الصحة النفسية بأهمية الغذاء لكن لا أحد يعيرها اهتماماً- ناجي سعيد
السياحة في مخيمات النزوح!
تنقسم شخصيّة الإنسان بشكل عام وبحسب الفلاسفة إلى جسد وروح. وبمعنى آخر، جانب مادّي وجانب معنوي، وبما أن المعنوي أو الروحي، هو الجانب المتعلّق بالقيم والمواضيع الإنسانيّة، فهذا ما يُبعده عن فهم الناس عامّةً.
سناك سوري-ناجي سعيد
وهذا ما جعل ابراهام ماسلو عالم النفس الأميركي، بوضع الحاجات المعنويّة بقمّة الهرم. وجعل القاعدة أي أسفل الهرم، مخصّصة للحاجات الفيزيولوجيّة. والقاعدة المُتّسعة ترمز على ما يبدو إلى القاعدة الشعبيّة الأوسع التي تتفاعل مع هذه الحاجات.
ففي الأزمات والحروب، حين يهرع الناس إلى البحث عن الأمان والسلامة، يبحثون فورًا عن المأكل والمشرب، والمُستغرب أنّنا صادفنا في أحد مخيّمات النزوح أثناء إحدى الحروب المشؤومة. وكنّا قد أمنّا غرفًا في إحدى المدارس، لكلّ عائلة غرفة، أنّ المتزوّجين، وتحديدًا العرسان الجُدد، طلبوا “واقي ذكري”.. وإنّ دلّ هذا على شيء، فبالطبع يدلّ على تركيز الناس على تلبية حاجاتهم الفيزيولوجيّة، وكأنّهم تركوا بيوتهم قسرًا. للسياحة في مخيّمات النزوح!! فالذهاب إلى العيادة يقتصر على معالجة الصداع، ووجع البطن، وآلام الظهر، والإسهال. ولا أحد يعير اهتمامًا أو انتباهًا إلى الصحّة النفسيّة التي تعرّضت إلى أزمة لمجرّد الابتعاد عن بيتك وغرفتك وسريرك!!.
اقرأ أيضاً: هكذا تدخل “الشيطان الشاطر” وشوّه معنى الهدية – ناجي سعيد
فمشكلة الوعي التربوي تبدأ من النية على الزواج والارتباط بعد قصّة الحبّ التي يعيشها أيّ ثنائي. فالثنائي وأهلهما يُركّزون على “المهر” وثروة العريس والجاه والنسب والحسب، دونما السؤال عن وعيه التربوي، حتّى لو كان يحمل شهادة من أكبر الجامعات في العالم!.
قد يعاني العريس مشكلة نفسية تجعله يعاني اللاإتّزان النفسي، فيتحكّم بزوجته باسم التقاليد الاجتماعيّة الباليّة. التي تعطي الغلبة للذكر على الأنثى.
وبداية المشكلة تكمن في مراحل النمو، فحين ينتقل الطفل إلى مرحلة البلوغ والنضوج، لا يعير الأهل الاهتمام إلى أنّ النموّ الجسدي يزيد حاجة ضروريّة للوصول إلى الإتّزان، وهي الحاجة إلى الجنس. وعالج الدين هذه المشكلة وضبطها إجتماعيًّا، بأن يقرّر الأهل تزويج ابنهم البالغ، لابنة عمّه. وهي لا زالت طفلة بحسب المعايير العالمية لحقوق الطفل والإنسان (الطفل من عمر صفر إلى 18).
اقرأ أيضاً: عُنف تغيير الهوية – ناجي سعيد
وقرار الزواج إلزامي عند بعض الأهل الذين قرّروا أن ابنتهم صارت إمرأة عند بروز نهدين صغيرين!. والكارثة تكمن في تحمّل طفلة وطفل تربية طفل آخر، دون علم الأهل بأن الأطفال المحكوم عليهما الزواج بحاجة ماسّة إلى رعاية نفسية. حتّى قبل الحكم عليهما بالزواج قسرًا.
وقد يكون الأهل بدورهم مرّوا بظروف قاسية (كالحروب والتهجير) وبحاجة للاهتمام بصحّتهم النفسيّة. ومن قال أن الرعاية النفسية للمجانين؟. يعتقد الناس بأنّ المجنون، هو إنسان مختلّ عقليًّا، وقد أُطلقت الحكومات عليه رسميًا مصطلح: فاقد الأهليّة! ويبدو لأنه قد خالف قرارات أهله الظالمة.
أعمل في جمعيّة ألمانيّة، ويخضع موظّفوها الأجانب (فقط) بشكل أسبوعي إلى جلسة يُطلقون عليها اسم : كوتشينع coaching، ولا أعلم لماذا يستثنون الموظّفين المحلّين والعرب. هل لأنهم يعتقدوننا معتادين على الأزمات؟ مع العلم بأن صوت إنفجار 4 آب القريب من بيتي في بيروت. أرجعني إلى سنوات حرب عانيت خلالها وسبّبت لي حوالي الثلاثة عشر تهجيرًا من بيتي!.
لن أتحدّث عن الذكريات الأليمة التي أعالجها بممارسة التأمّل وسماع الموسيقى فقط، بل أودّ أن أعرض وبحسب مرجع علمي (أطبّاء بلا حدود) رسمًا يُظهر ما الذي يحصل حين يواجه أي إنسان يعيش في ظروف عادية (أمان وإستقرار) مشكلة عاديّة:
هـ- أثر المشاكل الفردية على الصحّة النفسية:
مشكلة
أواجه لا أواجه
طريقة لاعنفيّة طريقة عنفيّة تغاضي تكيّف
1-رابح- رابح رابح – خاسر استسلام
2-استسلام/خضوع
وتخيّلوا حجم المستوى النفسي لأناسٍ لايواجهون مشاكلهم بطريقة صحيحة ولا عنفيّة! فالسائد في مجتمعاتنا أمران: إمّا خاسر أو رابح.