الحوار السوري التركي .. دمشق مصرّة على شروطها وأنقرة تترقّب الانتخابات
روسيا طلبت تأجيل الاجتماع الرباعي .. وتركيا تنتظر موعداً جديداً
أظهر الرئيس السوري “بشار الأسد” موقفاً واضحاً تجاه اللقاء مع نظيره التركي “رجب طيب أردوغان”. لإعادة العلاقات إلى طبيعتها بين البلدين الجارين.
سناك سوري _ دمشق
وخلال زيارته الأخيرة إلى “موسكو”. كان “الأسد” واضحاً في موقفه الرافض أي بدء في مسار الحوار مع “أنقرة” قبل الانسحاب العسكري التركي من الشمال السوري. الأمر الذي يعدّ عقدة أساسية في المفاوضات بين الجانبين.
وبينما تزايد الحديث عن ارتباط زيارة “الأسد” إلى “روسيا” ولقائه بالرئيس “فلاديمير بوتين”. بملف إعادة العلاقات السورية التركية عبر وساطة روسية. فإن الموقف السوري لم يتغير بعد الزيارة عمّا كان عليه قبلها. إذ اعتبرت “دمشق” أن خطوة الانسحاب هي الفاتحة الرسمية للخوض في المحادثات مع الأتراك. وأنه لا وجود لحوارٍ دونها.
على الجانب التركي. فإن “أردوغان” كان قد استعجل في خوض مسار إعادة العلاقات. قبيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة والمقررة في أيار القادم. لا سيما وأن خصم “أردوغان” المباشر في السباق الانتخابي زعيم حزب “الشعب” الجمهوري “كمال كليتشيدار أوغلو”. كان قد سبق “أردوغان” في إعلان نيته التقارب مع الحكومة السورية رسمياً بحال فوزه في الانتخابات.
اقرأ أيضاً:عبد اللهيان من أنقرة إلى جبلة .. مساعٍ لإحياء العلاقات السورية التركية
هذا التزاحم على فتح أبواب الحوار مع “دمشق”. جعل العلاقة مع “سوريا” ورقة انتخابية مطروحة أمام الشارع التركي. الذي على ما يبدو بات مقتنعاً بأن الحل الوحيد لتخلص بلاده من عبء الملف السوري لا سيما بما يخص اللاجئين. لن يكون إلا بالحوار مع “دمشق” والتنسيق معها.
هذه النقطة فهمتها “دمشق” جيداً. ما دفعها لوضع شروطها بوضوح على الطاولة. فهي ليست متعجّلة لمنح “أردوغان” مكسباً انتخابياً دون مقابل وازن على الأرض. يتمثل بالانسحاب من الشمال السوري. إلا أن الرئيس التركي واجه إثر ذلك معضلة حقيقية تتمثل بمصير الفصائل التي دأبت حكومته على دعمها وتمويلها طوال السنوات الماضية. ما يجعل من التخلي عنها ثمناً باهظاً بالنسبة له. لا يريد دفعه أيضاً دون مقابلٍ مضمون.
في حين. قد تتغيّر مواقف “أردوغان” وتوجهاته الحالية في مسار إعادة العلاقات مع “دمشق”. في حال فوزه في انتخابات الرئاسة القادمة دون أن يقدّم تنازلات لـ”سوريا” كالانسحاب العسكري. الذي يريده ورقة تفاوضية في مسار الحوار. وتريده “دمشق” شرطاً مسبقاً للبدء في التفاوض.
وفي هذا السياق. فإن الاجتماع الرباعي بين نواب وزراء خارجية “سوريا” و”تركيا” و”روسيا” و”إيران” الذي كان من المقرر عقده في 15 و16 آذار الجاري. في “موسكو” كما أعلن الجانب التركي. لم ينعقد ما يؤكد الإصرار السوري على عدم رفع مستوى المحادثات قبل الحصول على ورقة الانسحاب الميداني.
وزير الخارجية التركي “مولود تشاووش أوغلو” أكّد اليوم أن الجانب الروسي أجّل الاجتماع الرباعي. مرجّحاً أن القرار بذلك كان مشتركاً بين “موسكو” و”دمشق”. لكنه قال أن الاجتماع سيعقد لاحقاً وقد وافقت “أنقرة” على ذلك وتنتظر تحديد الجانب الروسي لتاريخ الاجتماع. نظراً لأن “روسيا” هي من ستستضيفه.
جميع المؤشرات السابقة توحي بأن التحفظ السوري على عدم الاستعجال في الانفتاح على “أنقرة”. يقابله حماسة من “أردوغان” لقطف ثمار التلاقي مع “دمشق” قبل أن يخسر تلك الورقة على يد المعارضة المنافسة له. لكنه لا يريد أيضاً أن يقدّم لـ”سوريا” انسحاباً لا يضمن إذا كان مكسباً له أو خسارة. ما سيجعل المسار بشكل كامل معلّقاً إلى ما بعد ظهور نتائج الانتخابات التركية المقبلة في أيار. بحيث سيكون الرئيس القادم سواءً كان “أردوغان” أو “كليتشيدار أوغلو” جاهزاً لإعادة ترتيب أوراقه. وبناء استراتيجية واضحة للعلاقة مع “سوريا” على المدى البعيد.