العنف ضد الرجال.. رجال تعرضوا للتعنيف وخافوا من المجتمع
العنف لا يقع دائما على المرأة وأحياناً تكون السبب فيه
هل اتصلت بي يوما وطلبت مني الإضاءة على معاناتك وقلت لك أنا لا أكتب إلا عن العنف ضد النساء؟، هل أثير موضوع العنف المنزلي ضد الزوج ورفضت الصحافة معالجته؟، هكذا أجبت زوج إحدى الصديقات عندما أراد إخباري أو التلميح ربما لما يتعرض له هو من عنف داخل بيته، كما غيره من الأزواج.
سناك سوري-لينا ديوب
يقول “عباس” (اسم مستعار) 56 عاماً، كان متعهد بناء واليوم يعمل بتوزيع المواد التموينية، لـ”سناك سوري”: «لم أفرض عليها ترك العمل وإنما عدم اهمال البيت، أشعر بالظلم كزوج، لأنني أكثر مسؤولية تجاه أسرتي، وأستطيع القول إنني أقدسها، لأن زوجتي غير متعاونة وتستأثر وتطلب الكثير متجاهلة الغلاء الذي خبرته مثلي، ودائما تقارن حياتها بغيرها الأعلى مستوى ماديا طبعا وكلما تمسكت بالأولاد تعرف أنني لن أطلقها وتزيد بالابتزاز».
ويضيف: «قبل الحرب وعندما كان عملي الأساسي بتعهدات البناء والمال متوفر، لم أفرض عليها ترك العمل وإنما عدم اهمال البيت، لكنها أمضت حياتها الوظيفية بالإجازات ولم تهتم لتطوير عملها وتحملني مسؤولية ذلك».
العنف الأسري مرفوض وله آثار مدمرة على الأسرة أيا” كان مرتكبه، لكن جرت العادة التركيز على العنف ضد الزوجات، لأنهن أكثر تعرضا للعنف، ولأن المنظمات الحقوقية والنسوية اهتمت برفع الظلم عن النساء، لكن ذلك لا ينفي وجود حالات عنف ضد الرجال داخل البيت، ولا ينفي تعرض الأزواج لإيذاء نفسي ومعنوي واقتصادي من الشريكات.
اقرأ أيضاً: خشية إملاق.. هو ذا حال “المستورين” اليوم – لينا ديوب
الأبناء أداة للعنف النفسي
يقول “كامل” (اسم مستعار) 52 سنة يعمل في الخليج، لسناك سوري: «حصلت على الطلاق من زوجتي ولم أتخلص من إيذائها لي ولأبنائنا الأربعة، بدأت المشاكل قبل الإنجاب بالتدخل بعلاقتي مع الأهل والأصدقاء، قبل التفكير بالانفصال رزقنا بابنتنا الأولى، استغلت تعلقي بابنتي ولم تغير سلوكها بالتدخل، بل على العكس كانت توجه لي إهانات لفظية بأنني لا شيء، وادعت بحملها الثاني أنها لم تعرف به إلا بوقت متأخر، كانت تأخذ مالي وأنا نائم رغم عدم تقصيري بالمصروف، كنت أسكت مرة خوفا من الفضيحة ومرة من أجل ولداي، إلى أن سافرت للعمل في الخليج، فكانت تجمع ما أرسل من مال ولا تنفقه على البيت، في أول زيارة لي وكنا اتفقنا على عدم الانجاب مجددا، حملت بتوأم وقالت أنه تقدير خاطئ من الطبيب، لكنها احتفظت بالحمل ليقينها أنني من أجل الأبناء سأستمر بحمايتها، وخفت في حال الطلاق والزواج بأخرى لن تهتم بأبنائي الأربعة، فامتنعت عن الطلاق، إلى أن أرسل لي أحد الأصدقاء صور لأبنائي وهم في حالة فقر شديد، أجساد هزيلة ولباس مهترئ، عدا عن تشويه سمعتي بأنني تخليت عنهم، عدت ووجدت أنها اشترت أكثر من بيت من مالي، وطردت ابنتي المراهقة وهي أمها وتعيش لأشهر في بيت الصديق مع أبنائه دون السؤال عنها، مع اقناعها بأن الأب غير مهتم لمصيرها».
وأضاف: «تركت عملي وعدت لأحصل على الطلاق مع أربعة أبناء، أحاول لمدة أربع سنوات ترميم الخوف والعنف الذي يسيطر عليهم وعلى علاقتهم فيما بينهم ومعي، لقد عانيت حتى حظيت بزوجة قبل سنتين عقدت معها اتفاقا ليكون هدف الزواج إعادة جو المحبة والأمان إلى أسرتنا».
اقرأ أيضاً: العنف ضد النساء محمي بالعادات والتقاليد وقصور القانون – لينا ديوب
اتهام بالضعف وانعدام الرجولة
«أحببت زوجتي الأولى وبسبب تعلقي بها وبولدي، تحملت الكثير من اساءاتها لأمي وأبي، تركت بيت العائلة واشتريت منزلا مستقلا تحقيقا لرغبتها، واستمرت المشاكل، إلى أن حصل الطلاق، مع الكثير من الضغط عند موعد الإراءة وعند دفع النفقة»، يقول “نبيل” 48 عاماً وصاحب مطعم، لسناك سوري مضيفا: «في زواجي الثاني اتفقت مع زوجتي على إنجاب طفل واحد، ومع ذلك أنجبت ثلاثة بأعذار غير مقنعة، بحجة أن أمي المسنة المريضة معنا في البيت تنفق بلا حدود غير مهتمة بالغلاء وتراجع دخلي بسبب تعثر العمل بالنجارة حاليا، تترك البيت لأتفه الأسباب إلى بيت أهلها تاركة خلفها ثلاثة أطفال، أصغرهم رضيع، كنت أترك عملي وأبقى معهم تجنبا للفضيحة، لأن المحيط القريب بالعائلة لا يتفهم أنني أخاف على أبنائي الثلاثة ولا أريد لهم أن يعيشوا ما عاش أخواهم من زوجتي الأولى تجربة الطلاق والتشتت بين بيتين، ويتهمونني بسوء التصرف وانعدام الرجولة، ولا يقدرون خوفي على أولادي، وعدم تجاوبها وقبولها بحياتها الحالية، يتهمني أخي المسافر بالضعف، نعم أنا ضعيف لحماية طفلتاي وطفلي من الطلاق ومن أم لا تخاف عليهم، أرى الطلاق سهل لجهة انفصالي عن زوجتي أمهم، لكنه صعب كحل لحمايتهم، وهذه تجربتي الثانية بزواج غير مستقر».
مدمر العائلة رجل وامرأة أيضا
الحالات التي ذكرتها ليست الوحيدة بين يدي، لكنني لم أحصل على نسبة بسبب قلة رصد العنف الأسري عامة، والعنف ضد الأزواج خاصة، القضية تحتاج الاهتمام والدراسة، لأن البدء بكسر الصمت حولها ربما يؤشر إلى تفاقم أسبابها المتعلقة بالوضع المعيشي والتنشئة الأسرية للأزواج والزوجات، أو ربما بتطور الاهتمام بحقوق كل أفراد الأسرة، بعد أن كثر الحديث عن حقوق كل من المرأة والطفل، أو قد تكون نتائج الحرب فاقمت المشاكل الاجتماعية برمتها.
اقرأ أيضاً: جيل المساواة.. الرجال أيضاً يبكون – لينا ديوب