الرئيسيةحرية التعتيريوميات مواطن

المياومون.. ضحايا الاحتيال والتحرش بحاجة قانون يحميهم

بعضهم تعرّض لإصابات وآخرون خسروا حياتهم .. دون تعويض يذكر

تعرض  “منير محسن العلي” (24 عام) من سكان بلدة “نبع الصخر” في “القنيطرة”، في العام 2021 لعملية احتيال مع 14 عاملاً آخر خلال العمل في صيانة بعض الطرق في المحافظة.

سناك سوري _ شاهر جوهر

لم يقدم “العلي” ومن معه من العمال بلاغاً بالحادثة لأنهم لا يثقون بقدرة الجهات المعنية على إعادة حقوقهم لهم في حال تقدموا بشكاية على المتعهد.

يقول “العلي” لـ سناك سوري «قام المتعهد بالاحتيال علينا وتهرّب من دفع ما تبقى لنا من مستحقات والتي تقدر لنا جميعاً بما يعادل 6 ملايين ليرة سورية عن عمل لقرابة الشهرين».

عمال المياومة

يعد عمال المياومة الذين يعملون في القطاعين العام والخاص شريحة هشة تتعرض لانتهاك الحقوق بطرق مختلفة من قبل المسؤولين عن تشغيلهم براتب يتراوح بين 5 آلاف ليرة سورية إلى 10 آلاف ليرة يومياً.

ويقومون بأعمال لا يمكن الاستغناء عنها، خصوصاً تلك التي لا يتحاشى حملة الشهادات العلمية القيام بها مثل العمل في مجال الخدمات أو البناء أو ما شابه.

كذلك تضم هذه الفئة العمال الذين يعملون خارج إطار مؤسسات الدولة، ممن يعملون في المشاريع الخاصة فيما يطلق عليه محليّاً مصطلح “العمل بالفاعل”، وتعتبر هذه الفئة واحدة من أكثر الفئات التي تتعرض للظلم في “درعا والقنيطرة” خلال الظروف الحالية التي تمر بها البلاد.

في التشريع المحلي

قانون العمل في التشريع المحلي لا يحمي هذه الفئات، كما أن التشريعات المحلية ضعيفة حيالها ولا تدعم حقوقها، إذ ليس هناك تشريعات صريحة حول هذا الأمر، لذلك يطالب حقوقيون بضرورة صياغة تشريعات جديدة لحماية هذه الفئات خصوصاً في ظل الواقع الاقتصادي والمعيشي المتدهور في البلاد والمتأزم جراء الهبوط المستمر لقيمة الليرة، عدا عن الفلتان الأمني الذي يعصف بالمنطقة الجنوبية على وجه الخصوص، ما يدفع للقول أن حياة هؤلاء العمال في خطر حقيقي وبلا أي ضمانات، إذ يسهل الاحتيال عليهم وهضم حقوقهم ومستحقاتهم.

اقرأ أيضاً:رئيس اتحاد العمال يعد المياومين بإنهاء ملفهم
تحرش واعتداء جنسي

ولا يراعي قانون العمل أيضاً تحديد الحد الأدنى للأجور، أو وجود ضمان إجتماعي أو صحي لهم.

كما أنه في العطل والمناسبات الدينية والأعياد لا يستحق هذا العامل بدل عطلة أسبوعية أو منحه إجازات براتب أو حتى بدون راتب.

وينعدم كذلك حقهم في بدل النقل ، ولا يوجد حد أدنى من العمل الشهري، كما لا حماية لهم من الاضطرابات الأمنية، ما يجعل العمال خصوصاً النساء ممن يعملن في الحقول والمزارع بصفة عامل يومي عرضة للابتزاز والتحرش.

فاستغلال العمال وخصوصاً الفتيات القاصرات لا يقتصر على التحرش اللفظي، إذ تم تسجيل عدة حالات تحرش جنسي لتلك الفتيات العاملات من قبل ذوي عملهم.

