العائدون إلى الرقة .. لم يكن باستقبالهم “هارون الرشيد”
فاطمة محمد: إنني على استعداد أن أبني خيمة داخل منزلي المدمر، ولا أرحل عنه مرة أخرى
سناك سوري – الرقة
لم تكن رحلة العودة لعدد من العائلات “الرقاوية” مفروشة بالغار، بعد سنوات من التشرد، والبحث عن الأمان المفقود، فهول ما رأوه من تهديم ودمار وفواجع، جعل قسماً منهم نادماً، وقسماً آخر يبحث عن مكان جديد لسنابك خيل “هارون الرشيد” التي مرت يوماً ما من هنا.
“التعفيش” على قدم وساق.. ورائحة الجثث تزكم الأنوف
في مدينة “الرقة” (الأَرضُ التي يصيبها المطرُ في القيظُ فتُنبتُ فتكونُ خضراءَ) لم تكن الحياة رقيقة كما توقع الشاب “حسين هلال” في حديث لـ سناك سوري عندما قرر العودة، حيث يتوضع بيته في القسم الغربي من المدينة المهدمة، ولم يجد منه سوى الجدران، وصاروخين لم ينفجرا داخله، وقال: «أغلب الذين عادوا، أصيب بصدمة كبيرة من حجم الدمار الهائل، الأبنية مهدمة في كل مكان، والغبار يملئ المدينة نتيجة عدم توفر المياه في معظم أنحائها، حيث يتم شراء مياه الشرب من الصهاريج التي تدور في الحارات.
وتنتشر هنا ظاهرة سرقة البيوت التي سلمت من الدمار، وخاصة سرقة الأبواب والشبابيك، وهناك ورشات متخصصة تدور في الأحياء للسرقة، حتى الأسلاك الكهربائية لم تسلم منهم. ولا زالت السواتر الترابية منتشرة بكثرة في الشوارع الرئيسية.
كذلك تنتشر في بعض الأحياء روائح كريهة، ولاتزال بعض الجثث تحت بعض البنايات المتهدمة، وقد تحولت الحدائق إلى مقابر جماعية.
ورغم ذلك كله، يحاول البعض ممن لم تتضرر بيوتهم بشكل كامل، إصلاح ما تيسر، لكنهم يصطدمون بالأسعار الخيالية لأصحاب المهن المتعلقة بالإعمار، من حدادين ونجارين وغيرهم، ويجب عليك أن تحجز بشكل مسبق حتى يأتيك الدور».
إقرأ أيضاً 40 خيمة للنازحين في الرقة هل تعوضهم عن بيوتهم المدمرة؟
القسم الشرقي للتجارة .. والغربي للحسرات
وعن الخدمات المتوفرة أضاف “هلال” خلال حديثه مع سناك سوري: «الكهرباء غير موجودة، لكن تم الاستعاضة عنها بتركيب مولدات في بعض الأحياء، وخطوط الهاتف مقطعة، وتم قبل أيام افتتاح أكثر من محل للإنترنت في منطقة “المشلب” شرقي المدينة، ولكن أسعارها خيالية، حيث تبلغ قيمة الساعة الواحدة ألف ليرة سورية. وتحولت هذه المنطقة الآن إلى المركز الرئيسي للمدينة من حيث افتتاح المحلات ومكاتب السفريات، ونتيجة لذلك ارتفعت قيمة الإجارات للمنازل الصالحة للسكن والمحلات التجارية إلى أرقام كبيرة.
باختصار مدينة “الرقة” مقسمة إلى قسمين شرقي المدينة، وفيها حركة، وتجمع سكاني، لأن الدمار قليل فيه، وغربي المدينة حيث الدمار كبير، وعكوف الأهالي عن العودة إليه حتى يتم تنظيف الشوارع، وإزالة الأنقاض. وبشكل عام تنتظر أغلب العائلات قدوم فصل الصيف، وحل مشكلة عودة المياه».
إقرأ أيضاً الأمم المتحدة تنصح المدنيين بعدم العودة إلى الرقة
هل تغني الذكريات عن الذين رحلوا؟.
بالرغم من سوء واقع الرقة إلا أن هناك من يفضل العيش فيها كما هي على النزوح، تقول “فاطمة محمد” العائدة إلى المدينة بعد هجرها لسنوات: «إنني على استعداد أن أبني خيمة داخل منزلي المدمر، ولا أرحل عنه مرة أخرى، فهنا كل ذكرياتي. ورغم أنه مدمر، وبحاجة للإصلاح، إلا أنني هنا ربيت أبنائي، وهنا سأبقى».
وكانت الرقة قد حررت من داعش أواخر العام الماضي على يد قوات سوريا الديمقراطية مدعومة من التحالف الدولي بقيادة أميركا، إلا أن تحريرها أسفر عن دمار كبير جداً يقدر بحوالي 80% منها.
المجلس المحلي كان قد علق سابقا ًعلى الأمر بالقول «الرقة دمرت لكي يبقى الإرهاب بعيداً عن واشنطن وأوروبا».
اقرأ أيضاً: مجلس الرقة: أميركا دمرت مدينتنا ليبقى الإرهاب بعيداً عنها