم المكان الذي مازال يعيش ويعمل فيه حتى اليوم ولن يغادره حسب تعبيره حتى تخرجه من كلية الإعلام الأمر الذي بات قريباً جداً، فهو اليوم في سنته الدراسية الأخيرة.
يؤكد “حسين ميا” أن تنظيم الوقت هو الأهم في النجاح إلى جانب الإرادة والتصميم، وأنه دائماً يخطط لكل الأشياء التي يريد القيام بها بعد شهر مثلاً، حتى يتمكن من تنفيذها بإتقان، مشيراً إلى أن حلم العمر بالنسبة له هو تحقيق حلم أهله به إنسانياً ودراسياً وعملياً، لافتاً إلى أن تجربته الصعبة خلال السنوات السابقة علمته أنه على الإنسان تحمل كل الصعوبات للوصول إلى حلمه وتحقيق النجاح.
اقرأ أيضاً: بيوم اللاجئ.. سوريون تجاوزا التحديات وأثبتوا نجاحاتهم حول العالم