تقول والدة “هبة ” (17 عام) من سكان منطقة “حوض اليرموك” في ريف “درعا” الغربي والتي تعرضت للتحرش والاعتداء الجنسي أثناء عملها في جني المشاريع الصيفية من قبل صاحب الورشة الذي يقوم بنقل العاملات إلى الحقول:
«نحن مقطوعون من شجرة، توفي زوجي عام ٢٠١٤ و”هبة” هي أكبر بناتي، ولم يرزقني الله بصبي، لهذا “هبة” هي المعيل لنا، وقد اعتدى عليها صاحب الورشة التي تعمل معه وهو شاب في السادسة والعشرين. وحين طالبنا بحق ابنتي لدى عائلته قاموا بطردنا وقالوا أن ما جرى قد وقع برضا هبة وليس بالإكراه، ثم بعثوا لنا مغلّف فيه مئتي ألف ليرة كتعويض مادي، ثمناً لعذرية ابنتي ومع ذلك سكتنا وتركنا حقنا لله».

التعرض لحوادث

يعاني عمال المياومة أيضا من طول ساعات العمل والتي لا سقف زمني لها، و قد تصل أحيانا لأكثر من اثنتي عشرة ساعة في اليوم، بالاضافة إلى صعوبة العمل وقساوته ما يؤدي في حالات كثيرة إلى تعرّض العمال لحوادث جمة تجعلهم غير قادرين على مزاولة أي مهنة في المستقبل وبلا أي ضمان صحي أو اجتماعي.

“أيهم عبد الرحمن عيسى” (33 عام) بترت ساقه أثناء عمله في ترميم إحدى المدارس كعامل مياومة تحت إشراف متعهد، ولم يتمكن من الحصول على أي تعويض أو ضمان اجتماعي أو صحي.

اقرأ أيضاً:أسعار المواد تزداد ارتفاعاً كل يوم.. والمياومون أكثر المتضررين

يقول “عيسى” لـ سناك سوري وهو متزوج ولديه أربعة أطفال: «أنا عامل بناء، وقد تعاقدت عام ٢٠٢٠ مع المتعهد على ترميم مدرسة في بلدة إزرع غربي درعا، وخلال العمل سقطت من مكان مرتفع وعلقت ساقي في مقص حديدي وضع تحتي، تعرضت ساقي لضرر واضح دفع الطبيب لبترها. لم يتم تعويضي بأي قرش، حتى عمليتي كلها كانت على حسابي».

هناك العشرات اليوم ممن تعرضوا لحوادث ولم يحصلوا على حقوقهم، وآخرون كثر توفوا أثناء مزاولتهم لأعمالهم، والأمثلة كثيرة، ففي أيلول 2020 دُهست “سوسن محي الدين” (14 عام) أثناء عملها في جني الخضروات ضمن ورشات عمل في ريف درعا الغربي، وتعرضت لإصابة بليغة في حوضها، ولم يتم تعويضها أبداً، وبعد عدة أشهر توفيت في فراشها بفعل مضاعفات الحادث.

توصيات حقوقية

يفضل المحامي “نور الدين الزعبي” في حديثه لـ سناك سوري أن يتم تناول القضية من وجهة نظر إنسانية من قبل المؤسسات الحقوقية، لأن هذه الفئات تعرضت للغبن وتم ظلمها قانونياً وتشريعياً، ولم تنصفهم التشريعات المحلية ولا حتى برامج الضمان الاجتماعي.

لهذا تحتاج هذه الفئات كي يتم إنصافها إلى مظلة نقابية وحكومية تدافع عن حقوقها وتنظمها وفق “الزعبي” الذي أضاف أنه ينبغي تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني التي تكاد تكون معدومة فيما يتعلق بهذا الخصوص، وإن وجدت فلا دور لها بالمطلق في تغيير تلك السياسات المتعلقة بتنظيم عمل تلك القوانين وأنظمتها الداخلية، وينبغي رفع الصوت من قبل الاتحادات العمالية ليتم رسم خارطة طريق قانونية تحمي حقوق هذه الشرائح الاجتماعية في المستقبل لأنها فئات تمثل نسبة كبيرة من خارطة العمالة في البلاد على حد تعبيره.

اقرأ أيضاً:استقالة مئات العمال في اللاذقية.. الراتب 120 ألف ويجب أن يكون مليون

زر الذهاب إلى الأعلى