السيناريو السوري .. الواقع يهزم الدراما في تصوير المأساة
ماذا لو نام السوري عام 2011 وصحا عام 2023؟ .. القدر كتب لنا السيناريو الأسوأ
تنافست الدراما السورية خلال عهود مضت على إنتاج السيناريو الأفضل، فيما كان الواقع السوري يتحضر لإنتاج السيناريو الأكثر مأساويةً وألماً وواقعية.
سناك سوري _ زياد محسن
وعلى الرغم مما جادت به قريحة المؤلفين في الأعمال الدرامية السورية عاماً تلو آخر. إلا أن الواقع الملموس كان أكثر تراجيدية وخيالية حتى.
ماذا لو فكّرنا بسيناريو من نوع آخر؟ أن ينام سوريّ في عام 2011 ويستيقظ عام 2023. يغفو حين كان قادراً على شراء قوت يومه بما لا يتجاوز 1000 ليرة ويصحو حين أصبحت الـ 100 ألف لا تساوي شيء.
سيصحو السوري في السيناريو الذي كتبه له القدر على بلاد مدمرة. نهشتها الحرب بما يكفي وحاصرتها العقوبات الغربية، وتحولت إلى مناطق نفوذ تتنازعها السياسات والانقسامات. بينما كان نائماً على بلدٍ واحدة جلَّ همها أن تمضي يوماً آخر بسلام وتؤمّن مستقبلاً أفضل لأبنائها الحالمين بالغد.
لقد تحولت البلاد ذات حرب في السيناريو السوري إلى مزرعة للعنف. باختلاف مسمّيات أصحاب النفوذ على الأرض وانتماءاتهم، فيما دفع السوريون المدنيون ثمن ذلك من أعمارهم وحيواتهم، وقدّموا حتى أرواحهم ثمناً لذنبٍ لم يرتكبوه، بكونهم ولدوا على هذه الأرض التي شاءت ذات 2011 أن تشتعل خراباً.
معظم الذين خاضوا تجربة الاعتقال وصفوا السجن بأنه جحيم. وقد بدا دخوله أشبه بعقاب سماوي. إذ لا بدّ لمن يكفر بدينِ الجهة صاحبة السطوة والسلطة على مكان تواجده أن يدخل ذلك الجحيم، وإما أن يصمت عن انتهاكاتها وجرائمها تجنباً لذلك، في حين يدفع أولئك الذين صرخوا في وجه الظلم، ثمن الصمت المطبق من الذين خافوا الجحيم فصمتوا عنه.
مرّت سنوات طويلة على سوريين بالآلاف تحوّلوا لمجرد أرقام. مجهولي المصير ومفقودين ومعتقلين وأسرى ومخطوفين. اختلفت مسمّياتهم ومصيرهم واحد هناك في عتمة الظلم بينما يواصل الآخرون حياتهم وكأن شيئاً لم يكن.
إن صحوة السوري بعد 12 عاماً من الغيبوبة في الحرب ستريه أي سيناريو انقلبت إليه البلاد. وأي تراجيديا عاشها السوريون لا تطالها دراماهم ولا خيالاتهم.
هذه البلد التي كانت آمنة وادعة تحولت إلى السيناريو الأسوأ. خاضت ما لم تتخيله في أسوأ كوابيسها، وأصبح الموت جزءاً يومياً من حياتها. لكنها رغم كل شيء واصلت بأعجوبة تلك الرغبة والقدرة على التقاط الأنفاس من كل ذاك الضيق. واختراع الأمل من زحمة اليأس، ووعدت نفسها بغدٍ ما ينتشلها إلى نهاية سعيدة كما يحدث في فيلم سينمائي يحضره عاشقان في المقاعد الخلفية.