الرئيسيةرأي وتحليل

الجبهة الوطنية تقدمية لكن بلا مشاركة للنساء – لينا ديوب

تهميش مشاركة المرأة عنف سياسي ضدها

ربما من غير قصد، عكست الصور التي نشرتها صفحة الجبهة الوطنية التقدمية على صفحتها في الفيس بوك، باحتفالها بذكرى تأسيسها الخمسين، الصورة الواقعية لتمثيل النساء السوريات في الحياة السياسية، حيث طغى حضور الرجال في تلك الصور، صفوف متراصة من ممثلين رجال عن أحزاب الجبهة، باستثناء صورة واحدة لسيدة في الصف الأول من الكراسي المعدة للاحتفال، وظهور نادر في مجمل الصور.

سناك سوري-لينا ديوب

يبدو مستغربا ذلك الإغفال للحضور النسوي حتى لو من باب الاستعراض لإظهار تقدمية تلك الأحزاب وموقفها من مشاركة المرأة، لأنه حتى الحكومات غير الجدية بإشراك النساء، تترك مكانا للنساء في بعض الوزارات ومقاعد البرلمان لتصدر صورة تعبر عن حالة ديمقراطية في مسيرة بناء المجتمع.

ورد في الدستور السوري الصادر عام 2012 مادتان متعلّقتان بحق المرأة بالمشاركة، الأولى “المادة 23: توفّر الدولة للمرأة جميع الفرص التي تتيح لها المساهمة الفعالة والكاملة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتعمل على إزالة القيود التي تمنع تطورها ومشاركتها في بناء المجتمع”، و”المادة 33 – 3: المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة”. لكن ما نراه على أرض الواقع لا يعكس ما نص عليه الدستور.

إن ضعف المشاركة السياسية له أسباب كثيرة جزء منها يعود لغياب حياة سياسية حقيقة وأن تلك المشاركة تقوم على مبدأ المحاصصات والتوافقات أكثر من اعتمادها على الكفاءات، وهذا يحرم النساء من حق منحه الدستور، لكن ما أود التركيز عليه أن هذا الحرمان هو عنف سياسي ضد المرأة لأنه منعها من دخول الحياة السياسية لكونها فقط امرأة، هو عنف مبني على الهوية الجندرية، حيث أنه يستهدف النساء بالتحديد كفاعلات سياسيات برلمانيات، عضوات المجالس المحلية، سياسيات، نسويات، ناشطات, حقوقيات، صحفيات، نقابيات، وذلك بهدف ثنيهن عن ممارسة حقوقهن السياسية وتقييد مشاركتهن، أو منعهن من التأثير في الحياة العامة، سواء كأفراد أو مجموعات نسائية.

اقرأ أيضاً: حقوقنا بالدستور منقوصة.. سوريات يُردن دستوراً منصفاً للنساء

هذا النوع من العنف يظهر جليا في المشاركة السياسية، في الوصول إلى الأحزاب، إلى البرلمانات، وهو يستحق المزيد من العمل للإضاءة على مختلف جوانبه، يبقى من المفيد عند الحديث عن المشاركة السياسية البحث في عوائق وصول النساء أكثر من الحديث عن مجموعة أرقام لعدد الوزيرات أو عضوات مجلس الشعب أو القاضيات وغيرها من الأرقام.

إن السؤال موجه إلى مختلف أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية عن غياب النساء رفيقات النضال، عن سبب ذلك الغياب، عن الحياة الديمقراطية التي يناضلون لبناء المجتمع وفقا لها، وعن تطبيق الدستور.

الصورة التي تغيب عنها النساء، لا تنفي قصص النجاح للسوريات في المجالات السياسية وليس من الضروري التذكير بأسماء كثيراتٍ ذات تأثير وليس من الضروري التأكيد على أنّ المرأة في السياسة العالمية أكثر من ناجحة، أو التأكيد على أن وجود المرأة تاريخياً في مراكز القيادة والحكم هو دليل على قدراتها، وليس من داعٍ للتذكير بزنوبيا وكليوباترا وبلقيس، اللواتي حكمن امبراطوريات وممالك شاسعة، بسبب قدراتهنّ السياسية والقيادية الباهرة.
إذا كانت الجبهة الوطنية التي تسمى “تقدمية” لا تحقق أدنى تمثيل للنساء كيف يمكنها أن تكون تقدمية، علماً أن التمثيل الذي تطالب به المناضلات النسويات وتنص عليه بعض الاتفاقيات الدولية يتحدث عن تمثيل لا يقل عن 30% في العمل السياسي.

اقرأ أيضاً: النساء في السياسة لسن دائما ضحايا

زر الذهاب إلى الأعلى