الرئيسيةرأي وتحليلمختارات

تركيا الجار اللدود.. ماذا بحث مملوك وفيدان؟

من أزمة أوجلان إلى إدلب وقسد ... كيف ستعود علاقات أنقرة ودمشق؟

تتلخص الملفات الرئيسية الثلاث التي لا تزال عقدة عودة العلاقات السورية التركية بـ”اللاجئين السوريين” و”قسد” و”المسلحين المتشددين” في “إدلب”.

سناك سوري _ زياد محسن

ويتبيّن من النظر إلى هذه الملفات أنها تتشارك في طبيعتها الأمنية، رغم ما يحمله ملف اللاجئين في الوقت ذاته من جانب إنساني، إلا أنه لا يخلو من جانب أمني يتعلّق بخلفية العائدين -بحال عودتهم- وبالضمانات الأمنية التي يحتاجونها للعودة.

هذه الطبيعة الأمنية للملفات الثلاث، تفسّر سبب التقدم الكبير على مستوى عودة علاقات البلدين من البوابة الأمنية، رغم أنها لم تنقطع خلال السنوات الماضية، لكنها فجّرت مفاجأة قبل أيام حين نشرت “رويترز” أن رئيس الاستخبارات التركية “هاكان فيدان” زار “دمشق” والتقى رئيس مكتب الأمن الوطني اللواء “علي مملوك”.

بل وإن “رويترز” نقلت عن مصادر وصفتها بـ”الإقليمية” أن “فيدان” أجرى مع “مملوك” عدة اجتماعات خلال الأسابيع الماضية، آخرها في “دمشق”.

التاريخ يعيد نفسه

منذ استقلال “سوريا” عام 1946 لم تكن العلاقات مع الجار التركي بأحسن حال، وزاد من حدة الهواجس السورية تجاه “أنقرة” اعترافها الباكر عام 1949 بكيان الاحتلال الإسرائيلي فباتت “سوريا” بين نارين من الشمال والجنوب.

وقد عادت التوترات في الخمسينات حين نشرت “تركيا” قواتها مهددة “سوريا” عام 1957 ما استدعى إرسال الرئيس “جمال عبد الناصر” قواتً مصرية لمواجهة الأتراك، الأمر الذي كان واحداً من الأسباب الرئيسية للوحدة بين البلدين العربيين في العام التالي.

لكن توتر العلاقات بين البلدين بلغ ذروته مع تفجّر أزمة “عبد الله أوجلان” زعيم حزب “العمال الكردستاني” التركي المعارض، الذي كان مقيماً في “سوريا”، وكانت “أنقرة” تتهم “دمشق” بدعمه وتمويل حزبه وتسلحيه لشنّ عمليات ضد نظامها.

الضغوط التركية على “سوريا” والتي وصلت إلى حد الحشد العسكري والتلويح ببدء الحرب، انتهت بخروج “أوجلان” من “دمشق” في تشرين الأول 1998، ولن يطول الأمر به حتى شباط 1999 ليتم اعتقاله في “كينيا” بعملية خططت لها المخابرات الأمريكية وسلّمته ضمناً للأتراك.

اقرأ أيضاً:رويترز… اللواء علي مملوك استقبل رئيس الاستخبارات التركي في دمشق

أما على مستوى علاقات البلدين فبموازاة خروج “أوجلان” من “سوريا”، جرى توقيع “اتفاقية أضنة” في تشرين الأول كذلك 1998، والتي لم يكشف عن بنودها رسمياً لكنها تتعلق بضمانات أمنية تقدّمها “سوريا” لمنع استخدام أراضيها منصة للهجوم على الجنوب التركي، وتعاون البلدين أمنياً بهذا الخصوص.

في تلك الحادثة كان الأمريكيون وبشكل صريح إلى جانب الأتراك، وكانوا على غرار “أنقرة” يصنّفون “العمال الكردستاني” منظمةً إرهابية، فيما كانت “دمشق” تدعم بشكل أو بآخر كفاح الحزب الكردي.

أما اليوم فتبدو الصورة مختلفة، إذ لا تتفق “واشنطن” مع “أنقرة” حيال الموقف من الكرد السوريين، ولا توافق مع “تركيا” على تهمة ارتباط “قسد” بحزب “العمال الكردستاني”، في وقتٍ تشهد فيه علاقة “دمشق” بـ”قسد” صعوداً وهبوطاً كخطّ بياني متعرّج باستمرار.

ضرورة الخروج الأمريكي من الجزيرة، قد تكون نقطة التقاء بين “دمشق” و”أنقرة”، فهو بالنسبة للحكومة السورية بوابة لاستعادة أراضيها بما تحمل من حقول نفط وغاز وحبوب، بينما الهدف بالنسبة لـ”أنقرة” القضاء على “قسد” ولو كلّفها الأمر إبادة جماعية.

اقرأ أيضاً:علاقة أنقرة بـ دمشق .. تلميح تركي ورد سوري متى تعود العلاقات؟ بانوراما الأسبوع
الشمال الغربي

في المقابل، لا يبدو المشهد أقل تعقيداً في “إدلب” وشمال “حلب” حيث تتجمع الفصائل المسلحة على اختلاف مشاربها، بما فيها “جبهة النصرة” والمتطرفين الأجانب، الذين يبدو التخلص منهم حجرة العثرة الأكبر.

حيث يرى مراقبون أن “تركيا” تسعى لأن تستعيد “دمشق” السيطرة على الطريق الممتد من “باب الهوى” شمالاً حتى الحدود الأردنية جنوباً، لضمان سهولة نقل البضائع التركية براً إلى دول الخليج الذين استعادت “تركيا” علاقتها بهم تزامناً مع الصعوبات الاقتصادية التي تمرّ بها.

على أن الانسحاب التركي من الشمالي الغربي لن يكون مجانياً بدون ضمان لحل معضلة الشمال الشرقي، مع الإشارة إلى أن المحادثات الأمنية بين “سوريا” و”تركيا” تجري بدفعٍ روسي مقابل رفض أمريكي.

المشهد المعقد يظهر أن التوصل إلى حل لن يكون سهلاً، ولن يكون كما اعتبر المتفائلون به خلال أسابيع أو أشهر قليلة قادمة، فرغم حاجة حكومة “أردوغان” لانتزاع أي تقدّم لا سيما في ملف اللاجئين إرضاء للشارع التركي الذي سيحتاج لأصواته في انتخابات العام القادم، إلا أن ما خرّب خلال 11 عاماً لن يحلّ بثلاثة أشهر.

ولكن إذا استعدنا المقارنة التاريخية رغم تغيّر الظروف بشكل كلّي، فإن توتر العلاقات والتصعيد بين البلدين انتهى في التسعينيات باتفاق، ويبدو أنه سينتهي كذلك في الزمن الحالي ولا بديل عن ذلك بحكم ارتباط الجغرافيا السياسية للجارين بمصالح مشتركة لا يمكن الاستغناء عنها وقد سبق أن بدت ثمارها في سنوات شهر العسل قبيل الأزمة.

اقرأ أيضاً:أردوغان: لم يكن هدفنا الانتصار على الأسد والعلاقات بين الدول يجب ألا تنقطع

زر الذهاب إلى الأعلى