أخر الأخبارالرئيسيةشباب ومجتمع

الدروس الخصوصية… لم يبق إلا تأمينها مع “ديارة” الأطفال!!

“أسمر”: تمكين المعلم والمعلمة الخطوة الأولى لتراجع الدروس الخصوصية

سناك سوري – لينا ديوب

يبدو مستغرباً أن يزداد يوما بعد آخر إقبال طلاب وطالبات المرحلة الأولى من التعليم الأساسي على الدروس الخصوصية، أو على المعاهد التي تساعد على إنجاز الواجبات المدرسية، هل تخلى كل من الأهل والمدرسة عن دوريهما في تعليم الأبناء الصغار؟ أم أن المناهج الجديدة لم يتوفر لها البيئة الصفية الملائمة؟ وما انعكاس ذلك على موقف الطفل من التعليم؟

ترفض “هناء” (صحفية في العقد الخامس) أن تلجأ في تعليم ابنيها إلى الدروس الخصوصية، بل هي من تدرسهما، رغم الجهد المضاعف الذي تتحمله لأنها أم عاملة، كما تتحمل الضغط النفسي، وتعمل لتخفيفه عن طفليها كما تقول لـ سناك سوري، بسبب كثافة الاختبارات وانشغال الطلاب بتنفيذ المشاريع، أما “حنيفة” (ربة منزل في العقد الخامس) فترسل ابنتها لمعلمة اللغة الإنكليزية لأنها لا تستطيع تدريسها، فمنهاج الصف الثالث الابتدائي صعب عليها كما تقول.

اقرأ أيضاً: تمهلوا قليلاً.. النجاح لا يعني الكثير من البذخ في الدروس الخصوصية!

جزء من حاجة التلاميذ للدروس الخصوصية ناجم عن تغييرات في المناهج والمدرسين وفقاً لـ “يارا” وهي مدرّسة في ضاحية الأسد شمال “دمشق”، تقول “يارا” (29 عاما) في حديثها مع سناك سوري:«لا شك إن الاعتماد على المجموعات الطلابية في التدريس بشكل غير ناضج بعد تغيير المناهج، أثر بقدرتهم على إنجاز واجباتهم اليومية، فهي تأخذ جزء كبير من وقتهم بالمدرسة، والمعلومات في الدرس عامة تحتاج لمزيد من الجهد من المعلم أو المعلمة لأنها تعتمد على البحث والربط ومن ثم الاستنتاج، والمعلمة تتقيد بدليل التعليم الذي بين يديها، وهذا ما يجعل الطالب يحتاج للمساعدة خارج المدرسة، لكن ليس في المرحلة الأولى من التعليم الأساسي حيث يمكن للأهل تدريس صغارهم، إلا أن الملاحظ بعض الأهل يعتمدون على معلمة خارج المدرسة حتى لتسميع درس علوم أو ديانة أو يطلبوا أن أعلم ابنهم أو ابنتهم القراءة، علماً أن الأمهات متعلمات وتعليم الحروف والقراءة ليس بالأمر الصعب».

إرهاق مالي للأهالي

تشكل الدروس الخصوصية عبئاً مالياً على الأهالي الذين أقدم بعضهم على سحب قرض من مصرف التسليف وصلت قيمته لـ 400 ألف ليرة من أجل دفع تكاليف الدروس الخصوصية لأحد أبنائهم المقبلين على التقدم للشهادتين الإعدادية أو الثانوية.
بعض المغتربين عملوا على المساعدة للحد من هذه المشكلة بالتعاون مع المدارس كما حصل في السويداء التي تبرع فيها مغتربون بمبلغ من المال لمدرسة قرية “أم الزيتون”، حيث تم توفير دروس للطلبة ضمن المدرسة الحكومية بعد الدوام الرسمي لتلبية احتياجاتهم.

اقرأ أيضاً: قرية في السويداء تتخلص من الدروس الخصوصية

المشكلة في قلة رعاية الأهل لأبنائهم

ألا يكفي الطفل الساعات التي قضاها داخل مدرسته؟ ليعود إلى الدرس مرة جديدة خارجها وفي بيته أو بيت إحدى المعلمات؟ ألا ينفر من التعليم وتتأثر شخصيته قيد التشكل؟ يتساءل الدكتور “حليم أسمر” من كلية التربية في جامعة حلب والمشارك في مؤتمر التطوير التربوي الذي عقدته وزارة التربية السورية قبل أيام في دمشق.
“أسمر” يضيف في حديثه مع سناك سوري حول موضوع الدروس الخصوصية قال إنه:«يفيد الطفل إذا كان محاطاً برعاية واهتمام من قبل الأهل، ويصبح الدرس الخصوصي قيمة مضافة للطفل إذا كان الأستاذ متخصص وبوجود علاقة تدريسية سوية وسليمة، لكن المشكلة إذا لم يكن هناك رعاية وتربية أهل، هنا نضع علامة استفهام حول الدروس الخصوصية، حيث يمكن أن يدور أحاديث وتثار قضايا تبعد الابن عن قيم الأهل لأنه بمرحلة تنشئة تحتاج لأهل، وهذا يفصح عن تقصير الأهل من جانب وخلل في المنظومة التعليمية من جانب آخر، صحيح أن المناهج تطورت رغم الأخطاء وتحاول أن تنحو المنحى العالمي باتجاه الفهم وليس التلقين والحفظ، بالمقابل غرف الصف تعاني من اكتظاظ، حيث لا يمكن للمعلم أو المعلمة تيسير عمل مجموعات وحوار وبحث عن مشكلات لستين طالب في غرفة صف واحدة، فيجد الطالب صعوبة، لكن لا تبرر تحول الدروس الخصوصية إلى موضة وتقليد وإن كانت لا تخلو من بعض التنافس».

اقرأ أيضاً: مجانية التعليم في سوريا وتحديات غلاء المستلزمات

تنظيم الأسرة

وعن تغيير هذا الواقع يقول أسمر: «الاتجاه المعاكس للدروس الخصوصية أن نعمل على تمكين المعلم والمعلمة، بزيادة الراتب وإعادة اعتبارهما بالحياة وكرامتهما، تمكين المعلم هو البداية للقضاء على الدروس الخصوصية، والاهتمام بالمدرسة كأهم مؤسسة لتنشئة الجيل وتعليمه، بالإضافة إلى توعية الأهل وترسيخ المفهوم الصحيح لتنظيم الأسرة وهو ليس الإنجاب فقط، وإنما القدرة على التربية والقرب من الأبناء في المراحل المبكرة والتي يكونون فيها بحاجة الأهل».

ظاهرة تجتاح الريف والمدينة

سناك سوري كان قد أجرى في وقت سابق استبياناً في محافظة السويداء شمل الريف والمدينة واختار عينة بحث من 200 طالبة (100 ريف، 100 مدينة) ضمن مدرسة واحدة في الريف وأخرى في المدينة، حيث كانت نسبة التلاميذ الذي يتلقون دروس خصوصية في الريف 71% بينما وصلت في مدارس المدينة إلى 74%، وكان لافتاً أن نصفهم يتابعون مع مدرس الصف نفسه، والباقي بين مدرس متابعة وطلاب جامعة، و40% منهم يتابعون دروس في كل المواد!.

اقرأ أيضاً: “دروس المتابعة” تقضي على عملية التعلم.. حشو صباحي ومسائي وتلقين ببغائي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى