الرئيسيةشباب ومجتمع

المرأة والأعمال المنزلية لا حدود زمنية ولا وقت محدد للراحة

أنتِ تقومين بما تقوم به كل النساء.. عمل النساء في المنزل ليس واجباً

«استيقظت في الخامسة صباحا، فتحت نوافذ الصالون لتهويته، ثم بدأت بنقل الصحون والكاسات إلى المطبخ لتنظيف السجادة ومسح الطاولة والأرض بعد سهرة أمضاها ابني مع أصدقائه، وبعدها نظفت خزن المطبخ، إلى أن استيقظت ابنتي جهزتها وودعتها إلى مدرستها»، تروي “ولاء” جزءاً من عملها اليومي وتضيف لسناك سوري أنه رتيب ممل وغير معترف به، فهي عندما تشتكي التعب، يجيب زوجها: «لم الشكوى أنت لم تخرجي من عتبة البيت، وتقومين بما تقوم به جميع النساء».

سناك سوري-لينا ديوب

تمضي “علياء” نهارها مع أطفالها الثلاثة، تعليم وطعام وطبابة، مع أعباء المنزل اليومية، إن جلست في المساء مع زوجها يقول لها: “أنت هنا في البيت سيدة مرتاحة، كل ما تحتاجينه بين يديك”، تقول لسناك سوري: «وكأنني في نزهة صيفية، تركت وظيفتي التي كنت أتقاضى منها راتباً شهرياً، وأخرج يومياً ألتقي بالناس، لتعب يومي بلا أجر وغير مقدر».

أنا لا أعمل أنا ربة منزل

هل الرجال فقط لا يقدرون الأعباء المنزلية؟ أم أن النساء أنفسهن لهن نفس التقييم؟ عندما يسألن للتعريف عن أنفسهن وعملهن تكون الإجابة “أنا لا أعمل أنا ربة منزل”، لكن لو كنا في جلسة جندر وسألنا عن المهام المتعلقة بالدور الإنجابي لوجدنا بين الإجابات ما لا يقلّ عن عشرة مهن تقوم بها ربات البيوت منها: تحضير الطعام بشكل شبه يومي والمونة السنوية، والتنظيف، والغسيل، والكوي ورعاية الأطفال مع تدريسهم وتقديم الدعم النفسي والعاطفي للعائلة، واصطحابهم إلى الأنشطة والرعاية الطبية والصحية لأفراد العائلة والتسوّق.

هذه الأعمال جميعاً تقوم بها ربات المنازل بلا حدود زمنية لها، ولا وقت للراحة منها، هي خدمات نعرفها جميعاً على مدار اليوم والأسبوع، يستفيد منها الأبناء وخاصة الذكور دون أي مقابل غالباً، حتى لو كان تقدير معنوي في أغلب البيئات الاجتماعية.

اقرأ أيضاً: العنف ضد النساء محمي بالعادات والتقاليد وقصور القانون – لينا ديوب

واجب وانكار لجهود النساء

الكثيرات من ربّات البيوت، وغالبية المجتمع ممن لا يطلقن على عملهن داخل المنزل عملاً، نتيجة” لعقودٍ طويلةٍ من ترسيخ فكرة أن هذا العمل واجب، ومسلم به، رغم أنه استغلال وإنكار لجهود النساء وأهمية عملهن ومساهمتهن في المجتمع، وهو عدم اعتراف بدورها الحيوي في العجلة الاقتصادية، الذي لولاه لما سارت تلك العجلة، لأن جميع الخدمات التي تقوم بها النساء لها مقابل ستدفعه الأسرة والدولة أيضا إن لم تقم به النساء.

المنظار الجندري

ان التقدم الذي حققه النضال النسوي بالدفع لاعتماد المنظار الجندري لمقاربة كل قضايا النساء والتنمية، لم يغب عنه العمل المنزلي، والمناقشات التي تتعلق بتمكين النساء بدأت تتناول هذا الجانب المغيب قبل الحرب سواء عند الحكومة ومن خلال علاقاتها مع المنظمات ذات الصلة، وأقيمت ورشات عمل مع منظمة العمل الدولية ناقشت الاتفاقيات الدولية المتعلقة بعمل المرأة، كما أن المنظمات النسوية اهتمت بهذا الجانب وقد أعدت رابطة النساء السوريات بحثا سنة 2008، عادت وعدلته سنة 2012، عن العمل المنزلي وأوضحت في فصوله المختلفة جذور المشكلة الدينية والاقتصادية، بيّن البحث من خلال لقاء مع سيدات أن خروج المرأة إلى سوق العمل لم يغير الكثير، فالعديد من نساء عينة البحث أجبن أنهن يستطعن التوفيق بين العمل في خارج وداخل المنزل، أي أن مشاركة الجنسين في سوق العمل لا تعني مشاركة في الأعباء المنزلية.

إصلاح الزواج مهمة مستمرة

إن الدور الإنجابي للنساء الذي يشمل الرعاية والإعالة أي الإنجاب والتربية والعناية، مضاف إليه العبء في العمل المنزلي غير المأجور، دون تقدير المجتمع لذلك سواء مالياً أو أدواراً تؤسس لمكانة اجتماعية، بينما يقوم الرجال، في المقام الأول، بأنشطة إنتاجية تكسبهم المال والمكانة الاجتماعية، يكرس غياب العدالة داخل الأسرة أولاً وفي المجتمع ثانياً.

إن دخول النساء إلى سوق العمل حملهن أعباءً إضافية دون أن يرافقه أيُّ تغييرٍ في مشاركة الرجل أو تحمّل مسؤولياته المنزلية إلا فيما ندر، يحملهن المزيد من النضال من أجل وضع قوانين وإجراءات وسياسات لتغيير تلك المعادلة، التي تبقى أقل وهي انتقاص مكانة ربات البيوت و نكران ما تقمن به لاستمرار حياة الأسرة، إن العمل على تغييرها أو لنقل إصلاح الزواج هو مهمة مستمرة للنضال النسوي.

اقرأ أيضاً: إلى متى نسمح للأعراف بالتحكم بحياة النساء؟ – لينا ديوب

زر الذهاب إلى الأعلى